دوام البر
فؤاد الجعيدي
مؤسسة الراحل مجيد ساهمت مساء الأمس في الاحتفال باليوم الأممي للمرأة، إلى جانب الهيئة الوطنية لصناع وحرفيي الصناعة التقليدية بالمركب الثقافي لأنفا.
ما أثارني في هذا الحفل إصرار أبو سفيان على تلاوة الفاتحة على روح والده، لكن أهم ما أثارني أيضا، كيف تشبع الابن بكل التراث الذي خلده الأب مجيد، والذي كرس حياته للتصدي للفقر ومساندة المعوزين ودعهم للاندماج في الحياة اقتصادية.
مجيد حالة نادرة، لم يسع لمراكمة الثروات، كما يفعل العديد من الناس الذين تيسرت له الحياة. الراحل مجيد أصر على أن يجعل من لعبة كرة المضرب لعبة شعبية وعبر مساره الرياضي كون أجيالا وارتقى بهذه الرياضة إلى البطولات الوطنية توجها بكأس الراحل الحسن الثاني..
لقد تشبع مجيد في عز شبابه بقيم الوطنية في مواجهة الاستعمار الفرنسي البغيض، وناهض الظلم والجور الاجتماعي، وذاق مرارة الاعتقال في السجون، لكنه ظل مناضلا ومكافحا على الجبهة الاجتماعية، وبعد رحيله غرس هذه القيم والفضائل في أبنائه الذين أخذوا مشعل العمل الاجتماعي وهم يتطلعون أن تكون مؤسسة مجيد رائدة في التعاطي مع قضايا الهشاشة الاجتماعية والعوز، الذي يعيشه مواطنات ومواطنون مغاربة ويبلغ تعدادهم اليوم 4.5 مليون تحت عتبة الفقر.
مؤسسة مجيد منذ اشتغالها عملت على توفير تكوينات من منطلقات أن الإنقاذ الحقيقي للناس هو تسليحهم بالتكوينات النافعة وتمكينهم من الشروط والظروف للتعلم واكتساب المهارات، التي توفر لهم صمام أمان ضد الحاجة.
مؤسسة مجيد وبفضل أبنائه الذين يقاومان على الجبهة الاجتماعية من أجل انعتاقها، من كل الخلفيات السياسية التي لا تخدم الناس إنما تستخدمهم للمفاوضات على المناصب وعلى تحقيق المكاسب.
وفي ظل هذا التداخل بين الخدمة والاستخدام، تطرح مؤسسة مجيد نفسها نموذجا جديدا في التعاطي مع قضايا الهشاشة الاجتماعية، لإنقاذ البشر الذي تدفع بهم الحاجة إلى هذر طاقتهم وبالتالي يصبحون عالة على المجتمع.
طموح مؤسسة مجيد اليوم، يأخذه تفكير جدي في توفير وسائط إعلامية للمساهمة في التأثير في التوجهات العامة للعمل الاجتماعي، وقيادته من منطلقات الكشف عن الحاجة وتقديم المشاريع التي تستهدف فئات وشرائح من المجتمع المغربي.
هذا المشروع الذي يقوده أبو سفيان، يراهن اليوم رفقة أخته على توفير المبادئ والأسس العلمية لمقاربة التدخلات الاجتماعية، وتقييم آثار مردوديتها على الأفراد والجماعات، ولكي لا يظل العمل الاجتماعي مناسبتي، بل ليرتقي إلى درجات من النضج في توفير الحقوق للفئات المستضعفة ومساندتها للانعتاق من كل الأشكال التي تعمل على تبخيس إنسانية الناس.