سيكولوجية الجماهير: غزة وبيع الوهم
بقلم الدكتور سدي علي ماءالعينين
كنا يافعين حين حلت أزمة الخليج و الاجتياح الامريكي للعراق، يومها قيل لنا أن من علامات انتصار صدام حسين ان كل من فتح القرآن الكريم على سورة البقرة سيجد بها شعيرة ( زغبة ديال الشعر ) !!!!
صدق كثير منا هذا الوهم والوعد بالانتصار حين وجد كثيرون الشعيرة في المصحف بين صفحات سورة البقرة.
الحكاية وما فيها ان سورة البقرة اطول سور القرآن الكريم وطبيعي ، واحتمال كبير ،ان تسقط شعرة من رأس قارئ القرآن . هذا كل ما في الامر .
عندما وقعت نازلة دخول حماس الى مناطق تحت الاحتلال الاسرائيلي، تم تسويق الأمر على انه انتفاضة الاقصى. قلنا ساعتها إن الامر في حقيقته عملية فدائية ضد المحتل الغاشم، و نتائجها ستكون باهظة على الفلسطينيين العزل امام كيان دموي لا يعرف غير لغة القصف .
اتهمونا بأننا مطبعون خونة و انهزاميون .
واقع الحال اليوم بعد أسابيع دامية في قطاع غزة يظهر حجم الخسائر، فمليون فلسطيني هدمت بيوتهم وتم تهجيرهم قصريا الى الخيام في الجنوب في واحدة من المآسي الإنسانية تنضاف للاجئين السوريين الذين نسيتهم الجماهير على حدود تركيا .
الدبابات الإسرائيلية تتجول وتخترق القطاع و كل يوم تتقدم في العمق ووصلت إلى الجنوب. هذه حقيقة لا تفند ما يصدر من بيانات عن ما يلحقه رجال المقاومة من خسائر في العتاد و جنود الاحتلال .
لكن هل هذا يعتبر كافيا للحديث عن انتصار موعود ؟
مؤكد ان الحقيقة المؤلمة ان الاحتلال ماض في مخططه اثناء إعلان الحرب بطرد حماس من غزة .
وفي نفس الوقت نؤكد بلا خطابات بيع الوهم ان المقاومة حتمية يفرضها تواجد الاحتلال، وكلما كان هناك مستعمر، كلما كانت هناك مقاومة. اليوم حماس وغدا كل الشعب الفلسطيني…
قناة الجزيرة لازالت تبيع الوهم لمتتبعيها، ويكفيك القيام بجولة في مختلف القنوات الإخبارية العالمية لتتكون عندك صورة واضحة عن مختلف الروايات والوقائع والقراءات.
قلوبنا مع الضحايا، ودعواتنا للشهداء بالرحمة. ولو كان الدعاء يكفي للانتصار فنحن في كل صلواتنا ندعو الله ان ينصر كل مظلوم على كل ظالم.
لكن عقولنا لا تجعلنا نغمض أعيننا عن الواقع الذي يرسم تفاصيل مأساة إنسانية ابطالها أشلاء الاطفال والنساء، وعنوانها إبادة جماعية وجريمة حرب مهما كانت انتصارات حماس في اشتباكات قد تؤلم الكيان الاسرائيلي لكنها لن تقتله ولن تقضي عليه ولن تحرر الارض.