قضية الوحدة الترابية من تصفية الاستعمار إلى نزاع اقليمي مقاربة الأستاذ الباحث المساوي العجلاوي

قضية الوحدة الترابية من تصفية الاستعمار إلى نزاع اقليمي مقاربة الأستاذ الباحث المساوي العجلاوي
شارك

فؤاد الجعيدي

نظم المكتب الوطني للشبيبة العاملة المغربية، بالمقر المركزي للاتحاد المغربي للشغل بالدار البيضاء، يوم 20 نونبر 2021 ندوة حول المسيرة الخضراء ومستجدات ملف الصحراء ودور الاتحاد المغربي للشغل في الدبلوماسية النقابية، وهي الندوة التي أدارها الأخ جلال بالمامي، بحسن التقديم للضيوف واستخراج الخلاصات المطلوبة من مداخلات المشاركين.

والتأم النقاش حول المؤلف الأخير للأستاذ والإعلامي بوشعيب الحمراوي، في موضوع عنوانه المركزي ( الوحدة الترابية، قضية المغاربة الأولى ) تفرعت منه بؤرة محورية ( المغرب والجار الجائر )

في هذا القسم الثاني، نتناول مداخلة الأستاذ والباحث الأكاديمي المساوي العجلاوي  أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة محمد الخامس الرباط، والمنشغل بقضايا العلاقات الدولية، والباحث أيضا في معهد الدراسات الإفريقية بالعاصمة الرباط. 

استهل الكلام من منطلقات الحديث، عن تصفح وقراءة وتوظيف العديد من الوثائق فيما يعرف اليوم بالدراسات الأكاديمية في التاريخ الراهن، ومعتبرا أن الاتحاد المغربي للشغل ليس مؤسسة نقابية فقط تعنى بقضايا العمال والمستخدمين بل هي ولدت من رحم الحركة الوطنية، وفي مارس 1955 سنة تأسيس الاتحاد المغربي للشغل، ما هو إلا تحول في العمل الذي لعبته الحركة النقابية داخل الحركة الوطنية، وكان من الطبيعي أن يكون امتدادا للحركة النقابية في الحركة الوطنية ما بعد الاستقلال.  وهناك العديد من الوثائق التي تدل وتؤكد على عمل الاتحاد المغربي للشغل في وافريقيا جنوب الصحراء والعالم العربي وتتحدث عن عدد من القيادات والمناضلين، وعلى مستوى العلاقات مع الحركات النقابية والحركات التقدمية في القارة الافريقية،  والمجال لا يتسع لاستقراء هذه الوثائق والتي تحتاج إلى تنظيم ندوات حولها في إطار الاتحاد المغربي للشغل، وهي كلمة حق وجب قولها حيث أن الاتحاد المغربي للشغل، ليس واجهة للمطالب الاجتماعية وكفى، بل هو مؤسسة تجمع مواطنات ومواطنين مغاربة يهتمون  من قريب ليس باليومي بل أيضا بمصير الأمة المغربية وكل رهاناتها..

وانطلاقا من هذا القول، تجلت قضية الصحراء كقضية وطنية وقضية لكل المغاربة، والتي عرفت منعطفات خطيرة في العديد من المراحل وكان تهدد بتجزئة الوطن لو سارت في اتجاهات أخرى، ولا ندافع عن القضية انطلاقا من  شعور وطني فقط  بل أيضا انطلاقا من عدد من المواقف وانطلاقا من الوثائق التاريخية والعمل الأكاديمي القوي والعميق والتحاليل التي يمكن أن ننتصر بها لقضيتنا العادلة، وهنا ألتقي مع ما أشار إليه الأمين العام من نضالات على مستوى المؤسسات النقابية الدولية واللقاءات الدولية، بملفات متكاملة نشرح فيها الأمور.. الآخرون ديمقراطيون قبل كل شيء، قد تنطلي عليهم بعض التفاسير المغلوطة، وغالبا ما يتراجعون لأننا نحمل صوت الحق ونحمل صوت الشعب المغربي، وهذه هي الصخرة القوية التي يتوقف عندها الكثير عندما يريدون اتخاذ قرار ما .. أقول الكثير من الدول والقيادات السياسية على مستوى الدولي، يعرفون أن قضية الصحراء هي قضية الشعب المغربي برمته، وهناك مغالطات على أساس أن قضية الصحراء هي قضية نظام، ولكن عندما يكتشفون أن النقابات الوطنية والأحزاب الوطنية وأن تنظيمات المجتمع المدني كلها تنتصر لقضية الصحراء.

وهذا مدخل أساسي لموضوعنا، حول إنعاش الذاكرة والتاريخ. فقضية الصحراء عندما نعود إلى التاريخ وإلى القانون الدولي، أن المغرب هو أول من وضع طلب تقرير المصير في  لجنة كانت تسمى لجنة 24،  واجتمعت في المغرب غير ما مرة ثم اللجنة السياسية وهي اللجنة التي وضع فيها المغرب أول طلب ليس فقط قضية الصحراء بل أيضا قضية افني أي كانت هناك قضيتان: قضية إفني وقضية الصحراء وكان في أروقة الأمم المتحدة شعب إفني وشعب تحت نفوذ الاسبان بالصحراء، وفي وثائق الأمم المتحدة  الشعب لا تعني الانفصال وإنما السكان والمغرب هو أول من وضع هذا الطلب وهناك أول وثيقة هي رسالة قد وضعها المغرب، وطلب المشاركة في اللجنة السياسية وهي موجود بأرشيف الأمم المتحدة وهي A\ AC 109.24 وكانت الإجابة على هذا الطلب المغربي  من اللجنة السياسية، في اجتماعاتها ما بين  شتنبر 1964 وأكتوبر 1964، يعني هذا أن أول دولة طلبت بتحرير تقرير المصير في الصحراء،  هي الدولة المغربية رسميا وبذلك لم يكن أي أحد يطرح مغربية الصحراء بل على العكس من ذلك كان هناك ممثل للنظام للجزائر، ما بين 1963 و1965 توفيق عطيوة. فموريتانيا استغلت ورقة الصحراء للضغط على المغرب للاعتراف باستقلالها.

المغرب عزز ملفه وحضوره في اللجنة السياسية والتي ستصير فيما بعد  اللجنة الرابعة بوفود من حركات التحرير، المنتصرة لمغربية الصحراء والتي أتت إلى نيورك ودافعت عن الملف المغربي إلى جانب وفود أخرى شاركت باسم موريتانا ومنها من كان يميل للبقاء الاسباني في الصحراء، المنظمات التي انتصرت للمغرب سيظل الاعتماد عليها فيما بعد.

إلى أن حلت سنة 1975 وهي سنة مفصلية في تاريخ هذا النزاع الإقليمي، النظام الجزائري وفي قمة الحرب استقطب جبهة البوليساريو والتي ولدت في سياق مغربي مغربي ونؤكد على هذا الطرح، لكن تم استقطابها من لدن نظام الهواري بومدين الرئيس الجزائري في صيف 1974 ثم بعد ذلك من طرف النظام الليبي.

النظام الجزائري وبتنسيق مع قيادة ما بعد فرنكو الذي كان على فراش الموت، حاول هذان الطرفان فصل الصحراء عن المغرب، ونسقوا كثيرا وهذا التنسيق هو الذي يشبه إلى حد ما التنسيق الذي بدأ في أبريل و ماي وجوان الأخير فيما يخص قضية بنبطوش بين النظام الجزائري وبعض الأطراف في الحكومة الاسبانية.

كان الهدف هو فصل الصحراء عن المغرب، وهناك وثائق عملنا على نشرها ببعض المواقع المغربية، اسبانيا كانت تحاول البقاء على مستوى الاستغلال الاقتصادي والنظام الجزائري كان يرغب في وضع البوليساريو كواجهة وهو المتحكم فيها للوصول إلى واجهة المحيط الأطلسي، لكن الراحل الحسن الثاني قام يوم 16 أكتوبر أي يوم إعلان محكمة العدل الدولي بأن هناك روابط البيعة بين المغرب وسكان الصحراء وهنا أعلن المسيرة لإفشال هذا المخطط الجهنمي والذي كان يريد فصل الصحراء عن المغرب,

ولذلك لم يكن أحد يعتقد أن المغرب سيسلك هذا المسلك ويتخذ هذا القرار والذي قلب كل الموازين.، ويكفي العودة إلى أرشيف مجلس الأمن يوم 6 نونبر بالخصوص للتعرف عن قرب عن النقاش والقضايا التي أثيرت داخل مجلس الأمن فيما يخص المسيرة الخضراء، وكانت هذه المسيرة انتصارا كبيرا ليس للموقف الرسمي بل أيضا للشعب المغربي برمته وإطاراته النقابية والسياسية وكل هيئاته الحية وحتى أن بعض التنظيمات التي كانت لا تريد أن تقتسم مع(النظام)  بين قوسين موقف مغربية الصحراء لم تدع أبدا ما يسمى بالشعب الصحراوي.. إلا ابتداء من سنة 1976 في سياقات أخرى

وبقية الأمور هكذا إلى سنة 2007، لكن دعوني للتوقف عند سنة 1975 قرار محكمة العدل الدولية والذي اعتبره الملك الراحل الحسن الثاني قرارا وليس رأيا استشاريا، فعندما أرادت المحكمة أن تعالج الأسئلة التي طرحتها الجمعية العامة وهما سؤالان أساسيان على المحكمة، طلبت من المغرب تقديم كل الوثائق والمغرب قدم وثائق عديدة ( والتاريخ ينصف ولا يظلم أحدا،) ومن بين هذه  الوثائق، الاتفاقات المبرمة مع الولايات المتحدة الأمريكية وآخرها هي التي ذكرها بايدن مؤخرا عندما تحدث عن العلاقات مع المغرب في سنة 1785 ونحن نتحدث عن دولة، بمؤسساتها القائمة في القرن الثامن عشر والمحكمة الدولية احتارت هل الصحراء كانت أرضا خلاء أم لها روابط مع المملكة الشريفية كل الوثائق عززت هذا الاتجاه وبروابط البيعة بين أهل الصحراء وملوك المغرب.

الأستاذ المساوي العجلاوي، ظل وبامتياز يتتبع ويحلل المعطيات في الوضع الجيو سياسي الراهن وله حضور قوي في كل المنابر والمواقع الإعلامية المرئية والمكتوبة في تتبع النزاع بالشمال الافريقي وتحظى مواقفه بالاحترام والتي يؤسسها على الدراية والمعرفة بالوثائق التاريخية.

كان اللقاء معه لقاء منتجا من حيث توجيه اهتمام المشاركين للاطلاع على مستندات قضية الصحراء المغربية، على أرشيف الأمم المتحدة والمتوافر عبر موقعة الالكتروني، كما وجه اهتمام مناضلات ومناضلي الاتحاد المغربي للشغل إلى الاهتمام بخزائنهم الوثائقية التي يتوفر عليها أرشيف الاتحاد.

وختم مداخلته الغنية بالثراء المعرفي والتاريخي، عند المقترح المغربي والمتعلق بالحكم الذاتي والذي أعطى نفسا وتأييدا دوليا لقضيتنا الوطنية، ثم شخص مواقف الجزائر اليوم التي جندت دعايتها لحمل مساعدات على الطريق الصحراوي والبلغ 1700 كلم. وهنا تساءل عن نوعية هذه المساعدات التي ستحملها على شاحنات لتعبر كل هذه المسافة للوصول إلى العمق الإفريقي، معتبرا إياها نوعا من العبث السياسي في هذه الظروف التي يعرف فيها الشعب الجزائري خصاصا في أوضاعه المعيشة.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *