خواطر مبعثرة
مصطفى فاكر.
.
أتعلم يا صديقي؟ اليوم رجعت إلى العلبة الإلكترونية الملفوفة بلصاق لاصق حيث يوجد الأرشيف، تلك العلبة النائمة بجوار أخواتها في ركن البيت القديم تحت وسادة من صوف ملفوفة بقماش ذهبي وهناك وجدت إحدى مذكراتي المكتوبة على شكل رواية قصيرة، كنت قد كتبتها منذ سنوات خلت لتخلذ في أوراقي بين مدونات… اليوم، ارتأيت أن أشارك هذه الكلمات المبعثرة في كتابي السري ذو غلاف أسود سميك، كما دونت فيه لأول مرة أتمرن فيه على فن السرد و الحكاية دون أن أغير فيها شيئا.
حدث هذا قبل أن يتغير شكل صاحبي ويصير شيخا رسمت الشيخوخة خطوطا مقعرة على أخدود وجهه.
ما زلت أذكر أيامي السالفة، حيث كنت أنا هو أنا، ولم أصبح ما أنا عليه اليوم، حيث كنت أنا، و لا أنكر أبدا مدى نضالي و كفاحي لأعود كما كنت، إذ اكتفيت من كل شيء، اكتفيت من جل ما يدور بداخلي و يعتصرني راغبا بتدميري… اكتفيت بعكازي أتكئ عليه و لي فيه مآرب أخرى، هو سندي ونبراسي وقوتي و كأنه يخاطبني بصوت مهموس: لقد خارت قواك و اشتعل رأسك شيبا، و حملت نظارات لترى الدنيا على حقيقتها دون زخرفة ولا تزويق.
فق من أحلامك الصادرة عن آلامك و عش واقعك كما هو لقد دارت الدنيا و لم تبق كما كانت، كل شيء تغير من حولك، أصدقائك، أصحابك، لم تفز إلا بصاحبتك التي لا تفارقك و بأبنائك الذين يتحملون ترهاتك وسفالتك.
هذا لا يعني بأنني سأستسلم للأمر أبدا، فالاستسلام ليس من شيمي، وأنت يا صاحبي أدرى بأمري مني، سأناضل و أكافح حتى النهاية، إن فزت بالتأكيد سأعود كما كنت، و إن خسرت سأصبح مجرد ذكريات تخلدها كلماتي و كل لحظاتي.