في ذكرى رحيل ابن رشد
م.إسماعيلي
حلت اليوم ذكرى رحيل الفيلسوف الشهير أبو الوليد ابن رشد الذي توفي في العاشر من ديسمبر 1198م وقد تداولت مختلف منصات التواصل الاجتماعي عملية إقدام السلطات المحلية بالدار البيضاء على هدم بعض الأكشاك بسوق البحيرة الشهير بالمدينة القديمة حيث عمدت على جرف مئات الكتب المستعملة بجرافة لتضعها في شاحنة مساوية بذلك بينها وبين القمامة والازبال والمخلفات فاستحضرت مأساة حرق كتب ومؤلفات الفيلسوف الشهير ابن رشد بالأندلس بأمر من أميرها بدعوى الزندقة وتهمة التكفير.
لقد صادف عملية جرف الكتب المستعملة ذكرى رحيل المفكر والفقيه والطبيب والفيلسوف أبو الوليد ابن رشد، وبدل الاحتفاء بذكرى وفاة هذا العالم الجليل بما يليق بمقامه ها هي السلطات المحلية تكرمه بمأساة تشبه تلك تعرضت لها كتبه في حياته.
حين تم حرق مؤلفات ابن رشد بكى أحد تلامذته بحرقة شديدة فقال له أستاذه وشيخه العالم الجليل ابو الوليد مقولة الشهيرة «يا بُني لو كنت تبكي على الكتب المحترقة، فاعلم أن للأفكار أجنحة وهي تطير بها إلى أصحابها، لكن لو كنت تبكي على حال العرب والمسلمين فاعلم أنك لو حولت بحار العالم لدموع، لن تكفيك»
مهما كانت دواعي ومبررات وأسباب هدم الأكشاك فالواجب كان يقتضي حسن التعامل مع تلك الكتب المستعملة بما يليق بالعلم والعلماء وكان الأجدى والأولى لو تم أخذها بعناية لتوضع في إحدى المكتبات البلدية ليستفيد منها الناس أو إيجاد بديل لأكشاك بيع الكتب القديمة في موقع أو مكان آخر يليق بهذا النوع من الكتب التي يلجأ إلى اقتنائها الناس من مختلف شرائح المجتمع نظرا لقيمتها العلمية من جهة وثمنها الزهيد الذي هو في متناول البسطاء من جهة اخرى بدل تلك الطريقة التي تحز في نفس كل غيور على هذا الوطن وتؤلم كل ضمير حي وتدمي قلب مل مواطن ينبض حبا لهذه البلاد.. هذه المأساة التي تفرض علينا أن نبكي بحرقة مصير القراءة والعلم والمعرفة وتداول الكتب.
هناك مقولة شهيرة تداولها الناس بعد محرقة مؤلفات ابن رشد تقول: «لقد بدأ سَقوط الأندلس يوم أُحرِقت كتب ابن رشد، وبدأت نهضة أوروبا يوم وصلتهم أفكاره». فما الذي سيحدث ويبدأ وينتج عن مأساة جرف الكتب القديمة؟؟ ما الذي سيسقط؟؟ وما الذي سينهض؟؟
أم أن الأمر سيمر مر الكرام وكأن شيئا لم يحدث؟؟
