الحرب الإعلامية بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني وتأثيرها في تشكيل الرأي العام
محمد السميري
تعد الحرب الإعلامية من أخطر أنواع الحروب بسبب تطور أساليبها وتعدد وسائلها. تقوم هذه الحرب على التضليل والإشاعات بهدف التلاعب بالرأي العام وقناعاته. وتسبق هذه الحرب في الغالب تغيرات تم تحضير الرأي العام للقبول بها. في هذا السياق يمكن اعتبار الحرب الدائرة بين الفلسطينيين في غزة والكيان الصهيوني المغتصب حربا ذات ابعاد متعددة من بينها البعد الإعلامي، وسنعتمد في تحليلنا لهذا البعد عل دراسة قام بها « معهد السياسة والمجتمع » بالأردن وموقع « مكانة 360 ».فقد اهتدت الدراسة فيما يخص لغات التواصل ،ان النسبة الكبيرة للتفاعل كانت باللغة الإنجليزية تليها اللغة الاسبانية قبل ان تزيحها اللغة العربية،وقد تصدرت الولايات المتحدة القائمة ،تليها الهند وفرنسا ،قبل ان تحل محلها السعودية.
بعد أسبوع على انطلاق عملية طوفان الأقصى تحول ارتفاع منسوب التفاعل المؤيد للفلسطينيين مقابل هيمنة شبه مطلقة للطرف الاخر ،ويعزى ذلك لأن المنشورات كانت باللغة الإنجليزية ،فالتحول لصالح الفلسطينيين يعكس تحولا في الوعي السياسي بأهمية المعركة على منصات التواصل الاجتماعي لدى الناشطين والسياسيين والفاعلين العرب المناصرين للقضية الفلسطينية، وذلك باستعمال اللغة الإنجليزية ونقد « خطاب الطرف الاخر ». وبذلك فالمعركة بين الرواية الفلسطينية– العربية والرواية الصهيونية – الغربية ،هي معركة لا تقل أهمية وشراسة عن المعركة على ارض الواقع. وفي استقصاء أسباب تفوق الرواية الفلسطينية يظهر البحث ان ذلك لم يكن محض مصادفة وانما جاء بعد يقظة حقيقية لذى المثقفين والناشطين الفلسطينيين والعرب والمسلمين والمؤيدين الآخرين، في مواجهة المؤسسة الإعلامية الغربية المؤيدة للموقف الصهيوني لشيطنة حماس، والصاق أوصاف مضخمة بها مثل، النازية والداعشية « والحيونات البشرية » و »11سبتمر الاسرائلية ». لقد عمل الكيان الصهيوني عبر « غرف عمليات » عالمية على فبركة الصور والمحتوى بواسطة شركات إعلامية عملاقة يوجد مقرها بالهند لبث الدعاية الإعلامية. ولمواجهة هذه الدعاية وهذه الشركات الإعلامية، قامت شبكات عربية عالمية، إضافة الى جهود فردية مضادة في قلب ميزان القوى لصالح الفلسطينيين ،خاصة في الرد على الرواية الصهيونية والأمريكية المؤيد لها، وقد عزز ذلك وجود رأي عام غربي مشكك في نزاهة المؤسسات الإعلامية والسياسية الغربية، وهو ما أدى الى ظهور مصطلحات باللغة الإنجليزية، تتحدث عن الدعاية الإسرائيلية مثلIsrael proâgande .
يتبين مما سبق ما للحرب الإعلامية من أهمية كبيرة، فهي لا تقل أهمية عن المجال السياسي، لأن فهم الاحداث يتم عبر الرواية التي تبرر وتصنع السياسات، فالكيان الصهيوني له سيطرة على مؤسسات إعلامية غربية كبرى، الا ان مواقع التواصل الاجتماعي المنفلتة من الرقابة يمكنها ان تحدث تأثيا مقابلا لبناء رواية عالمية فلسطينية وعربية. فالمعركة الإعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي تحتاج الى وعي منهجي شبيه بالمسيرات والمظاهرات لنقد الرواية الصهيونية الغربية، مقابل الرواية الكفاحية الفلسطينية.