الدار البيضاء تتحرك في الاتجاه الصحيح

الدار البيضاء تتحرك في الاتجاه الصحيح
شارك

علال بنور

    في السنوات الماضية القريبة قبل تعيين السيد محمد أمهيدية واليا على مدينة الدار البيضاء، أعيتنا خطابات القائمين على الشأن المحلي بجمعياتهم ومواقعهم الصحافية في الترويج أن الدار البيضاء تتحرك، ولم نعش معهم سوى الجمود والثلوث وزحمة المواصلات والاجرام في واضحة النهار وغيرها من العفن الحضري في غياب أي مسؤولية للمجالس المنتخبة. استبشر السكان خيرا مع تعيين السيد الوالي محمد أمهيدية، ففي الأسابيع الأولى من تعيينه، خاصة أن المتتبعين للشأن المحلي، يعلمون جيدا الإنجازات التي قدمها السيد الوالي لجهة الشمال وجهة الرباط، وهكذا، تكتفت الاجتماعات فخرجت بقرارات تلتها الأجرأ.

   فسر سكان الدار البيضاء بحضور السيد الوالي ميدانيا لمراقبة سير الأنشطة التي لها أهمية اجتماعية، مع معاينته مشاكل وهموم الساكنة بدأت الحملات التطهيرية التي انتظرها السكان منذ سنوات. فكانت اول تجربة تطهيرية مع السيد الوالي ادريس بنهيمة، مع الأسف، مجهوداته اجهضت في مهدها بشهادة المتتبعين لمشاكل الدار البيضاء. ومع السيد أمهيدية سر السكان، عندما شاهدوا حضوره ميدانيا منذ الأسابيع الأولى لتعيينه لمعاينة المشاكل الطارئة والمستعجلة، نسوق أمثلة لذلك، حضور السيد الوالي يوم سقوط عمارة درب لوبيلا وحضوره اثناء تهيئ فضاءات إنزال أضحيات العيد وحضوره عند الاشغال في حفر نفق طريق ازمور في اتجاه واد مرزغ ودار بوعزة.

   ومن الإنجازات التي سيسجلها تاريخ الدار البيضاء في تجربة السيد الوالي آنيا ومستقبلا. إعطائه أوامر إنجاز عدة مشاريع، خرجت ملفاتها إلى حيز التطبيق بعدما كانت جامدة   برفوف مكاتب مجلس المدينة، بفضل السيد الوالي وحنكته وتخصصه في هندسة الطرق والقناطر، وغيرته الوطنية التي تجسدت منذ أن كان واليا على جهة طنجة تطوان الحسيمة، إلى جهة الرباط سلا القنيطرة، إلى جهة الدار البيضاء سطات، هذه التجربة في الجهتين السابقتين، تركت صدى طيبا للسكان، كما رسمت جمالية لمدن الجهتين كشاهدة على وطنية سي محمد أمهيدية.

   ونسوق امثلة من المشاريع التي بدأ الإنجاز فيها وبسرعة بمدينة الدار البيضاء، مشروع أكبر حديقة بالمدينة الذي خرج إلى حيز التنفيذ، أما على مستوى الطرق والشوارع، بدأت الإنجازات في أنفاق طريق ازمور وإنجاز كل من طريق تادارت وطريق مراكش وطريق مديونة، وفي زمن تعيين السيد الوالي، انطق «باص واي »، كما ارفقت أهم شوارع الدار البيضاء في جنباتها بمجال اخضر، من غرس أشجار ونباتات موردة وعشب، كذلك شملت هذه الاشغال مدارات مع أعمدة الانارة التي زادت من رونق المدينة.  بفضل هذه المشاريع على قلتها، أخرجت الدار البيضاء من محنتها التي طال بها العمر، نتيجة احتقار المنتخبون والمسؤولون الذين تعاقبوا على تدبير المشاهد الجغرافية للمدينة، لذكاء السكان.

   ومن مظاهر التنظيف التي شملتها احياء الدار البيضاء، القضاء شبه نهائي على العربات المجرورة بالخيول، باستثناء منطقة الرحمة، نتمنى الالتفات إلى هذه المنطقة قريبا، وعل المستوى الأمني، تحركت السلطة الأمنية في الحد من ظاهرة اللصوصية بالخطف واشهار السلاح الأبيض في وجه المارة، خاصة في المناطق السوداء.

   ومن المشاكل التي لازالت وصمة عار في المشهد الجغرافي لمدينة الدار البيضاء، تعدد احياء الصفيح وتربية المواشي، كنا في مقال سابق في سنوات مضت نشرناه تحت عنوان  » مشاكل الدار البيضاء في عقلية مجالسها »، اليوم تبين لنا أن هذه العقلية كانت في حاجة لمن يحركها ويرجها للخروج من مكاتبها إلى الميدان، والانصات لصوت الشارع.

   الذي يجب التأكيد عليه، أن التهيئة المجالية بمفهومها العلمي، هي كل لا يتجزأ، وأن التنمية لا تقبل التجزيء، بل ولا تقبل سياسة الواجهة. التنمية ليس العمل على الواجهة للتستر على العفن الداخلي. مع الأسف، لا زال في وسط الاحياء الشعبية سيادة مشاهد الفقر والفوضى من حفر في الشوارع والازقة وهيمنة الباعة الجائلون وما يترتب عنهم من ثلوث المجال الأرضي والاجتماعي من ضوضاء وكلام نابي. اضافة إلى حاجة الاحياء الشعبية، لمجال أخضر على مستوى تشجيير وتزيين جنبات الازقة والشوارع. ما نأسف له وبحسرة، وجود ظاهرة احياء السكن الصفيحي الذي يساهم بشكل من الاشكال في ترييف المدينة، لا زالت البراكة تعانق العمارة ورؤوس الماشية تتساكن مع السيارة.

   الذي ناسف له كذلك وبشدة، أن الدار البيضاء لا زالت تفتقد للعدالة المجالية، صحيح أنها موروثة عن الماضي، غير أن هناك فرق بين ماضيها القريب وحاضرها البئيس، في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، كانت الفوارق المجالية ضيقة بين احيائها، مثلا بين درب غلف والمعاريف وبين بوركون ومركز المدينة وبين عين الشق والصخور السوداء. أما اليوم، نعيش بين هذه الاحياء الأسوأ في الفوارق المجالية، وكأن بي مدن دول الشمال تسير للأحسن، ونحن دول الجنوب نسير نحو الأسوأ. ومن هنا يطرح سؤال التنمية وسؤال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وسؤال المشاريع التنموية وسؤال المشاريع التي خطط لها وسؤال الميزانية المرصودة لتلك المشاريع وسؤال المواطنة عند المجالس المنتخبة. اتمنى أن يقود السيد الوالي ربح رهان العدالة المجالية وتوحيد الفواق المجالية بين احياء الدار البيضاء.

ولعيطة عليكأسي محمد أمهيدية.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *