حكومة ليست كالحكومات لكن الانتظارات واحدة
بقلم : عبدالحق الفكاك
قد لا يهم الحديث عن حجم المبالغ المالية، التي ظهرت إبان الحملات الانتخابية لاقتراع أعضاء المجالس المحلية، الجهوية والتشريعية، أو أثناء بناء التحالفات لتشكيل مكاتب هذه المجالس نفسها .
وربما ليس مهما التدقيق في تلك الحسابات المالية، التي تم صرفها منذ بدء الاستحقاقات الانتخابية في شهر ماي من السنة الجارية، فالمهم هو أن قطار الانتخابات قد وصل أخيرا إلى محطته النهائية بعد تشكيل الحكومة الجديدة وافتتاح أشغال البرلمان .
فالحكومة التي انتظرها الجميع، قد تم الإعلان عن أسماء أعضائها الدين من بينهم اشخاص، لا يعرف عنهم الكثير، اللهم ما كان من وزراء السيادة المعلومة أسماءهم عند الخاص والعام .
وقد يبدو لأول وهلة أنها حكومة قوية، ليس فقط لأنها تضم ثلاثة أمناء أحزاب سياسية تتصدر المشهد السياسي الجديد، ولا لأن بها أربعة عمداء المدن، ولكن لأنها كذلك تتوفر على ما يشبه الأغلبية المطلقة سواء في الغرف والوحدات الإنتاجية أو المجالس المحلية والجهوية مع أغلبية مريحة داخل قبة البرلمان بمجلسيه النواب والمستشارين.
ما من شك أن التشكيلة الحالية للحكومة، والتي تضم أيضا 7 نساء سيجعلها تحظى باحترام وتقدير من لدن العديد من منظمات المجتمع المدني، باعتبارها أول حكومة مغربية تتوفر على هذا العدد المهم من الكوادر النسائية.
ولأنها أيضا تتشكل من ثلاثة أحزاب سياسية فقط، فإنها ستكون حكومة أكثر انسجاما وتلاحما، بما سيجعلها أيضا متماسكة ومتضامنة، وهذا ما تتطلبه المرحلة ويطلبه المغاربة قاطبة .
ولأنها كذلك فلا عذر للحكومة الجديدة ، إذ ليس لها من خيارات أخرى سوى أن تستجيب لانتظارات الشعب المغربي، خاصة وأنها رفعت شعار التغيير .
ذلك الشعار الكبير الذي طالما استعصى تحقيقه على العديد من الحكومات المتعاقبة، بما فيها حكومة التناوب أو لنقل حكومة الراحل عبدالرحمن اليوسفي .
طبعا لم يبقى أمام هذه التشكيلة الجديدة سوى أن تكشف عن برنامجها الحكومي، الذي يجب بالضرورة أن يتضمن تفاصيل تلك الوعود التي قطعها على نفسه رئيس الحكومة عزيز أخنوش ومن معه .
انها وعود أقل ما يقال عنها أنها التزام أخلاقي يجب الوفاء بها، على الأقل في بحر الاعوام الخمسة المقبلة ، وهي مدة زمنية كافية لإنجاز كل القرارات التي تحدت عنها الرجل إبان الحملة الانتخابية.
أكيد أن التصريح الحكومي المنتظر عرضه قريبا سيتضمن قرارات سياسية جريئة، قادرة على أن تعطي إشارات الجابية، على أن التغيير ممكن، وان المغاربة بالفعل يستحقون الأفضل.
إن المائة يوم من عمر الحكومة الجديدة، لا بد أن تؤكد حسن النية من خلال إعادة النظر في بعض القرارات التي مست المعيش اليومي للمواطن : سواء تعلق الأمر بتعزيز القدرة الشرائية، أو بصرف تعويضات مالية للمحتاجين من عامة الشعب ، لاسيما الفئات الاكثر هشاشة.
إن تشغيل العاطلين و الزيادة في رواتب الموظفين و تخفيض الرسوم الجمركية و الضرائب ومراجعة خطة اصلاح نظام التقاعد وترسيم المتعاقدين مع إصلاح القضاء والمنظومة التعليمية والصحية .. إلخ ، كلها قضايا اجتماعية راهنة بحاجة ماسة إلى تدخل عاجل من لدن الحكومة الجديدة.
ما من الشك أن التشاؤم يبقى أمرا مرفوضا ، لأن الوزراء الجدد بحاجة إلى سلم اجتماعي يساعد على تهيئ الظروف الملائمة لإحداث التغيير المنشود .
لذلك لا بأس من إشاعة جو من التفاؤل ، حتى تتمكن الحكومة الجديدة من كسب تقة الجميع ويتأتى لها وضع يدها على مكامن الخلل ، لتشرع في عملها بنية الإصلاح و التغيير .. والله ولي التوفيق والنجاح .