عن الغروب والمساء
محمد.إسماعيلي
حين يأتي المساء ونتأمل الغروب تفيض أحاسيسنا بالشوق والحنين وينصت الفؤاد لقصيد شمس يناجيها… ألا يا شمس بوحي بما يملأ القلب لعله يغادر صمت الذكريات ويخرج من حبس الآهات وسجن الأنات… ففي موعد الغروب لا يسقي ظمأ الروح سوى خِلٌّ وَفِيّ أو عِشقٌ صَفِيّ أو حُبٌّ نَقِيّ..
الغروب لمسة حنان لا يشعر بها سوى عاشق ولهان.. أو مشتاق لهفان.. أو تواق لمكان… حنين لذكرى من زمان… جمعت الأحبة والخلان… ويعلمنا كل مساء بأن شمسه طريق لشروق يوم جديد.. فوحدها شمس الغروب من تمتلك القدرة على تصوير مشهد الحنين بكل تفاصيله.. لكن ما أقسى الغروب حينما ترتبط صورته بملامح الراحلين
…تختصر لحظات الغروب كل شيء فما هي لدى العشاق سوى بوابة الذكريات… حيث يكون الحديث صمتا ويتحول الصمت ألما وينقطع الوصل ليزداد بعدا. وفي لحظة الغروب ندرك أن لكل بداية نهاية…
يعلمنا الغروب أنّه لا بد من الرحيل، سيرحل عنا من نحب وسنرحل يوماً عمّن نحب ولن يبقى سوى طيب الأثر…
عند الغروب تُقَلَّب الهموم، وتُحبَس الدموع، وتُفتَح الذكريات، وتُسكَب العبرات من اشتياق عَظُم وحنين لا يزال وفراق طال، وجرح غار، وحب ضاع…
عند الغروب ينتابنا سكون رهيب… ويغمرنا صمت مريب… وحال غريب… إنه نهاية رحلة شمس بكل عنفوانها نحو الغرق في غياهب شفق مهيب… نشعر بالرهبة او اللهفة من اقتراب موعد الرحيل…نتذكر ما كان منا تحت شمس النهار الساطعة ونحاول أن نفهم ماذا تعني لنا هذه الشمس وهي تنغمس في حمرة الشفق المعتمة والليل يسدل ستاره ويرخي سواده…
هل هي حقيقة الحياة؟
أم هي النور والضياء؟
أم هي النهار والصفاء؟
هل ستأتي في الغد لنراها من جديد؟
هل ستجدنا لما تشرق غدا…؟
يهتز الوجدان… تنهمر العيون بسيل من دموع لا ساحل لها… نتدبر المنظر لنرى أنفسنا لا محالة سنغيب يوما مثل هذا الغروب… فيا لجمال تلك اللحظات، حينما نقف متأملين ومتذكرين… فما أجمل أن نراجع أنفسنا في مثل تلك اللحظات بروح هادئة مطمئنة لصفاء ذاك المنظر الرائع، فتلك لحظات غالية جدا
… خلف جفون الغروب عين نائمة بجوار من نحب أو نترقب عودة من نُحَب، وأخرى ملأها دمع الحنين لمن نُحَب…
ويبقى غروب الشمس ليست نهاية الحياة، بل هي نهاية يوم وبداية أمل جديد…
شكرا لمروركم الكريم…شكرا لاتصالاتكم وتواصلكم… شكرا لعواطفكم ودعواتكم… شكرا لدعمكم ومساندتكم..
لا أحزنكم الله ولا أراكم مكروها في عزيز..
دمتم أحبتي ودامت المحبة.
شارلوروا – بلجيكا
2025/01/16