وضعية القدرة التنافسية للشركات المغربية الصغيرة والمتوسطة؟
الدكتور سيف الدين شائق
في عصر العولمة والتحرير التدريجي للتجارة، تهتم السلطات الاقتصادية بشكل متزايد بتحسين مساهمة الشركات الصغيرة والمتوسطة في الدائرة الاقتصادية، من خلال تسليط الضوء على مصادر التنمية والقدرة التنافسية. لهذا تعتبر مسألة الشركات الصغيرة والمتوسطة أكثر أهمية في حالة الاقتصادات النامية مثل حالة المغرب.
تمثل الشركات الصغيرة والمتوسطة، غالبية النسيج الاقتصادي وتساهم بشكل كبير في خلق فرص العمل والتنمية الاقتصادية. وهي تشكل حوالي 90٪ من الشركات وأكثر من 50٪ من الوظائف في العالم (المصدر: البنك الدولي).
وفي منطقة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، تعد الشركات الصغيرة والمتوسطة، هي الشكل السائد للأعمال التجارية، حيث تمثل حوالي 99 ٪ من مجموع الشركات) منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، 2017.(
ومع ذلك، على الرغم من الوجود القوي للشركات الصغيرة والمتوسطة، من حيث الناحية الكمية، فإن مساهمتها في القيمة المضافة، تظل ضئيلة للغاية. ففي بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، تبلغ مساهمة الشركات الصغيرة والمتوسطة بين 47 و67٪ من القيمة المضافة في هذه البلدان. في حين بالمغرب، تمثل الشركات الصغيرة والمتوسطة 95٪ من العدد الإجمالي للشركات، لكنها تساهم فقط بنسبة تصل إلى 20٪ من القيمة المضافة في عام 2018.
وتدل هذه الإحصائيات على أن هذا الصنف من المقاولات له العديد من المشاكل والقيود، نظرًا لصغر حجمها وإدارتها التي يهيمن عليها الطابع الأسري في معظم الحالات، وعدم تناسق المعلومات، وإمكانية حصولها على التمويل. ويشكل هذا الأخير المشكلة الرئيسية التي تبطئ التنمية الاقتصادية والمساهمة وتزيد من إعاقة « قدرتها التنافسية ».
وفي سياق العولمة والانفتاح الاقتصادي، تسعى الشركات الصغيرة والمتوسطة جاهدة لإقامة روابط اقتصادية وحجز مكان لها في الأسواق الناشئة، من أجل تطوير أنشطتها. ومع ذلك فإن المشاركة التجارية للشركات الصغيرة والمتوسطة في البلدان النامية منخفضة، حيث تمثل الصادرات 7.6٪ من مبيعات السلع المصنعة، مقارنة بـ 14.1٪ للشركات الكبيرة (تقرير التجارة الدولية، 2016). وتبلغ حصة الشركات المصدرة حوالي، 7٪ وأكثر من نصفها بقليل من المصدرين المنتظمين. هذه الحصة هي 2.6٪، ضمن الأعمال الصغيرة جدا و10٪ على مستوى الشركات الصغيرة والمتوسطة، حسب آخر استطلاع أجرته المفوضية العليا للتخطيط بين نسيج ريادة الأعمال.
وفي نهاية العقد الأول، من القرن الحادي والعشرين، عندما كانت الصادرات تهيمن عليها إلى حد كبير، منتجات الأغذية الزراعية والفوسفاط والمنسوجات، تم تعديل هذه التوازنات بشكل كبير، مع ظهور قطاعات المستقبل مثل صناعة الطيران والسيارات. ومنذ العام 2013، أصبح قطاع التصدير الرائد عندما كان شبه معدوما قبل عشر سنوات. ثم اتبعته صناعة المواد الغذائية والفوسفاط ومشتقاته والمنسوجات والجلود والطيران. وهذه العوامل تخدم مصلحة المغرب على المستوى الدولي وتحسن من تكوينه الاقتصادي الذي بدأ يعتمد أكثر على تكنولوجيات الحديثة والتقنيات المتطورة.
لكن لا تزال عملية تدويل الشركات الصغيرة والمتوسطة بالمغرب، تعاني من عدة عقبات على جميع المستويات؛ الحواجز التنظيمية والمالية والضريبية والحواجز الثقافية، ونقص المهارات الإدارية ونقص المعلومات، إلخ. ولمواجهتها أطلق المغرب عدة مشاريع مستهدفا تعزيز القدرة التنافسية للشركات الصغيرة والمتوسطة، على الصعيد الدولي من أجل التغلب على إكراهات الأسواق الناشئة مثل سوق أمريكا اللاتينية، وتعزيز التجارة بين المغرب والدول الإفريقية لجعل المغرب جسر تواصل مهم لكل الأقطاب الاقتصادية العالمية..
إن الشركات المغربية الصغيرة والمتوسطة، هي العمود الفقري للاقتصاد الوطني الذي يجب تعزيزه بمزيد من الاهتمام، والبرامج المحددة جيدًا وتأطيرها وفقًا لخصوصيات كل قطاع، من أجل تحقيق رؤية التنمية المستدامة التي تتوخاها الاستراتيجيات العامة للدولة المغربية.