ندوة الدورة الرابعة عشرة للمهرجان الدولي للسينما والذاكرة المشتركة بالناظور: ذاكرة السلام
تمهيد وأهمية العدالة الانتقالية
يشهد العالم اليوم منعطفًا تاريخيًا بالغ الدقة والتعقيد، حيث تتقاطع الأزمات البنيوية مع التحولات الكونية بما يهدد استقرار الدول ويضع الشرعية والديمقراطية على المحك. فالحروب الممتدة، والنزاعات المزمنة، وصعود أنماط جديدة من السلطوية، واتساع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وانتشار التعصّب والتطرّف والعنف والإرهاب، إضافة إلى التحديات العابرة للحدود مثل التهجير القسري والتغيرات المناخية، والعودة المقلقة لخطابات وممارسات ذات سمات فاشية جديدة المتغذّية من التوترات الجيوسياسية وأزمة الثقة في الديمقراطية والاستقطاب الرقمي والإعلامي، كلها تتقاطع مع اتجاه عالمي أوسع من التدهور الديمقراطي وتقييد الحقوق والحريات الأساسية، فتُضعِف قدرة المجتمعات على الصمود وتدفع بها نحو الهشاشة والانقسام.
وأمام هذه التحديات، بات واضحًا أن الحلول الأمنية أو التسويات السياسية الفوقية لم تعد قادرة على إنتاج سلم مستدام ضروري للتنمية وبناء الديمقراطية التي تضمن حقوق وكرامة الناس، وبناء العيش المشترك الانساني. من هنا تبرز العدالة الانتقالية، باعتبارها منهجية مركبة تتجاوز البعد الإجرائي لمعالجة الماضي، لتؤسس لرؤية سياسية–حقوقية–ثقافية تجعل من المصالحة والاعتراف والذاكرة أساسًا لبناء مستقبل أكثر عدلاً.
نشأت العدالة الانتقالية كمنهجية لمعالجة إرث الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الدول الخارجة من الصراع أو السلطوية أو حين تنهار سلطة القانون أو بعد الحقب الاستعمارية، من خلال آليات كشف الحقيقة والمساءلة وجبر الضرر والتعويض وإصلاح المؤسسات القانونية والقضائية وأجهزة إنفاذ القانون، لضمان عدم تكرار تجارب الماضي الأليم. وقد أثبتت التجربة التاريخية المتراكمة أن العدالة الانتقالية هي أكثر من مجرد أدوات لمعالجة ما حدث في الماضي؛ بل تُعتبر مشروعًا قيميًا وأفقًا سياسيًا يعيد بناء العلاقة بين الدولة والمجتمع على قاعدة الاعتراف والثقة، ويحوّل الذاكرة الجماعية من سجل للآلام إلى رافعة لصناعة السلام، وتلك أيضًا علاقة مجموعات بشرية ودول ومجتمعات مع بعضها البعض.
لقد أبانت التجارب المقارنة – من جنوب إفريقيا ورواندا ومرورًا بأوروبا الشرقية إلى كولومبيا والأرجنتين والمغرب – أن العدالة الانتقالية ليست وصفة جاهزة، بل هي فسيفساء من المقاربات تتكيف مع الخصوصيات وتلتقي في غاياتها الكبرى. وهي بذلك تُطرح اليوم كمنهجية قابلة للتوسيع خارج حدودها الأصلية، لتصبح أداة في مواجهة الأزمات العابرة للحدود، ومعيارًا لإرساء سلم عالمي يربط بين العدالة والديمقراطية والعيش المشترك الإنساني.
سياق انعقاد الندوة
تنعقد هذه الندوة الدولية في إطار الدورة الرابعة عشرة للمهرجان الدولي لسينما الذاكرة المشتركة بالناظور، التي تحمل شعار ذاكرة السلام. ويشكّل هذا السياق الثقافي والإنساني رافعة أساسية لتعزيز النقاش حول العدالة الانتقالية، من خلال الجمع بين الفكر والحقوق والثقافة البصرية، بما يجعل من السينما أداة لتثبيت الذاكرة وإعادة بناء الخيال الجماعي على أسس السلم والمصالحة والمساواة والعدالة والشراكة.
كما تتزامن أشغالها مع تتويج الدكتور عمر عزيمان، مستشار جلالة الملك نصره الله، بجائزتنا الدولية ذاكرة من أجل الديمقراطية والسلم، وتكريم المفكرة والشاعرة سعاد الصباح، التي جسّدت في مسيرتها الفكرية والإبداعية التقاء الكلمة بالشهادة على العصر، والنقد بالالتزام من أجل قضايا المرأة، الحرية، والعدالة وحقوق الإنسان. ويمنح هذا التتويج والتكريم بعدًا رمزيًا خاصًا للندوة، إذ يربط بين العدالة الانتقالية كمنهجية حقوقية، والسياسة الثقافية التي تجعل من الإبداع، وهو من أكبر رهانات مركز الذاكرة المشتركة من أجل الديمقراطية والسلم، أحد أعمدة بناء السلم، وبناء العيش المشترك الانساني.
أهداف الندوة:
- بلورة رؤية فكرية وحقوقية حول الترابط بين العدالة الانتقالية وصناعة السلام وإدامته ونشر ثقافته والتربية عليها.
- تقديم مقاربة مقارنة للتجارب الوطنية واستخلاص الدروس المشتركة.
- إبراز دور الذاكرة الجماعية والثقافة والفن، وخاصة السينما، في حفظ التجارب وتحويلها إلى موارد للسلام.
- إبراز دور النساء كضحايا وصانعات للسلام.
- صياغة إعلان دولي للسلام والعدالة الانتقالية كوثيقة رمزية دولية تؤكد أن العدالة الانتقالية شرط لبناء سلم عادل وتنمية مستدامة.
البرنامج:
16 نوفمير 2025:
09: 30– 09:45 : الجلسة الافتتاحية.
كلمة عبد السلام بوطيب، رئيس مركز الذاكرة المشتركة من أجل الديمقراطية والسلم.
09:45 – 11:30:
الجلسة الأولى: التجارب الوطنية في العدالة الانتقالية – دروس وعبر بأفق كوني:
رئيس الجلسة: عبد السلام الصديقي، الرئيس الشرفي المؤسس لمركز الذاكرة المشتركة من أجل الديمقراطية والسلم.
- الدكتور عمر عزيمان/ أستاذ جامعي، عضو سابق بهيئة الانصاف والمصالحة/ المغرب: التجربة المغربية في العدالة الانتقالية، دروس وعبر.
- عبد الحسين شعبان، العراق- كاتب وباحث متخصص في حقوق الانسان والعدالة الانتقالية: واقع العدالة الانتقالية في العالم العربي.
- مارغريتا مارتينس/ محللة سياسية، مخرجة وصحفية متخصصة / كولومبيا: تجارب العدالة الانتقالية في أمريكا اللاتينية: قراءة نقدية وتقييمية
- ماسييج نويشي/ رئيس مؤسسة هلنسينكي لحقوق الانسان / بولونيا: أوروبا الوسطى والشرقية: نحو مفاهيم جديدة للعدالة الانتقالية.
- ميغيل أنخيل رودريغيث ماكّاي / وزير خارجية جمهورية بيرو الأسبق أستاذ جامعي وباحث/ البيرو: إخضاع السلام للمسار القانوني ونزع طابعه الأيديولوجي بوصفهما ضمانتين لعدالة انتقالية فعّالة: تجربة أمريكا اللاتينية.
11:30 – 01:30: تفاعل
– فدوى معروب / أستاذة باحثة متخصصة في التواصل في مجال حقوق الانسان/ المغرب
– رفاييل غيريرو مورينو/ مؤرخ، صحفي ومخرج أفلام وثائقية / اسبانيا.
– محمد النشناش/ نائب رئيس مركز الذاكرة المشتركة من اجل الديمقراطية و، عضو هيئة الانصاف والمصالحة سابقا / المغرب
– محمد أملاح/ أستاذ التعليم العالي/ المغرب
______________
17 نوفمبر 2025
الجلسة الثانية:
10:00 – 11:30
العدالة الانتقالية كإطار لتوسيع آفاق السلام والعيش المشترك الإنساني.
رئيس اللجنة: عبد الحسين شعبان، العراق- كاتب وباحث متخصص في حقوق الانسان والعدالة الانتقالية.
المتدخلون:
- مصطفى القريشي/ أستاذ جامعي/ المغرب: كيف يمكن التوفيق بين المبادرات الدولية والممارسات المحاية لبناء سلام حقيقي؟
- ستانيسلاف ستراسبورغير/ فاعل مدني، كاتب وروائي/ بولونيا: اليوتوبيا والعدالة الانتقالية، فن بناء مستقبل حميل.
- غوستافو باتشيكو فيلار، رئيس سابق للبرلمان الأنديني / أفق السلام في العالم
- زياد شبيب، محافظ بيروت سابقا، السلام وافق العيش المشترك الإنساني
- محمد المالكي- المغرب، العدالة الانتقالية: إطار لتحقيق السلام والمشترك الإنساني
- نجاة بلقاسم/ فاعلة سياسية ومدنية/ فرنسا: أفق السلام في العالم
- سمير الحباشنة/ وزير خارجية الأردن ووزير الثقافة سابقا / الأردن: آفاق بناء سلام دائم في العالم العربي، أي دور للعدالة الانتقالية؟
11:30 – 01:00: تفاعل أعضاء لجن التحكيم الأفلام الوثائقية والمخرجين المشاركين.
13:00- 14:00: الجلسة الختامية
الرئيس: عبد السلام بوطيب – رئيس مركز الذاكرة المشتركة من اجل الديمقراطية والسلم.
– عرض خلاصات المقررين.
– تقديم إعلان الناضور للسلام والعدالة الانتقالية.
المقررون العام: عبد العزيز كوكاس- عز العرب القرشي – عبد الحق الريحاني.
