قضية الوحدة الترابية من تصفية الاستعمار إلى نزاع اقليمي

قضية الوحدة الترابية من تصفية الاستعمار إلى نزاع اقليمي
شارك

فؤاد الجعيدي

في هذا القسم نتناول الكلمة التي ألقاها السيد الأمين العام الميلودي مخارق، فيما يتعلق بالمواقف المبدئية والثابتة للاتحاد المغربي للشغل، منذ تأسيس الاتحاد في بداية الخمسينيات من القرن الماضي، وما راكمه من تعاطي نضالي في عمليات التحرير الوطني من الهيمنة الامبريالية، على الوطن فرنسيا واسبانيا، وما ظل يخوضه الاتحاد من نضالات عبر مناضليه داخل التنظيمات النقابية العمالية، عربيا وإفريقيا وعلى الساحة الدولية وفي كل المحافل، للترافع على أم القضايا وما أنتجه من أداء في مجال الدبلوماسية النقابية، ونظرا لأهمية المداخلة ارتأينا الوقوف عند أهم المحطات التي تناولتها كلمة السيد الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل خلال هذه الندوة التي تعددت فيها أشكال المقاربات لتسليط الضوء على مسارات قضية وحدتنا الترابية:

نظم المكتب الوطني للشبيبة العاملة المغربية، بالمقر المركزي للاتحاد المغربي للشغل بالدار البيضاء، يوم 20 نونبر 2021 ندوة حول المسيرة الخضراء ومستجدات ملف الصحراء ودور الاتحاد المغربي للشغل في الدبلوماسية النقابية، وهي الندوة التي أدارها الأخ جلال بالمامي، بحسن التقديم للضيوف واستخراج الخلاصات المطلوبة من مداخلات المشاركين.

والتأم النقاش حول المؤلف الأخير للأستاذ والإعلامي بوشعيب الحمراوي، في موضوع عنوانه المركزي ( الوحدة الترابية، قضية المغاربة الأولى ) تفرعت منه بؤرة محورية ( المغرب والجار الجائر )

وفي أولى المداخلات تناول السيد الأمين العام للاتحاد الميلودي مخارق، قضية  الوحدة الترابية والسيادة الوطنية، باعتبارها قضية حيوية لكل أجهزة الاتحاد، ومتشبث بها حتى النخاع، وهي المواقف التي تبلورت في سياق تاريخي، تميز بنشأة الاتحاد المغربي للشغل في مواجهة قوانين الاستعمار الفرنسي، والتي كانت تمنع المغاربة من ممارسة حقهم في التنقيب وأيضا للمطالبة باستقلال البلاد وتحرير أراضيها من الغزاة  الاستعماريين.

ولم يكن الاتحاد حركة للمطالبة بتحسين الأوضاع للطبقة العاملة فقط، بل كانت له مواقف ثابتة ومبدئية،  من مسألة تحرير الوطن واستقلاله عن القوى الاستعمارية ليس في شمال المملكة بل في كل ربوع الوطن.

أدبيات المرحلة للاتحاد أي منذ سنة 1956 من خلال بلاغاته وجرائده طالب باستكمال عملية تحرير الجزء الجنوبي من المملكة، سبتة ومليلية وكل الثغور المحتلة، وهو امتداد طبيعي لنصرة قضايا التحرر الوطني.

منذ الستينيات من القرن الماضي كانت هناك موجة في افريقيا للمطالبة باستقلال بلدانها، وانخرط الاتحاد في العديد من المبادرات التي احتضنها بمقره المركزي بالدار البيضاء، وكان من بين المؤسسين لاتحاد النقابات الافريقية واستقبل الاتحاد بمقره المركزي زعماء نقابيين وسياسيين أفارقة من بينهم الزعيم سيكوتوري رئيس دولة غينيا كأحد دعاة التحرر الافريقي الوطني، للقارة  السمراء والتي تم توزيعها بين القوى الامبريالية فرنسا واسبانيا وهولاندا، وعلى الشباب اليوم العودة للبحث، في هذا التراث الوطني المليء بالدروس والأحداث نحن في أمس الحاجة لقيم هذا الموروث التحرري  واستمرارية شعلته في صفوف شباب اليوم.

الاتحاد المغربي للشغل بفضل حنكة وتجربة مناضليه السياسية، رفض وضع ملف الصحراء على اللجنة الرابعة للأمم المتحدة، ومعتبرا أن قضية الصحراء لا تخضع لمنطق تقرير المصير للشعب الصحراوي بل استكمال الوحدة الترابية بجلاء الاستعمار الاسباني من التراب الوطني المغربي.

وظلت الطبقة العاملة المغربية، تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل تناضل داخليا وعلى الصعيد الإقليمي والقاري والدولي، بحكم العلاقات التي تربطه بالمنظمات النقابية العمالية العالمية، على كافة المستويات من بينها ما نصطلح اليوم على تسميته بالدبلوماسية النقابية.

وبعجالة، ففي سنة 1989 هنا بالدار البيضاء ساهم الاتحاد المغربي للشغل في تأسيس الاتحاد النقابي لعمال المغرب العربي والذي ضم النقابات العمالية الخمس لدول المغرب العربي(المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريطانيا)، وتعلمون مدى مكانة الاتحاد العام التونسي للشغل اليوم السياسية، ودوره المحوري في المنطقة ومواقفه مما يجري بالشقيقة تونس.

هذا التنظيم النقابي المغاربي ولنا من الوثائق ما يؤكد ذلك لم يسبق له أن نازع في مغربية الصحراء، وحتى نقابة الأشقاء الجزائريين رغم تبعيتها للدولة، كانت تعترف دائما وأبدا بمغربية الصحراء، لدى اتحاد العمال الجزائريين واعتبرت قضية وحدتنا الترابية قضية محسومة ولا لبس فيها

وهذا شرف لنا في الاتحاد المغربي للشغل وللطبقة العاملة المغربية التي يمثلها.

وفي الاتحاد الدولي لنقابات عمال العرب، وهو الاتحاد العربي الذي لا يعترف إلا بتمثيلة الاتحاد المغربي للشغل للطبقة العاملة، ظل ولعقود يعترف بمغربية الصحراء، وحتى في الفترة التي كان فيها الأمين العام لهذا التنظيم العربي من أصل جزائري، وهو الراحل حسن جمامة.. لم يترك الاتحاد المغربي للشغل في هذا الإطار النقابي العربي سوى موقفا موحدا في الاعتراف بمغربية الصحراء..

كذلك الاتحاد المغربي للشغل، منخرط في أكبر تنظيم نقابي على الصعيد الدولي وهو الاتحاد الدولي للنقابات، والذي جاء تجميعا لتنظيمين نقابيين سابقين عليه، وهنا ظل الاتحاد المغربي للشغل يلعب دورا طلائعيا في الدفاع على قضية الوحدة الترابية، هذا التنظيم الذي يجمع كل نقابات العالم والتي تتوفر فيها الشروط، منها الاستقلالية النقابية والديمقراطية الداخلية والتمثيلية العمالية، على صعيد كل دولة ويتألف من 176 دولة و305 منظمة نقابية و270 مليونا من المنخرطين عبر العالم، وهو أكبر تنظيم نقابي عالمي وله آلة ضاربة وضاغطة، على الدول وعلى التنظيمات الدولية، وفي المؤتمر الأخير في كوبنهاكن انتخب الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، نائبا للرئيس في هذه المنظمة الدولية وكعضو في المكتب التنفيذي، وهذا شرف للمغرب، وللطبقة العاملة المغربية وعموم مناضلي الاتحاد، وفيه نتصدى لخصوم الوحدة الترابية ولمناورات الأعداء بشراسة وبطرق مباشرة وغير مباشرة.

في كل مؤتمرات هذا الاتحاد الدولي، الذي يوجد مقره ببروكسل، نتصدى لمحاولات إقحام تنظيم عمالي صوري ووهمي لجمهورية صورية وهمية وأطلقوا عليه اسم (خيطي زاريو ) دوما كنا نتصدى لانخراط هذا التنظيم المزعوم في طلباته المقدمة للاتحاد الدولي للنقابات، وظل الاتحاد المغربي للشغل دوما يقطع عليهم الطريق، طريق الانضمام، ومن منطلقات موضوعية،  هل توجد في مخيمات العار بتندوف معامل وشركات وإدارات ووحدات إنتاجية وصناعة وفلاحة؟ الواقع لا يؤكد وجود مؤسسات إنتاجية، وبالتالي لا وجود لطبقة عاملة، سوى مخيمات لاعتقال الأطفال والشيوخ والنساء.. ويظل التنظيم النقابي (خيطي زاريو) تنظيما وهميا بامتياز من صنيعة البوليساريو.. وأيضا في هذا التنظيم الدولي توجد بعض الدول والنقابات لها مغالطات، منها ثلاثة تنظيمات نقابية اسبانية، لها عداء فيما يتعلق بوحدتنا الترابية بالرغم من علاقاتنا ثنائية معها، لكن نختلف وبقوة كلما تعلق الأمر بوحدتنا الوطنية حول مغربية الصحراء، وأيضا لنا خلاف مع الكونفدرالية العامة لعمال ايطاليا  وكذلك مع التنظيم النقابي الفرنسي الذي كان شيوعيا، ففي كل المؤتمرات والندوات الدولية، يخوض مناضلو الاتحاد صراعات شرسة كلما حضرت القضية الوطنية، ومحاولات المساس بقدسيتها في وجدان الطبقة العاملة المغربية، ففي مؤتمر برلين كانت هناك محاولات لتمرير توصية لمساندة عمال الشعب الصحراوي، وتصدينا بقوة للحيلولة لسحب التوصية وعدم الإقرار  بتبنيها من طرف المؤتمر، وتصدينا لنقابة جنوب إفريقيا عبر شبكة النقابات الصديقة والشقيقة واستخدمنا آليات العمل الدبلوماسي النقابي، وهو أمر لم يكن بالهين، لكن انتزعنا فيه الانتصار لقضية وحدتنا الترابية. وفي ألبانيا تمكنت الشبيبة العاملة من مواجهة مخطط الخصوم، ورفع الراية المغربية رغم محاولات الدولة الألبانية للانحياز لموقف الخصوم،  وبالرغم مما عاشه مناضلو الشبيبة العاملة من عراقيل بالمطار الألباني. فتمكنوا بفضل الصمود والنضال من انتزاع اعتذار المسؤولين الألبان مما حدث، ورفع الصوت المغربي داخل القاعات.

وأكبر معركة وجهناها بمدينة روما، والتذكير بهذه المحطات، الهدف منها التعريف بمواقف الاتحاد المغربي للشغل، في المحافل الدولية كلما تعلق الأمر بقضيتنا الوطنية، والتي نخوض فيها نضالات لم تكن في يوم من الأيام بإيعاز من الدولة، بل إيمانا واقتناعا منا بعدالة قضيتنا ووحدة التراب الوطني والسيادة الوطنية عليه.

ففي روما أقامت النقابات الايطالية مهرجانا دوليا، شاركت فيه النقابات الدولية من أجل نصرة قضية ما يسمى (بالشعب الصحراوي) لكن مناضلي الاتحاد وحضوري الشخصي فيه، عملنا على إفشال المبادرة وعدم صدور أي توصية في هذا المهرجان.. وفي مؤتمر كوبنهاجن كان لحضور وفد من القيادة الوطنية للاتحاد المغربي للشغل وشبيبته العاملة وتنظيم المرأة واجهنا إلى جانب الأعداء الكلاسيكيين بزعامة الاتحاد النقابي الجزائري النقابات الاسكندنافية، في مواجهة الخصوم كثفنا من اللقاءات والتواصل مع الوفود النقابية الدولية لإحباط كل المناورات التي كانت تحاك ضد وحدتنا الترابية ولم نسمح ولن نسمح أبد الآبدين أن تكون هذه القضية موضوع تشكك أو موضع تصريف لمواقف تعادينا.

فقط في هذه العجالة كان علي أن أقوم بتعريف أجيال اليوم بهذا الزخم النضالي الرائع، وما وفرته التجارب النضالية لمناضلي الاتحاد المغربي للشغل من ثبات على المواقف في جميع الظروف والأحوال وتعد تراثا نضاليا وطنيا وجب علينا الافتخار به والسير على نهجه والمحافظة عليه وصيانته من كل تحريف.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *