الدار البيضاء: عندما كانت الخزانة البلدية، بشارع الجيش الملكي

الدار البيضاء: عندما كانت الخزانة البلدية، بشارع الجيش الملكي
شارك

علال بنور.

  شكلت المكتبة البلدية التي كانت تابعة آنذاك للبلدية – التي ستعرف فيما بعد بالمجموعة الحضرية، واليوم هي مجلس المدينة- والتي كان مقرها بشارع الجيش الملكي منذ السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي. قبلة للتلاميذ والطلبة والأساتذة والباحثون ملجأ للقراءة والثقافة، باعتبارها، كانت الخزانة الوحيدة بالمدينة، قبل أن تظهر فيها نواة الجامعة بكلياتها باستثناء كلية الحقوق والعلوم الاقتصادية، التي كان مقرها معروفا ب (CTM).

  كانت الخزانة تتوافر على قاعة للمطاعة، تتضمن جناحين للكتب، جناح خاص باللغة العربية وآخر خاص باللغة الفرنسية، وفي أسفل الخزانة، توجد قاعة مسرح شاسعة للعروض المسرحية والندوات الثقافية. كان للخزانة قانون داخلي، للولوج إلى قاعتها يلزم الصمت باعتبارها مكان مقدس، والشرط الثاني، التوافر على بطاقة الانخراط بمساهمة مالية سنوية رمزية، والشرط الثالث كل طالب من حقه استعارة كتابين لمدة 15 يوما.

  كلا الجناحين كانا يتوافران على كل أنواع التخصصات من الكتب بلغتيها العربية والفرنسية. كان الجناح الفرنسي، يتوافر على ذخائر من الكتب التاريخية والسوسيولوجية والجغرافية والاثنولوجية ودراسات البعثات الفرنسية وكتب الرحلات، هذه الذخائر بأسماء كتابها المعروفين عند المؤرخين والباحثين المغاربة اليوم، والتي في أغلبيتها لم تعد تطبع وتنشر، لذلك، نتعبرها مصادر دفينة.

  كما كان الجناح الفرنسي يتوافر على خزائن نادرة من المجلات والجرائد، مصنفة في شكل مجلدات، ترجع إلى مرحلة الغزو الإمبريالي للمغرب ما بين سنتي 1900 و 1955 ، وبعضها استمر في الإصدار إلى حدود أواخر السبعينيات، وبعض المجلات بقيت في وضعية الإصدار إلى حدود اليوم، مثل مجلة جغرافية المغرب ومجلة هسبيريس تامدا المتخصصة في تاريخ المغرب .

  في هذا الصدد، أسوق بعض النماذج للجرائد والمجلات، منها التي في أغلبيتها كانت تطبع في المغرب مع بداية العشرينيات من القرن الماضي:

La vigie Marocaine – Le Petit Marocain – Réveil du Maroc – Le siècle –   L’Aurore – La liberté – Le temps – L’Humanité – Le Maroc soir – La Presse -La Dépêche colonial – Le courrier du Maroc –L’éclaireur Marocain–Journal du Maroc.

   أما بالنسبة للدراسات، كما أشرنا سابقا، فهي متعددة التخصصات، تجمعها قضية واحدة، هي التمهيد للاستعمار الاقتصادي والعسكري.  نظرا لكثرتها سنقتصر فقط على نذكر أسماء الباحثين منهم:

-هنري دو كاستري – شارل دو فوكو – اندري شوفريون – جاك بيرك – اندريان جاك فولي – ادموند دوتي – أوغست موليراس – اندري آدم – جورج فيذالونك – هبير جاك – جورج روني أني – شانتال دو لفيرون – جون بيشون – جاك مورديل – جاك روبير – كولونيل جيستينار – هنري بوردو – جنرال دي شون – جاك كيي – ميشال دو لفارد.

  وغيرهم كثير من الأسماء التي اهتمت بالبحث في تاريخ وجغرافية ومجتمع المغرب. هذا الرصيد المعرفي، لعبت فيه الخزانة البلدية دورا مهما في تثقيف وتكون روادها، خاصة أنها كانت الفضاء الثقافي الوحيد بمدينة الدار البيضاء منذ السبعينيات ولربما قبل هذه الفترة. لا أتوفر على مدة البناء وسنة الافتتاح، من المحتمل أنها ترجع إلى مرحلة بناء المدينة الأوربية والتي ابتدأ بناؤها منذ سنة 1914.

  كان من رواد الخزانة البلدية كذلك، باحثون من خارج سكان المدينة سعيا للحصول على مصنفات الكتب والجرائد النادرة والقليلة النشر، أو المنعدمة في المكتبات ومواقع البيع.

أكيد أن العديد من الأطر المغربية قد مرت من هذه الخزانة، التي شكلت مدرسة ثقافية وفضاء لإشباع رغبة التعلم والتكوين. اليوم نتساءل كرواد سابقين لهذ المعلمة /الخزانة التي أغلقت أبوابها وتكسر زجاج واجهتها وصدأت نوافذها. لماذا اليوم أغلقت أبوابها وأين اختفت ذخائرها من الكتب ومصنفات الجرائد والمجلات النادرة الوجود؟ أليس، كان الاجدر بهذه الخزينة أن تكون مقرا لأرشيف الدار البيضاء بحجم مساحتها وفضاءاتها وساكنتها؟

حقيقة، يجب أن نعترف، أن البحاث الأجانب خاصة الفرنسيين قبل الحماية واثناءها، تركوا لنا مصنفات، غطت الجانب السياسي بما فيه الزعامات الإقليمية، والحياة الحضرية والبدوية، بأسواقها وعلاقاتها التجارية والحرفية، وغيرها من الموضوعات، منذ القرن التاسع عشر إلى مرحلة الحماية ثم مرحلة بداية الاستقلال.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *