خريف 2025: أوراق الرحيل ووميض البدايات

خريف 2025: أوراق الرحيل ووميض البدايات
شارك

ذ/ المختار عنقا الادريسي.

لم تبق إلا سويعات ويلم الصيف شتاته، فاسحا المجال لحلول الضيف الجديد، بعد

 أن تتجاوز الشمس الانقلاب الصيفي وتبدأ حركتها الظاهرية في الاتجاه نحو الجنوب، فيتناقص ميلان أشعتها حتى يبلغ درجة الصفر، فتتعامد الأشعة على خط الاستواء وعندئذ يتساوى طول الليل والنهار في كل الأماكن على سطح الكرة الأرضية، ويحدث الخريف في نصفها

الشمالي – الذي ننتهي اليه – والربيع بنصفها الجنوبي.

وعادة ما يعرف الخريف فلكية بالفاصلة الخريفية، ويبدأ يوم 22 سبتمبر 2025على الساعة 19.19 بالتوقيت المغربي. ويمتد إلى غاية 21 ديسمبر 2025 عند الساعة 16.03 ليحل محله فصل الشتاء  » الانقلاب الشتوي « ، ويدوم حوالي 89 يوما و20 ساعة و44 دقيقة.

وعموما فالخريف ليس مجرد فصل يتبدل فيه الطقس، بل هو حالة وجدانية عميقة ومرحلة مفصلية مميزة بين صخب الصيف وهدوء الشتاء. إنه زمن الذبول الجميل، حين تتعرى الأشجار من أوراقها لا عن ضعف، بل عن حكمة وكأنها تعلمنا أن الفقد ليس دائما خسارة، بل هو استعادة لولادة جديدة.

فالخريف

 يعلمنا الإصغاء: الى حفيف الورق المتساقطة، الى الرياح التي تحمل في طياتها بردا خفيفات، الى الغيوم الحبلى التي تتثاقل لتمنح الأرض مطرا أول. وهو أيضا فرصة للإنسان بأن ينعم بالهدوء، أن يراجع صيفه المليء بالاندفاع، الحيوية، النشاط، وأن يتهيأ لصمت الشتاء القادم في الخريف نكتشف جمال الألوان التي لا تصرخ مكتفية بالهمس والمتراوحة بين الأصفر، البرتقالي، البني … وهي المُشَكِّلة للوحة هادئة وعميقة تدعونا للتأمل في دورة الحياة: من الولادة الى الامتلاء فالانطفاء المؤقت، بانتظار كل اشراق جديدة

وها هو الخريف يقترب منا محملا بوشوشات الريح ورقصات الأوراق الأخيرة فصل يعلمنا أن الجمال لا يكون دائما في التفتح أو الانفتاح، بل في الانطفاء المتزن الهادئ في الألوان التي تخفت لتصيرهمسا في الدروس التي تجود عليا بها الطبيعة، للاستراحة من عبء الصيف. فالخريف اذن ليس موتا، بل هو استراحة للروح قبل الولادة، وهو دعوة للدخول في عوالم الهدوء والاستكانة والتأمل.

في الخريف لا يهبط المطر فحسب، بل تنزل معه بركات وخيرات الأرض في شكل ثمار تنضج على مهل. فالعنب بقطراته الحلو يرحب بنا، والتفاح يلمع فوق أغصان الأطلس، والاجاص يتدلى بابتساماته الناعمة. أما الرمان والسفرجل فيحلان ضيوفا كرماء، أما اللوز والجوز والكستناء فهي زاد الدفء لليالي القادمة … وتلك جميعها ثمار تذكرنا أن كل نهاية تحمل في جوفها بدايات جديدة

العنب يودعنا

التفاح يضيء ليالينا

نجمة حمراء

تعد بالامتلاء في العلياء

الرمان قلب عاشق ولهان

فوق كل الأغصان

طنجة في آخر ليلة صيفية

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *