خدمات اجتماعية في ظروف قاسية وبأجور عبودية تسليم الطلبيات les livreurs
علال بنور
بات من المؤكد، ان الازمة الاقتصادية التي يعرفها المغرب اليوم، لها تداعيات على المجتمع اجتماعيا، بعيدا عن خطاب الازمات الأخلاقية التي يروج لها دعاة الاخلاق، فلها خطورتها، تتمثل خاصة في ازمة الشغل التي يتحمل أثرها السلبي الشباب العاطل خاصة تلك الفئة الحاملة للشواهد، الذين يجدون صعوبة في الحصول على شغل قار، وباجور تصون كرامتهم.
شباب يعيش حالة عطالة مقنعة، ضمن افرازات ازمة اقتصادية، ومن مظاهرها، البحث عن ممارسة عمل تجاري لسد رمق العيش ليس الا. وقفت الجريدة عند نموذج ممثل في اولئك الشباب الذين يركبون دراجات نارية، يحملون حقائب السخرة بها سلعة / طلبية لإيصالها الى الزبون، فهم وسطاء بين شركة تجارية والزبون، تجدهم بدراجاتهم النارية يسيرون بسرعة جنونية، مخاطرين بأرواحهم بين السيارات في الازقة والشوارع، الشيء الذي يجعل سائقي السيارات، يصبون غضبهم عليهم، بالسب واللعن نظرا للمخاطر التي يمكن ان يسببونها لمستعملي السيارات، بدون معرفة ظروف عملهم.
فأتار الفضول الصحافي للجريدة البحث عن أسباب عرقة السير التي يتسبب فيها هؤلاء الشباب، فأقدمت الجريدة على البحث عن الوضعية الاجتماعية لهم، فكان مصدر معرفتنا البحث في شبكات التواصل الرقمي، وطرح أسئلة على شاب من مسلمي الطلبيان حول أسباب السرعة المفرطة التي تخاطر بحياته، فكانت الأجوبة مؤلمة، الشيء الذي جعلنا نتعاطف مع مسلمي الطلبيات، كما أتمنى ان يتفهم مستعملي السيارات الواقع الاجتماعي لهؤلاء الشباب.
ظروف العمل قاسية:
شباب في ظل ازمة اقتصادية، يشتغلون بطريقة عبودية مع شركات تجارية، سوف لن اشير الى اسمائها، يشتغلون بطريقة تسليم الطلبيات livreurs لزبناء، وسأعطي في هذا الصدد بعض مظاهر المعاناة التي صرح لنا بها مستجوبنا، من ضمن العمال:
- العجلة النارية ملك خاص للعامل.
- يتحمل العامل ثمن بنزين العجلة الذي يكلفه 60 درهما كل يوم.
- في كل عشرة أيام يتطلب تغيير زيت محرك العجلة ب 80 درهما.
- 450 درهما في كل ثلاثة أشهر لتامين العجلة.
- 1000 درهم في كل ثلاثة أشهر لإصلاح العجلة، وذلك في حالة ما لم تقع أي حادثة سير.
- اقتناء بدلة من الشركة بثمن 280 درهما مع اقتناء حقيبة حمل الطلبية ب 300 درهما.
- الاشتراك الشهري للهاتف للاتصال بالزبناء على حساب العامل/ الوسيط.
- في حالة ما أصيب العامل بمرض او اخذ يوم راحة غير مؤدى عنه.
- العمل بدون اجر قار فالشركة تحدد ثمن إيصال السلعة الى الزبون نهارا ب 10 دراهم وليلا ب 15 درهما.
- بالنسبة للطلبيات الأكثر من واحدة في نفس الوقت فالأولى ثمنها 8 دراهم والثانية 2 دراهم، بمعنى ان 10 دراهم في مسافة طويلة لا تكفي حتى ثمن البنزين.
- خدمة أخرى يسميها مصرحنا بالطلبيات السحرية، يعني ان زبونا نسي مفاتيحه او هاتفه النقال او طلب سخرة من بقال، يتصل الزبون بالشركة لتقديم الخدمة تتقاضى عنها ما بين 35 و45 درهما حسب قيمة الطلب، مقابل العامل يتقاضى من الشركة عن هذه الخدمة ما بين 8 و10 دراهم.
- نقطة التمييز la note d’excellence عبارة عن منافسة بين العمال في سباق نحو ساعات ليلية او في الصباح الباكر.
- في العديد من المناسبات كالأعياد او شهر رمضان اوفي فصل الصيف، تقدم الشركة على تسريح أكثر من 300 عامل فيعوضون بعمال جدد ما بين 50 و60 عاملا. وليس من حق أي عامل المطالبة بحقوقه والا مصير الطرد.
ومن الأساليب التي تنهجها الشركة مع العمال، تقترح عليهم كلما ارتفع عدد الطلبيات في السنة يتقاضى كل عامل تعويضا ماليا مغريا، قد يصل ما بين 2500 الى 7500 درهم في نهاية السنة، يقول مصرحنا، انه اغراء نادرا ما يصل العامل الى هذا الرقم المالي، فهذه المنحة تتوقف عند شهر شتنبر، بحجة ان الطلبيات لم تصل الى العدد المطلوب.
يقول مصرحنا، ان هذه المشاكل هي سيل من فيض، فمعاناة العامل تمتد الى اسرهم، منهم من يتحمل مصاريف الوالدين والاخوة المتمدرسين، ومنهم من له تحمل عائلي زوجة وأبناء ومصاريف الكراء والمعيشة.
يؤكد مصرحنا، ان العديد من العمال، نتيجة الافراط في السرعة بعجلاتهم النارية لربح بعض الدراهم، يتعرضون لحوادث السير، بل هناك من توفي ومنهم من أصيب بعاهة مستديمة، إضافة الى الامراض السدرية ومضايقات اللصوص.
وأخيرا ترجى مصرحنا من مستعملي الطريق احترام وتقدير ظروف عمل هؤلاء العمال. فالكثير من الشباب يحملون شواهد جامعية.