بقايا ذاكرة موجعة للمورسكيين
ذ/ ثريا طهيري
قصة اليوم أغنية قديمة مازالت إلى اليوم ،حاضرة يرددها الكل.
وأنا أقرأ كتاب « المورسكي « لمولفه حسن أوريد وجدت في الصفحة 106 من الكتاب هذه الأغنية وهي:
تيكشبيلة توليوله ما قتلوني ماحياوني
غير الكاس لعطاوني الحرامي مايموتشي
جات خبارو في الكوتشي
كنا نغنيها ونحن أطفالا، وكل الفتيات يشبكن أيديهن في أيدي بعضهن بشكل متقابل، وهن يرددن ويغنين بالعربية الدارجة عن مدينة إشبيلية دون فهم المعاني، إشبيلية التي تبكي تولول ما قتلوني ما حياوني. يتحدث حسن أوريد عن المورسكين الذين لم يكن لهم سند يرتكزون عليه بعدما جعلهم القشتاليون لقمة سائغة، ولا الاتراك ولا حتى المغاربة السعديين ساعدوهم في نكبتهم، فكان الداء عميقا بطردهم وتشتيتهم.
ظهرت الأغنية أثناء التهجير من اسبانيا إلى المغرب وهي تعبير عن معاناتهم قبل وأثناء الطريق ومعاني ألفاظها:
تيكشبيلة ويعني تلك إشبيلية……
توليولة: حين تولوليها اي ترجعون إليها……
ما قتلوني وما حياوني : من كثرة العذاب الذي فرضته محاكم التفتيش خاصة مرسوم 1566 فلا هم بالأحياء ولا بالأموات ( فقبل الطرد فرض عليهم فتح أبواب المنازل أيام الجمعة والأعياد وحفلات الأعراس والاسماء الإسبانية و..و…و…فكانوا ضحايا التطهير العرقي )
غير الكأس اللي عطاوني: وهو ارغامهم على شرب الخمر من أجل السماح لهم بالعبور إلى المغرب……
الحرامي ما يموتشي: هو تعبير مجازي عن شدة التعذيب ووصف الإسبان(بولد الحرام )خاصة باسترجاعهم الأندلس……
جات خبارو في الكوتشي: تعني الأخبار التي جاء بها هؤلاء وهم راكبون العربة المعروفة بالكوتشي في اتجاه مراكش، حيث كان أملهم كبيرا في أحمد المنصور، لمساعدتهم من اجل استرجاع الأندلس، علما ان المغرب – انذاك – له سمعة دولية، خاصة بعد انتصاره في معركة وادي المخازن، لكن خاب ظنهم وهم يمنون النفس بذلك.
وقد ذكرها شهاب الدين( وهو مورسكي)أصبح كاتبا للمنصور السعدي، وهو قرب منطقة اوريكة بمراكش حيث سمع صبيات يتغنين بها، وتزامن ذلك مع ذكرى الأندلس باعتبارها لازالت حية في الذاكرة الجماعية، لذلك الركن البعيد عن اشبيلية، فانتشرت بسرعة في جميع المناطق المغربية.