تعديل مدونة الأسرة محطة تاريخية مهمة في تاريخنا الوطني
افتتاحية بقلم فؤاد الجعيدي
لا بد من الإقرار بأن طرح مدونة الأسرة للتعديل، يعتبر محطة تاريخية هامة بعد مضي عشرون سنة من الإصلاح الذي عرفته، وأن التجربة الحياتية برهنت على بعض العيوب والاختلالات التي وجب اليوم تعديلها بما يتوافق ونضج الظروف والأوضاع الوطنية.
وقبل الخوض في أي نقاش هادئ ومنتج ومثمر، عرفت الساحة الوطنية سجالات عقيمة وإثارة قضايا من باب التشكيك في مرامي هذا التعديل وغاياته التي تستهدف أمان الأسرة المغربية .. وأن مجمل المواقف تميزت بالتطرف والافتراء بخرجات البعض وبالتنجيم لدى البعض الآخر.
لكن بلاغ الديوان الملكي وضع حدا لهذه المشاحنات بالإعلان أن الملف هو بيد إمارة المؤمنين وأن عاهل البلاد قطع الشك باليقين حين قال:
لا أحلل ما حرم الله ولا أحرم ما حلل الله.
وعهد بالأمر إلى لجنة مؤلفة من مؤسسات الدولة:
- وزارة العدل.
- والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية.
- ورئيس النيابة العامة.
إضافة للأمين العام للمجلس العلمي الأعلى ورئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان والوزيرة المكلفة بالتضامن والادماج الاجتماعي والأسرة.
كما سيتم انفتاح النقاش على النسيج الجمعوي والمختصين في كل القضايا المرتبطة بهذا الورش الوطني. منهجيا ستشتغل اللجنة على مدى نصف سنة، لرفع اقتراحاتها للعاهل الملكي باعتباره أميرا للمؤمنين.
وباعتبار أن القضية تهم المجتمع برمته فإن اللجنة ستستمع وتصغي لمختلف الفعاليات المجتمعية.
إن مسألة التعديل في هذا الرهان الوطني، تتعلق ببسط قضاياها على مستويات يتداخل فيها، البعد القانوني والقضائي والشرعي والحقوقي إلى جانب السياسات العمومية في حماية العلاقات الأسرية.
لكن بعض غلاة الاتجاهات الوهابية، الذين تسللوا في وقت سابق وفي ظروف تاريخية معينة، ومن جاراهم في التطرف الفكري يحاولون اليوم جر المجتمع برمته إلى سجالات عقيمة ولا يتورعون في مناهضة الاجتهاد الذي اعتبره الإسلام فضيلة وخصه بالجزاء:
من اجتهد وأصاب فله أجران ومن اجتهد وأخطأ فله أجر واحد.
إن من سيتداولون في قضايا المدونة هم مغاربة مسلمون ومن باب الحياء أن لا يتقدم أمامهم من ينصب نفسه وصيا من تيارات سياسية تروج للإشاعة والأباطيل بين الناس باستخدام الروايات الشفوية الكاذبة والعمل على انتشارها كالنار في الهشيم.
