الرقص الانتخابي.. بين ايقاع الشوفينية ونغمات التخلف
عبد العزيز شبراط.
كلما اقترب موعد جديد للاستحقاقات، إلا و فتحت علينا أبوابا ونوافذ من كل حدب وصوب، وظهرت لنا وجوها جديدة في الشكل والمضمون، يُنَصِّبون أنفسهم سادة المعرفة والعلم، ويفقهون في كل شيء، ويحاولون إيهام المواطنين أن لهم من الذراية الواسعة ما ليس عند غيرهم، يعرفون الشاذة والفادة عن البلاد، وفي كل المجالات، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتاريخ القديم والحديث، ويجعلون من المواطنين مجرد منصتين فقط يؤثثون الفضاء، ويبدو عليهم نوع من الاعتزاز بالنفس، نستشف منه نزعة التعالي واحتقار الأخر، حتى يظن البعض وكأن هؤلاء اكتشفوا علما جديدا لا يوجد عند غيرهم.
في الأسبوع الماضي قبل عيد الأضحى بيوم أو يومين، و على إحدى منصات التواصل الاجتماعي المفتوحة، شاهدت واستمعت إلى شخص قُدمَ للحاضرين، على أنه أمينًا عاما لحزب مغربي، بدا من الفيديو المنشور على تلك المنصة، أن الرجل إياه يخاطب مجموعة من مناضلي هذا الحزب دون أن يظهر لهم أي أثر، فقط شاهدنا الأمين العام المعني وشخص أخر بجواره -قيل أنه منسق الحزب بهذه المدينة – ظل صامتا على طول المدة التي كان فيها الأمين العام يخطب إلى أشخاص لم يظهروا في الشريط، وقد تكون القاعة فارغة أو بها قلة قليلة من الأشخاص لم يرغب صاحب الفيديو تصويرهم ربما لقلتهم، ( ولا أريد أن أذكر المدينة هنا لأن الأمر يقع في كل المدن المغربية وعلى نفس الشاكلة)، وبعد أن أنهى السيد الأمين العام خطابه، لم تمنح الفرصة لمن كانوا ينصتون للإدلاء بآرائهم أو حتى وضع بعض الأسئلة الاستفسارية بشأن الموضوع المثار، الموضوع طبعا يتعلق بالانتخابات المقرر إجرائها شهر شتنبر من السنة الجاري، في معرض كلمة السيد الأمين العام، أشار إلى « أن حزبه هو حزب الدراويش، وهدفه خدمة الدراويش، أسسه بسطاء المغرب وليس تلك العائلات التي تستفيد وحدها من خيرات المغرب، هذا الحزب أسسوه أولاد الشعب المغربي، ومنذ التأسيس وهم يتقاتلون لإيصال صوت المواطنين، وأضاف أنهم ( ولم يسمي هؤلاء) لم يسمحوا لهم بالفوز في الانتخابات، واليوم الحزب يناضل من أجل البسطاء والدراويش والمقهورين … وأكد أن 50% من أعضاء المكتب السياسي هم معطلون و 30% منهم من متوسطي الدخل أما الأحزاب الاخرى فهم ينظرون الى المواطنين كالعبيد، و هم عكس الاحزاب الأخرى إنهم أناس معقولين وسيختارون الناس المعقولين وذلك من أجل التغيير » ولى امتداد مدة خطبة السيد الأمين العام لم نسمع ولو كلمة بسيطة عن البرنامج الانتخابي ولا عن كيفية محاربة الفقر وإصلاح التعليم ووو.. لا شيء من هذه الامور كان حاضرا في بكلام السيد الأمين العام، خطاب يحث على الكراهية و الفصل بين فئات الشعب، وفي شريط أخر سمعنا المنسق الإقليمي يتحدث عن أبناء المدينة ويشير بعدم الرضا إلى الوافدين وما سماهم بالدخلاء على المدينة وهو أيضا فكر يدعو للعنصرية، ما يجعلنا نضع سؤالا بسيطا حول هذه الخطابات : هل مثل هؤلاء لهم من القدرة ما يكفي للتدبير وتسيير الشأن العام؟
ألم نخلص بعد من منطق القبيلة والعشيرة؟