نتذكر حتى لا تتكرر.

نتذكر حتى لا تتكرر.
شارك

مصطفى فاكر

عاش المغاربة قاطبة ليلة سوداء و اندهشوا لما بتته وسائل الاتصال: المقروءة و المسموعة والمكتوبة، ولما تداولته القنوات العالمية من خبر مثير و فعل غريب على كل المغاربة بكل مكوناتهم الأثنية و العقدية والجنسية خاصة وأن المغرب وكما هو معروف منذ الأزل بلد التعايش والتسامح والمحبة، لكن من أين أتت رياح هذه النبتة الغريبة؟ وكيف استطاعت أن تتغلغل و تعشش وسط بلد مسلم، بلد الوسطية و الاعتدال، من هنا و بمناسبة مرور 19سنة عن تلك الجريمة النكراء و الفاجعة التي ألمت بالمغاربة لنتذكر أحداثها حتى لا تتكرر.

في تلك الليلة الهادئة المطمئنة من ليلة 16ماي 2003، اندهش المغاربة كلهم و استفاقوا على وقع انفجارات و عبوات ناسفة بمدينة الدار البيضاء العاصمة الاقتصادية وبأشلاء وجثث إنسانية متناثرة في شكل فوضوي هنا وهناك في كل مكان مما أثار الرعب و الهلع و الخوف ليس لدى البيضاويين فحسب بل عمت كل المغاربة فتوجسوا و وضعوا أيديهم على قلوبهم، وكان السؤال المخيف هو: هل وصل الغول الإرهابي إلى المغرب؟ ثم توالت الأسئلة و كثر الحديث: لماذا المغرب بالذات مع كل ما يمثله حضاريا و ثقافيا و فكريا و عقائديا و أخلاقيا؟ وكيف يسمح بعض الأدعياء لأنفسهم و يستبيحوا قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق في كل الكتب السماوية؟ وكيف ترتاح عقولهم و تطمئن قلوبهم و يناموا مرتاح البال؟ وماهي التبريرات و المسوغات التي تشفع لهم بارتكاب أغلظ و أكبر الكبائر عند الله هو قتل النفس؟

عفوا إذا أحييت المواجع و أيقظت الذكريات لكن ليس من باب الترف الفكري، و إنما من أجل ألا تتكرر مثل هذه الحماقات و التصرفات الجاهلية، و ألا ندع مثل هذه الأفكار السوداوية تسيطر علينا و تودي بنا إلى الهلاك.

إننا إزاء حرب معلنة ضد مغربنا الآمن و علينا كفاعلين و كل من موقعه ألا نقف موقف المتفرج والحياد السلبي وألا نواجهه بأياد مثقوبة وعقول فارغة و بقلوب خاوية من سلاح الفكر الحداثي والإيمان بالقضية: قضية مواجهة الفكر المتطرف و المتعصب لذاته و لمذهبه. بالعلم و تكوين النشء تكوينا سليما وأن مستقبل بلدنا يبدأ من ضمان الشروط والمتطلبات و في مقدمتها ضمان القاعدة التربوية التعليمية الصلبة بلا إفراط و لا تفريط، بنشر ثقافة الحب والتعايش والتسامح، و محاربة الأفكار العنصرية، علينا أن نعي أن ديننا يسع الجميع، وأن الله هو وحده سبحانه و تعالى من بيده الحساب و العقاب مع ما يمثله قرآننا من فسحة واسعة للتوبة وقبول الآخر، ففي القرآن الكريم نجد عدد الآيات التي ذكر فيها العقاب أو العذاب 373من بين6236 وهذا دليل على التفاؤل ودعوة للحب و المعاملة الحسنة و حسن الخلق و حسن الجوار.

إذن فلنتذكر فاجعة الدار البيضاء، بكل ما استتبعتها من شهداء ودماء وجروح وزفرات وآلام، لنتذكر حتى لا تتكرر، لنتذكر حتى لا ينساق شاب مغربي آخر إلى زمرة الإرهابيين،.

إنها مسؤولية جماعية، وعلينا أن نتحملها بوعي وأمانة بالتحسيس والتوعية والاحتواء و الفهم الصحيح للدين الحنيف.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *