كيف استطاع الناس أن ينجروا وراء حزب العدالة والتنمية ؟
عبد العزيز شبراط
من غير المعقول أن ينسى كل مهتم ومتتبع للشأن السياسي ببلادنا، الجو العام الذي استطاع فيه حزب العدالة والتنمية أن يتصدر الصف الأول في الانتخابات التشريعية لسنة 011 2، ومعلوم أن تلك الانتخابات كانت ببلادنا سابقة لأوانها، جراء الظروف الاجتماعية التي سادت في ذلك الوقت، بعد أن انطلقت الانتفاضات الشبابية في مجموعة من الدول العربية، ومن بينها طبعا بلادنا، كما جاءت أيضا بعد تعديل دستوري تضمن مجموعة من الامور المتقدمة عن سابقه، ومعلوم أيضا أن تلك الانتفاضات و بزوغ حركة عشرين فبراير ببلادنا كانت نتيجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي كانت تعاني منها الفئات الهشة ببلادنا، وكان أمل تلك الفئات، في من يخلصها من براثين الفقر والبطالة ومحاربة الفاسدين والمفسدين، كما كانوا يأملون أن تفرز الانتخابات نخبة سياسية جديدة بأيادي نقية بيضاء، تكون قادرة على محاربة اقتصاد الريع وفسح المجال أمام كل الطاقات الخلاقة دون تدخلات المحسوبية والزبونية، وما كان على حزب العدالة والتنمية إلا أن ينقض على الفرصة ويدخل المعترك الانتخابي ببرنامج محاوره المركزية، هي محاربة الفساد و قيام الديمقراطية في كل مناحي الحياة، والقضاء على المحسوبة والزبونية في التوظيف والحصول على الشغل، وهي شعارات انجذب اليها الناخبون معتقدين أن الخلاص سيكون على أيدي هؤلاء الذين لهم مرجعية اسلامية، واعتقد الناخبون أن هذا الحزب سيطبق ما كان يقوم به الخلف الصالح من دفاع عن الفقراء والضعفاء والحق، وعلى هذا الأساس توجه الناخبون الى صناديق الاقتراع وصوتوا للحزب الاسلامي معتقدين أنه سيخلصهم من معاناتهم، ويوفر لهم جوا ملائما للقضاء على البطالة، وعلى الظلم الممارس في حقهم من لدن الباطرونا والفاسدين، إذ ظل زعيمهم أنداك يردد في كل خطاباته أثناء الحملة الانتخابية، أنه سيحارب التماسيح والعفاريت واقتصاد الريع، وكانت خطاباته كلها حماسية طالت حتى مستشاري صاحب الجلالة، فآمن الناس بهذا الخطاب وظنوا أن المغرب سيتغير بمجرد أن يقود هذا الحزب الاسلامي الحكومة، كما ظنوا أن زعيم هذا الحزب إنسانا سيفعل ما يقول، وأن الخلاص مما يعيشونه سيحصل على أيدي هذا الزعيم، الذي ظل يردد » غرغري أولا تغرغري » وخطابه الملغوم هذا استطاع توهيم عامة الناس أن الفرج قريب وأن ساعة الفساد ستحل بمجرد امتلاكهم مقاليد تسيير الشأن العام للبلاد، وأن المرتشين سيختفون، لكن هذا الحزب ذو المرجعية الاسلامية بمجرد توليه تسيير شؤون البلاد، زور برنامجه الانتخابي بين عشية وضحاها وبدأ في ممارسة عكس ما كان ينادي به، وبعدما حرر مجال المحروقات ليعبث فيه مالكوا الشركات، وادعى القرآن الكريم أنه ينص على الآجر مقابل العمل، وبدأ باقتطاع من أجر المضربين في الوقت الذي كان ضد هذا الإجراء أيام تخندقه في صفوف المعارضة، واتضح أنه جاء لتحسين أوضاع المنتسبين إليه كما عبر عن ذلك زعيمهم في إحدى اجتماعاتهم وما زال اليوتيوب يحتفظ بذلك الخطاب والاعتراف إلى يومنا هذا، ولا أعتقد أن المغاربة نسوا ذلك، كما زور معظم منتسبيه مبادئهم، فمنهم من أقلع عن الإرشاد والوعظ وشرع لنفسه ممارسة الزنا العلني بجانب الوادي، حيث قالت صاحبة المقولة المشهورة الموجه لبنات المدارس : « إياكن أن تنفردن بزملائكن في المدارس، فإن العين تزني واليد باللمس تزني و و و » ولم تستحيي لتبرر تواجدها مع أحد شيوخ الوعظ والإرشاد في وضعية مخلة، أنها فقط كانت تساعد الشيخ على القذف، فيما ادعى هو أنه على وشك الزواج بها، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل استمر إلى رموز هذا الحزب، فمنهم من طلق زوجات من ازواجهن لصالحهم، ومنهم من سمح في زوجته أم أبنائه ليتزوج بشابة، أو بمدلكته، ومنهم من خلع الحجاب واعتنق حرية مدينة الأنوار بجانب المطحنة الحمراء » le moulin rouge » أما كبيرهم فاستبدل مفهوم العدالة بمنطق « أنا وبعدي الطوفان »، إذ مكن ابنته من وظيفة بأجر مرتفع، و خاطب الفقراء بقوله أن الوظيفة العمومية غير قادرة على استيعاب كل الخريجين، كما استطاع توفير منحة لابنه لمتابعة دراسته بالخارج على حساب من يستحقونها من الفقراء، ويمكننا أن نعدد كل التحول الذي عاشه حزب العدالة والتنمية بمجرد اعتلائه سدة التسيير، ولعل أبرز صورة لهذا التحول، هو ما أقدم عليه كبيرهم ليستفيد من معاش ضخم دون حق. ودون أن يساهم ولو بدرهم واحد في الضريبة عن الأجر.
إن أكبر تزوير عرفه المجال السياسي ببلادنا هو ما قام به حزب العدالة والتنمية، فعوض أن يحارب الفساد والمفسدين، فضل أن يصبح منهم، وهكذا أصبح كل منتسبيه أثرياء جدد بالبلاد، وأصبح كل منهم يمتلك فيلات بالملايين، بعدما كانوا لا يتوفرون حتى على شقق تأويهم، وانقلبوا على شباب الانتفاضة الذين وفروا لهم الظروف الملائمة التي ساعدتهم ووفرت لهم الجو للوصول إلى للحكم، فخنقوهم بما أسموه التوظيف بالتعاقد.