هل الناتو خذل زيلينسكي؟!

هل الناتو خذل زيلينسكي؟!
شارك

عبد العزيز شبراط

azizchebrat@gmail.com

يبدو أنه بعد ثمانية وعشرون يوما من الأزمة الروسية الأوكرانية، بدأت الأمور تتضح حول من يدير هذه الأزمة ومن المستفيد منها؟ ولمن تدار هي تدار، ولماذا تدار حتى؟!

فإذا عدنا إلى الأيام الأولى لهذه الأزمة، فلنتذكر جميعا ما هي الرسائل التي كان زيلينسكي يوجهها الى شعبه وإلى العالم، وكيف تحول بين عشية وضحاها من ممثل كوميدي الى قائد حرب! ففي تلك الأيام الأولى للأزمة، اجتهد الاعلام الغربي ليجعل من الرئيس زيلينسكي بطل حرب ووطني شجاع، وكرر مرارا أن أوكرانيا ستدافع عن نفسها حتى ولو بقي رجل واحد في البلاد، لكن بعد مرور ستة وعشرين يوما على هذه الازمة، أصبح زيلينسكي يبحث عن إمكانية لقاء بوتين شخصيا للتفاوض والتوصل إلى حل يرضي الجميع!

ظل زيلينسكي طيلة المدة الماضية من الأزمة يطالب خلالها الناتو، بدعمه وتمكينه من مجموعة من المساعدات، وعلى رأسها إقامة منطقة حظر جوي على أوكرانيا،غير أن الناتو لم يستجب لهذا الطلب، و صرح أن هذا الأمر لا يمكن تطبيقه، لمجموعة من الشروط لا توجد ظروف تطبيقها على الواقع، وفي غيابها سيكون الناتو في وضعية حرب مباشرة مع روسيا، وخوفا من الحرب المدمرة فإن الناتو ينأى عن ذلك، ويفضل الاكتفاء بتقديم المساعدة وحسب.

أكيد أن الناتو قدم لأوكرانيا الكثير في نظر الكثير، دعم اعلامي كبير، حيث الاعلام الغربي جميعه ساهم بشكل أو بأخر في دعم أوكرانيا، وسبق وتحدثنا في هذا الأمر بتفصيل، كما قدم السلاح والمال والمساعدات الكبيرة للهاربين من الحرب، ولكن زيلينسكي كان يرغب في أكثر من ذلك.

السيد الرئيس زيلينسكي كان يرغب في أكثر من ذلك، كان يعتقد أن الناتو سيدعمه لهزم روسيا كما دعمه للحصول على السلطة، و يبدو هنا أن زيلينسكي أخطأ القراءة السياسية للوضع كما أخطأ التقدير فيما يحدث، فتبين له وللعالم أجمع أن الناتو لم يكن همه الدفاع على أوكرانيا أو على رئيسها ولا حتى على شعبها، بقدر ما كان همه الأساسي هو استنزاف روسيا و إضعافها و هدم اقتصادها، لكن تبين للعام أن أوكرانيا ضحية أطماع الغرب وخصوصا أمريكا!

امريكا دولة عظمى وهي شرطي العالم كما يعرف الجميع، وإن أرادت إيقاف هذا النزيف لفعلت ذلك في دقيقتين، يكفي أن تعلن علنا وصراحة أن أوكرانيا لن تنظم الى حلف الناتو، وأنها ستكون حيادية ومنزوعة السلاح كما يطالب الرئيس بوتين! لكن هدفها أكبر من أوكرانيا، لقد تابعنا كيف ضايقت الصين في عهد ترامب، وكيف دعت مجموعة من الشركات الامريكية لمقاطعتها، و شنت عليه حربا ضروسا بشأن البيانات الخلوية 5Gq، بل ذهبت الى تحريض أوروبا عليها و ونصحتها بعدم شراء هذه التكنولوجيا من الصين، لماذا فقط لأنها أصبحت ترى فيها منافسا شرسا على الزعامة الاقتصادية وتضايقها في الأسواق، وهو الامر ذاته الذي أصبحت تسير عليه روسيا، فأمريكا تريد أن تبقى شرطي العالم ولا منافس لها، وهي التي ضحت بالكثير لينهار الاتحاد السوفياتي، لتجد أمامها في نهاية المطاف « اتحاد سوفياتي » أخر من جديدلن تقبل أمريكا بهذا الأمر مهما كلفها ذلك، امريكا تسعى لجر روسيا الى حرب المدن حتى، لتغرق في مستنقع لن تخرج منه الا منهزمة، غير أن بوتين يدرك هذا الأمر و يعمل على عدم السقوط فيه.

لا بد أن نشير هنا أيضا كما سبق وأشرنا إليه في مادة إعلامية سابقة، أن روسيا لا ترغب في احتلال أوكرانيا، لأن الرئيس بوتين يكرر باستمرار أن الشعب الروسي والأوكراني هو شعب واحد ولا يمكن أن يقصف المدنيين، لأنه سيخسر الشعب الروسي أيضا، روسيا همها الوحيد في هذه الأزمة حماية أمنها القومي، لهذا تريد الاكتفاء بمحاصرة المدن دون دخولها، حتى تستنزف طاقة أوكرانيا وتفرض عليها الشروط التي تريدها عبر المفاوضات، وهو ما بدا يظهر الآن حيث أصبح زيلينسكي يستعجل هذه المفاوضات، بل وبدت تبدو بعض الإشارات في هذا الاتجاه، ما دام زيلينسكي يدعو الى التفاوض مباشرة مع الرئيس بوتين، لأنه يظن أن من يفاوضون باسمه يفاوضون لأجندات أخرى غير أجندات أوكرانيا!

الناتو إذن لم يخذل زيلينسكي، فقط ببساطة، لأن أوكرانيا ليست عضوا في الناتو، وبالتالي فالناتو هنا يكتفي بتقديم المساعدة لا أكثر! أمريكا ترغب في أن تستمر هذه الأزمة لفرض شروط جديدة على العالم ومنها أوروبا بالخصوص، ولعل الجولة التي أعلن أنه سيبدأها في أوروبا إشارة عن ما نقول، امريكا دولة عظمى وترغب أن تبقى كذلك، وانطلاقا من هذا الاعتبار  فرئيسها لا يمكنه أن يخرج خارج امريكا إلا إذا كان سيعود بالربح، وإلا لن يتحرك!

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *