في نقد سياق تقييم علاقتنا مع المركزية « الديمقراطية » الغربية
مصطفى المنوزي.
لم نكن أبدا مغبونين في علاقتنا بالغرب ، فديمقراطيتهم الرأسمالية لم تكن إلا مناخا ليبراليا بورجوازيا نجرب أن نواجه من خلاله فلول الإقطاع والعبودية في أفق بناء مجتمع اشتراكي ، دون أن نمتلك القدرة على التغيير أو حتى الإصلاح ؛ لقد كنا واعين بحدود وسقف « حداثتهم » أو ما بعد « حداثتهم » ، لأن أحلام فلسفة الأنوار أجهضتها » قيم » العولمة واللبرالية المتوحشة ، وبالتالي لم يعد نفس المناخ ملائما لبناء الدولة الوطنية الديمقراطية ولا حتى استكمال مقتضيات الاستقلال الثاني بالتخلص من التبعية ، وذلك منذ أن تدرجت الرأسمالية إلى حمايات فاستعمار ثم امبريالية معولمة في ظل تصاعد المد المحافظ واليميني المتطرف وعلى الخصوص منذ إقلاع النزعة التاتشرية والريغانية وما تلاها من ازدهار للمساومات والاتفاقيات التصفوية لكثير من قضايا التحرر ، توجت بسقوط جدار برلين وانهيار المنظومة الاشتراكية ، وكذا رأسماليات الدولة في المشرق المبلقن بالطائفية والحروب الأهلية الدينية والعرقية والمذهبية ، وبالمقابل تتركز أقدام الصهيونية وتراجع المنتظم الدولي عن وصمها بالعنصرية ، وظل سرطانها يستشري في تضاريس خريطة الوطن المسمى » عربيا » أو إسلاميا حتى !
حقا ، قامت » حركاتنا » التقدمية بمراجعات فكرية وسياسية ، دون تجديد الفكر، وتراجع النفس اليساري ، وفشلنا في بناء دولة المجتمع منذ أن اختزلت جل أحزابنا الفعل الديمقراطي في الانتخابات باسم النضال من داخل المؤسسات وتخلينا عن البعد الاجتماعي في هويتنا الحزبية ، وكما فعلت الدولة في سياستها العامة العمومية نزولا عند اشتراطات المؤسسات المالية الدولية ، فكيف لنا أن نراهن على اقتصاد (الأزمات والسوق) لا هم لمهندسيه سوى إعادة إنعاش الرأسمالية بتجديد أنفاسها وتكييفها مع التحولات الحاصلة حتى لا تتحقق نبوءة لينين والملخصة في مقولة » الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية » ؟؟
فهل ما يجري بين بؤرتي فلسطين وأوكرانيا تغيير وانعتاق أم مجرد إعادة إنتاج نفس قواعد اللعبة الأممية في صيغة مأساة مبتذلة ؟