في اليوم العالمي للصحة، الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة تقدم أرقاما صادمة
أبو عثمان
اختارت منظمة الصحة العالمية لتخليد يوم الصحة العالمي7 أبريل 2022 ، تحت شعار (كوكبنا صحتنا ) موضوع حماية البيئة بمفهومه الواسع من الهواء النقي والماء والغذاء للجميع والاستثمار في اقتصاد يحمي البيئة ويوفر الصحة والرفاه ،وقدمت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة تقريرا بالمناسبة أوضحت فيه أنه في خضم تخفيف آثار ومخلفات جائحة كوفيد- 9 ، تطفو على السطح من جديد إشكالية صحية كبرى تتعلق بآثار التغييرات المناخية وتلوّث البيئة على صحة الإنسان ،ومصدر تزايد عدد من الأمراض والأوبئة والكوارث القاتلة كأمراض السرطان والسكري وأمراض القلب ومتلازمة الالتهاب الرئوي الحاد والربو والتهاب الكبد.. وأضاف التقرير انه بحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية يتوفى حالياً أكثر من 13 ملايين شخص سنوياً نتيجة لتعرضهم لتلوث الهواء ولأسباب بيئية أخرى يمكن تجنبها، وأكثر من 90 % من الناس يتنفسون هواء غير صحي بسبب حرق الوقود الأحفوري بأنواعه. كما يشهد العالم تدهور البيئة والتلوث ولاسيما انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي تؤدي إلى أضرار للنظام الإيكولوجي الذي تستند إليه صحة الإنسان وسبل عيشه. ومنها ندرة المياه وتدهور الأراضي الفلاحية ، واستمرار بعض الحشرات كالبعوض في نقل الأمراض المعدية .كما أن المواد المُلوّثة والبلاستيكية والمواد الكيماوية تؤثر سلبا على السلسلة الغذائية بإنتاج أغذية ملوثة وأطعمة ومشروبات غير صحّية تتسبب في زيادة انتشار ظاهرة السمنة، وارتفاع معدلات الإصابة بمختلف الامراض بالسرطان وأمراض القلب …لذلك أصبحت أزمة المناخ، تشكل التهديد الصحّي الأكبر والوحيد الذي تواجهه البشرية،
وتذكر الشبكة في تقريرها أنه إذا كان المغرب قد حقق نجاحات جيدة على مستوى مواجهة جائحة كورونا، بفضل قرارات ملكية استباقية بدءا بتمويل استثنائي لتغطية الحاجيات والمتطلبات ومعالجة العجز الصحي الكبير الذي كشفت عنه الجائحة كوفيد 19 وصولا إلى عمليات التلقيح والتمنيع المجاني لجميع المواطنين والمقيمين فضلا عن الشروع في تنزيل المشروع المجتمعي في تعميم الحماية الاجتماعية في أفق تحقيق السيادة الصحية والسيادة الدوائية. وعرفت الوضعية الصحية بالمغرب على مستوى تقديم الرعاية الصحية الاولية والعلاجات الاستشفائية تحسنًا ملحوظًا بإدخال تقنيات جديدة واستعمال التكنولوجيا الطبية الحديثة، رغم استمرار التفاوتات والفوارق الطبقية والمجالية في ولوج الخدمات الصحية، فإن ظاهرة انتشار وتفشي الأمراض المزمنة والأوبئة الفتاكة الناتجة عن تلوت البيئة والهواء وتلوث البيئة والمياه وضعف شبكة إصلاح المياه والنظام الغذائي باتت مقلقة جدا وهي ما اعتبرها التقرير مسؤولية مشتركة بين جميع القطاعات والمؤسسات والمجتمع المدني والأفراد والأسر على حد سواء ، حيث إن تلوث الهواء يُسبب أكثر من خمسة آلاف حالة وفاة في المغرب ،أي بمعدل 15 وفاة في اليوم، ويُكبّد الدولة ما يناهز 11 مليار درهم سنوياً وفق تقرير لمنظمة السلام الأخضر « غرينبيس » حول المغرب الذي يعتبر من بين الدول الأعلى من حيث عدد الوفيات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وذلك بسبب اعتماده على الفحم الحجري لإنتاج الكهرباء مما يضع صحة المواطنين في خطر، لكون الفحم الحجري من بين مصادر الطاقات الأحفورية الأكثر تلوثاً، تصدر عنه ملوثات سامة تتسبب في أمراض صحية مزمنة، مثل الانسداد الرئوي المزمن وسرطان الرئة ويعرض النساء الحوامل لمخاطر الولادة المبكرة ،وتشكّل أمراض القلب والشرايين أهم أسباب الوفيات بالمغرب، بنسبة 39،02 %، و نسبة 12،23 % بالنسبة للوفيات بسبب السرطان وأنواعه ، كما يتسبب تلوت الهواء في 43 % من الانسداد الرئوي المزمن ومسؤول عن 29% من حالات سرطان الرئة، وفقا لمنظمة الصحة العالمية ويتسبب في حوالي 21% من الوفيات بالسكتة الدماغية و24% من وفيات مرضى قصور الشريان التاجي.
وأبرز التقرير أن سكان جهة الدار البيضاء سطات التي تمثل 50% من النشاط الصناعي بالمغرب، معرضون أكثر من غيرهم للإصابة بالأمراض التنفسية، نتيجة لتلوث الهواء، إذ تضم هذه المدينة نحو20% من المصابين بتلك الأمراض و 52،7% من المرضى بحساسية الأنف و 16% من المصابين بالربو و ضيق التنفس وسرطان الرئة و أمراض الأنف والحساسية .ويعود ذلك أساسا لارتفاع التلوث في مدينة الدار البيضاء التي لم تجد بعد حل نهائيا لمطارح النفايات رغم خطورتها على صحة الانسان والحيوان . اما على مستوى تلوث المياه فإن 28 %من مصادر المياه بالمغرب مهددة بالتلوث وتشكل النفايات الصلبة والمبيدات والأسمدة الكيماوية والمواد الكيماوية التي تصب في الأدوية اكبر تهديد لمصادر المياه الجوفية المغربية ولصحة السكان . وكشف التقرير للبنك الدولي أن المغرب من بين اكبر الدول التي يرتفع فيها معدل تلوث المياه، لأسباب متعددة متعلقة أساسا باستعمال الأسمدة الزراعية و مشكل الصرف الصحي، وعوامل البكتيريا والكيماويات والمواد البلاستيكية وتحول المياه إلى مادة سامة للبشر وللمنظومة البيئية. كما أن المركز المغربي لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية كشف أن أكثر من 90 % من التسممات الغذائية المسجلة في المغرب بعد الأدوية تكون ناتجة عن تلوث الأطعمة وما يقرب من 10% تكون ناتجة عن مواد كيماوية .
وتأسيسا على كل ما سبق يخلص تقرير الشبكة إلى أن تحقيق الأمن الصحي والسيادة الصحية بالبلاد لا يمكن ان تعتمد فقط على خدمات قطاع الصحة ومسؤولياته، بل هي مسؤولية جماعية تتطلب اختيارات شاملة مندمجة وانتقائية تستهدف التأثير على المحددات الاجتماعية للصحة، وأيضا حماية أمننا الايكولوجي وجعل بيئتنا أكثر أمنا وسلامة عبر مقاومة منظمة لمسببات الأمراض والتهديد الذي تشكّله التغيّرات المناخية وإهمال حماية البيئة.
ودعا تقرير الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة في الختام صناع القرار السياسي الحكومي إلى الالتزام بجعل حماية البيئة أولوية مندمجة وانتقائية ضمن كل البرامج والمخططات الاقتصادية والاجتماعية.