رعـــد

رعـــد
شارك

عبد الحميد الغرباوي

كنت حزينا..

لم أتلف علبة الألوان الكبيرة التي جلبها لي خالي من أوروبا هدية. و لم أمزق حذائي الرياضي الذي اشتراه لي والدي تشجيعا لي، بعد حصولي على معدل أهلني لأكون ضمن العشرة الأوائل في الامتحان..

ولأعفيكم من طرح الأسئلة، أخبركم عن سبب حزني:

هرتي هي السبب.. خرجت صباحا إلى المدرسة، وعندما عدت لم أجدها..

ارتدت إليّ كل نداءاتي.. لم تستجب إليّ..

يوم حملتها إلى البيت، وجدت صعوبة في اختيار اسم لها..

مينوش ـ ميكي ـ سمسم ـ ماكس ـ روكي.. أسماء معروفة ومتداولة، بعضها يطلق على الكلاب أيضا..

لكني لا أعرف لها معنى..

ماذا يعني كل اسم من هذه الأسماء؟.. لذا أسميتها: رعد..

في أول ليلة قضتها إلى جانبي، ألاعبها وتلاعبني، قصف رعد شديد فجأة جعلها تقفز وتختبئ تحت سريري.

ضحكت شديدا لخوفها، لا أنكر أني خفت أيضا، علما أن الرعد الذي يهز الصدور، والبرق الذي يخطف الأبصار ليسا جديدين علينا في القرية..

صحت مناديا: رعد..رعد..رعد..

فتشت عنها تحت السرير، خلف درج الملابس الصغير.. فتشت عنها في المطبخ..

 » رعد.. رعد »..

لا مجيب سوى الصمت..

و في الأخير، استسلمت لسلطان النوم وأنا أردد في داخلي:  » أواصل غدا البحث عنها »..

في اليوم التالي، استيقظت باكرا.

كان اليوم يومَ عطلة نهاية الأسبوع، عادة لا أستيقظ باكرا، لكن، خروجا عن العادة، استيقظت مع أولى خيوط الصباح أبحث عن  » رعدي »..

قال لي أبي:

 » من العادات العجيبة للقطط، أنها تعود إلى المكان الذي كانت تعيش فيه، ولو دام غيابها أياما وليالي، بل شهورا عديدة.. »..

 » لكن هرتي مازالت صغيرة.. لم تألف بيتنا بعد يا أبي.. »..

 » لا تحزن، سوف تعود.. لدي إحساس بأنها ستعود »..

و ما أن انتصف النهار، حتى سمعت مواء في الفناء.. أسرعت أستكشف الأمر فإذا بقطة كبيرة متبوعة بصغيرين تتقدمهم رعد..

كانت أمي تتابع المشهد من عتبة البيت..

ضحكت وقالت:  » ها هي رعد جلبت إليك الأسرة بأكملها »..

وقفت حائرا..

من أين سآتي للأم ولولديها الصغيرين بأسماء؟ !..

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *