من « صراع الحضارات » إلى « صراع الطبيعة والشذوذ عن الطبيعة ».
د. محمد ياوحي
المجتمعات البشرية والحيوانية والحشرية …. ومنذ ظهورها، تحكمها قواميس ونواميس مكتوبة أو متوارثة، هدفها هو الحفاظ على توازن واستمرار هذه المجتمعات.
هذه المكابح القيمية والعقدية (من عقيدة) ساهمت رغم تضييقها النسبي لمفهوم الحرية في الحفاظ على البنية المجتمعية من التحلل والاندثار.
في مملكة النمل أو النحل أو الذئاب…. تدافع هذه المخلوقات عن العشيرة أو المستعمرة وتحصنها من اختلاط الأنساب واختراق مجموعات غريبة تؤدي إلى تهجين النسل أو تقويض التوازن الداخلي، وتسعى إلى التزاوج والتكاثر المنتظم حفاظا على الاستمرارية وغريزة البقاء، وخلايا الجسم المتناهية الصغر والتعقيد تجدد نفسها بانتظام وترفض الأجسام الغريبة وتسعى إلى طردها لكونها لا تنسجم مع التوازن البيولوجي للجسم.
الإنسان قام بتهجين ثقافته وديانات بشرية وربانية، تحت تأثير (نشوة) ونزوات لا نهائية الحرية الفردية التي ألبست قداسة أخرجتها من كل المكابح التي كانت ولا تزال تحافظ على تماسك المجتمع/العشيرة، بل وتحافظ على استمراريتهما.
هذا الانحلال عند بني البشر من كل وازع (ديني، أخلاقي، عرفي، ثقافي.) هو ما شرع لتفكك القبيلة/المجتمع بل وحتى الدول نفسها ماضية في طريق التحلل التدريجي لتعوضها منظمات مالية عالمية يحكمها(أرباب) المال والمفاهيم القيمية الجديدة.
الأرباب الجدد و حكام العالم الذين نصبوا أنفسهم فوق سلطة الأرباب القدامى -(أقصد بهم الإله الواحد عند التوحديين و آلهة الحكمة و الفلسفة البشريون، الذين ربما لم يدعوا الربوبية الفعلية بمفهوم الخلق و الحساب و العقاب، و لكن ربوبية حق توجيه الناس و تعليمهم و تهذيب أذواقهم و أخلاقهم و تنظيم حياتهم الفردية و الجماعية)- الأرباب الجدد يتحكمون تدريجيا في سن شرائع جديدة و كتابة دساتير و قوانين و معاهدات و اتفاقيات و بروتوكولات، تنافي ما يتقبله الكون في إطار التوازن العام الذي وجد عليه منذ الأزل، و هكذا دخلنا في مرحلة هدم داخلي للمجتمعات و للقيم عن طريق مؤسسة institutionnalisation الشذوذ النفسي و الذهني و الأخلاقي و الجنسي و القيمي و المذهبي.
شذوذ عن الفطرة السليمة المنسجمة مع البيئة و البنية الذهنية للمجتمعات، التي لا يمكن أن تستوعب تطورات أسرع من التحول الذي يقبله الوعي الجمعي للمجتمع، و كذلك قابلية التكيف و الانضباط لهذه التغيرات من طرف العشائر المجتمعية، هذا ما يؤدي إلى حالة من التيه والالتباس و الفوضى العارمة: يعني توازنات جديدة في إطار الفوضى، هذه التوازنات ما هي إلا أوهام توازن illusions d équilibre لن تلبث أمام النواميس العظمى التي تحكم التوازن العام للأكوان و المجرات….
الدخول في نظام عالمي هجين، و لن نقول جديد، لأن الشذوذ الذهني و الثقافي و المعرفي و الجنسي ليس بظاهرة جديدة بل متكررة، ساهمت في سقوط دول و حضارات و ثقافات عبر تاريخ البشرية.
En s’inspirant de K. Marx, on peut avancer que la doctrine individualiste anglo-saxonne poussant la liberté individuelle au-delà des règles instinctives naturelles porte en elle même les gènes de sa destruction.
المنطق يقضي بأن المجتمعات التي تحاول إكراه المجموعات والعشائر و الأفراد على إتباع هذه الموجة الغير السوية من حيث التوازنات الكونية العامة، لن تصمد أمام العودة الطبيعية إلى حالة الطبيعة السوية المنضبطة لقوانين سامية تسمح باستمرار الأفراد و المجموعات.
La résilience universelle, va ramener les situations de déséquilibres imposées, à des situations d’équilibres; par l’abolition de toutes sortes d’anomalies transgressant les lois et systèmes qui patronnent l Univers.
المجتمعات التي ستأخذ بزمام العالم قريبا جدا هي المجتمعات التي تحتفظ بإنسانيتها وبقيم التعايش السليم تحت سقف أسرة (((((((منجبة)))))))) متضامنة في تماسك بين قبائل وعشائر تضمن الدولة الوطنية حماية حقوقها وأمنها النفسي والروحي والبدني، أما غير ذلك فمجرد نزوات بشرية لمجموعات دخلت في هلوسة نفسية جماعية تسبب فيها (جنون العظمة وعظمة الجنون) عند حفنة من غرباء الأطوار، تتغذى من مآسي ودماء وعرق الإنسان والحيوان والطبيعة.
حماية الأسرة والقبيلة والعشيرة والدولة الوطنية من التفكك أولوية أولويات الجميع، ولا يجب العبث بمفاتيح الكون.