الاستاذ محمد الدرويش رئيس مؤسسة فكر للتنمية و الثقافة والعلوم يفتتح الندوة الدولية حول السياسات اللسانية والتنمية

الاستاذ محمد الدرويش رئيس مؤسسة فكر للتنمية و الثقافة والعلوم يفتتح الندوة الدولية حول السياسات اللسانية والتنمية
شارك

        باسم الله نفتتح أشغال هاته الندوة المباركة بحضوركم ودعمكم واهتمامكم والمنظمة بأبعاد متعددة عربية و بحضور وازن لمجموعة من الدول نذكر منها السعودية و قطر و الامارات و فلسطين و عمان و مصر  و تونس و الجزائر و بريطانيا و سوريا و الاردن و السينغال  و الكويت و اليمن…

        فمرحبا بكم في ارض السلام والمحبة والأخوة والاطمئنان. في ارض تشبع شعبها بقيم الانفتاح و الاعتدال و التسامح و الحوار.

نعم مرحبا بضيوفنا الاعزاء في ارض التاريخ و الجغرافيا و الثقافة بأبعادها المتعددة …

في مغرب الهوية الوطنية الموحدة و الغنية بتعدد روافدها العربية- الاسلامية و الامازيغية و الصحراوية الحسانية و الغني بروافده الافريقية و الاندلسية و العبرية و المتوسطية .

مرحبا بكم جميعا في فضاء مدرج الشريف الادريسي بكلية الاداب و العلوم الانسانية جامعة محمد الخامس بالرباط مقر اولى لبنات التعليم العالي بالمغرب و التي اسس اساتذتها للدرس الجامعي و المغربي في  الاداب والعلوم الانسانية و الاجتماعية و بلغ صيتها كل مناطق العالم من خلال اساتذتها الاجلاء الاحياء منهم و الاموات نذكر بعضهم محمد عابد الجابري و عبد الله العروي و محمد سبيلا و احمد العلوي و احمد المتوكل و عبد القادر الفاسي الفهري و أحمد شحلان  و أمجد الطرابلسي و المختار المنوني و احمد المجاطي و محمد برادة و ابراهيم بوطالب و محمد المنوني و سالم يفوت و محمد وقيدي و عائشة بلعربي و محمد جسوس و عبد الواحد الراضي عبد السلام بنعبد العالي و طه عبد الرحمان و سعيد يقطين و سعيد بنكراد و محمد الداهي و غيرهم كثر رجال و نساء بصموا تاريخ الفكر المغربي في كل المجالات المعرفية و الثقافية و السياسية و المجتمعية و لا بد من الاشادة  هنا امامكم و بكل مسؤولية بالادوار المتجددة لهاته المعلمة برئاسة الاستاذ الدكتور جمال الدين الهاني الذي اعطى للكلية طعما خاصا جعلها ليس فقط مؤسسة للمعرفة و البحث العلمي بل انضاف اليها بعد دبلوماسي بلبوس اكاديمي صرف بحيث اصبحت الكلية قبلة لكل السفارات و التمثيليات بغية توطيد اواصر التعاون و تبادل الخبرات و التجارب مع اطرها و ما الجراة التي طبعت تنظيم لقاء الديانات الثلاث بفضاء هاته المؤسسة الا دليل على قوة المعرفة و العلوم الانسانية و الاداب في تذويب اصول كل خلاف بأساس ايديولوجي  و غلبة المعرفي القائم على اخلاق الحوار والإنصات و التشاور فباسمكم جميعا اقول لللاستاذ جمال الدين الهاني شكرا على مجهوداتك و شكرا على حسن تدبيرك للاداري و الاكاديمي و التربوي و الدبلوماسي بهاته الكلية التي درست بها و عدت اليها استاذا باحثا منذ بداية الثمانينات و ها انت اليوم عميدها للمرة الثانية و هي المؤسسة التي تدخل ضمن السهل الممتنع .

جزيل الشكر و العرفان باسمي و باسم مؤسسة فكر للتنمية و الثقافة و العلوم . و الشكر موصول لكل المكونات التربوية و الادارية بهاته المؤسسة العتيدة و الرائدة بشهادة التاريخ و الحاضر و منطق المستقبل .

ايتها السيدات ايها السادة

يتم تنظيم هاته الندوة الدولية  في موضوع:

اللسانيات و التنمية :

مساهمات في تطوير المجال و المجتمع

  في سياقات وطنية ودولية نلخص بعضها في ما يلي   :

اولا – على المستوى الوطني نعيش كباقي الدول –  بتفاوتات طبعا- انعكاسات كوفيد 19 اقتصاديا واجتماعيا و نفسيا و مجتمعيا . و اما دوليا فالحرب بين روسيا و اوكرانيا وما تخلفه من ويلات ودمار انساني في المنطقة بل انها اليوم  تمس دولا اخرى بسبب تأثير سلبي تربويا و اقتصاديا و سياحيا و سياسيا عليها وباقي دول العالم ومنها المغرب . مما قد يكون سببا في اندلاع ازمات اجتماعية و سياسية معقدة ستمس كل الدول و الطبقات . حرب ستجر الويلات على الجميع بسببها وبسبب المخاض الذي يعيشه العالم من الناحية الجيوسياسية قد تنهي مع العالم بقرن واحد و تعيد صناعة خارطة جديدة للتكتلات الاقتصادية الدولية قائمة على الاقتصاد و اقتصاد المعرفة و المصالح القائمة على منطق رابح رابح ( وين و ين ).

ثانيا – نلتقي في ظرف وطني و دولي نسجله في المغرب باعتزاز كبير و ارتياح عميق يتمثل في نتائج الدعم غير المسبوق لمبادرة الحكم الذاتي من اجل التسوية النهائية للنزاع الاقليمي حول الصحراء المغربية و الذي لقيته المملكة المغربية في مجلس الامن باعتبارها مبادرة تنبني على الجدية و المصداقية و الواقعية و المحترمة للشرعية الدولية . الشيء الذي جعل دولا عديدة  تقارب الثلاثين  تقرر فتح قنصلياتها بمدينتي العيون و الداخلة  اضافة الى دول عديدة من القارات الخمس تساند الحل

السياسي وقرارات مجلس الامن . و في ذلك رسائل سياسية عميقة و قوية تترجم التضامن العربي و الاخوة الصادقة من اجل الاستقرار و السلم في عالمنا العربي و منطقتنا المغاربية و المتوسطية .

ثالثا- نلتقي و امتنا العربية تسير بخطى ثابتة نحو طي الخلافات بين اعضائها  في افق استعادة القرار السياسي المشترك .

رابعا – نلتقي في زمن لم يمر على النقاش الوطني الذي شهده المغرب حول مقتضيات تفعيل القانون الإطار51 – 17 المرتبط بإصلاح منظومة التربية و التكوين و البحث العلمي اقل من  ثلاث سنوات خصوصا الشق المرتبط بالهندسة اللغوية في تدريس بعض المواد العلمية و التقنية انتهى بالتوافق على النقط الخلافية و التوجه نحو تثبيت السياسات اللغوية و تقوية انفتاح المنظومة التربوية على اللغات الاجنبية من فرنسية و انجليزية و اسبانية و صينية و غيرها .

خامسا – نلتقي بعد ان قررت المملكة المغربية منذ سنوات إحداث تغيير جذري في الإدارة الترابية للبلاد  تنفيذا  لقرار ملكي سام ، قصد ولوج مرحلة تنموية نوعية جديدة ، وذلك بالتخفيف الى أقصى حد ممكن من التدبير المركزي واعتماد الجهوية المتقدمة وسياسة اللاتمركز، نقلة مرحلية جديدة.

قرار اثبت أن بلادنا تسير فعلا في الاتجاه الصحيح ، حيث تفاعلت معه كل الجهات المعنية ، بالمسؤولية اللازمة ، وعلى رأسها وزارة الداخلية التي انخرطت في ورش تفعيل المرسوم بمثابة الميثاق الوطني للاتمركز الإداري ، بإعداد التصميم المديري الخاص بالوزارة ، والذي اتسم بالجودة المستجيبة لمعايير التصميم المديري المرجعي .

وبهذا الخصوص ، نأمل أن يلقى ورش اللاتمركز المواكبة من قبل مختلف مستويات الجماعات الترابية ، التي عليها واجب إيجاد البنيات الإدارية الموازية ، والكفيلة بإطلاق التنمية المتعددة الابعاد التي تصبو لها بلادنا.

وبهذه المناسبة ، لا يمكن إلا أن نثمن كل الجهود التي يتم القيام بها لجعل الجماعات الترابية في مستوى تطلعات و انتظارات الشعب المغربي في تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية . وهي جهود جعلت مؤشر الاهتمام بالشأن المحلي جلي في اهتمامات وزارة الداخلية ، من خلال مبادرات المديرية العامة للجماعات الترابية ، التي لم تذخر أي جهد لإنجاح ورش التدبير اللامركزي المسند للجماعات الترابية من جهة ، وورش التدبير اللامركزي لمختلف مهام وصلاحيات وزارة الداخلية من جهة أخرى.

السيدات و السادة الافاضل

اسمحوا لي ان اعود لموضوع ندوتنا الدولية هاته لأقول ان اللغات تعد رافعة من رافعات التنمية بكل انواعها و مستوياتها لأنها احد مفاتيح نجاحها او فشلها لأنها مرآة للمجتمع و ثقافاته المتعددة في زمن انكسرت فيه الحدود . ندوة يساهم في اشغالها ثلة من الاكاديميين و الطلاب الباحثين من اجيال مختلفة  مؤسسة للدرس اللساني العربي و مطورة لنظرياته. نخبة منها من تمكن من النحو العربي القديم و انخرط بعضها في نقد الاصول او في حركات تجديد الدرس النحوي  و منها من تجاوز ذلك بالخوض في  النظريات اللسانية المعاصرة بدءا بالمنهج الوصفي و مرورا بالبنيوية و التوليدية و الوظيفية و غيرها من المدارس اللسانية المعاصرة و التي انصب اهتمامها على دراسة و تحليل الظواهر اللغوية في مستوياتها الصوتية و الصرفية و المعجمية و التركيبية و الدلالية و التداولية .

و الكل ينطلق من التراث النحوي العربي من خلال قراءات نقدية او وصفية او تحليلية قصد بناء تصور جديد لقضية من القضايا… ثم ينتهي البناء بطرح نظري

 لكل ذلك اخترنا عدم الخوض بعمق في المسالة اللغوية في كلمة مؤسسة فكر امامكم  و اكتفينا بالتذكير ببعض السياقات الوطنية و الدولية لانعقاد هاته الندوة و كذا بعض الاهداف و المرامي المرجوة منها.

إن عمليات التعلم و التعليم مسؤولية الجميع يتداخل فيها التربوي و النفسي و الاجتماعي و الديداكتيكي و من المؤكد ان للساني و النحوي دورا اساسا في مجموع المراحل ، لكل ذلك نوجه نداء للحكومة المغربية من اجل تبني سياسة لغوية تحترم المقتضيات الدستورية و تستحضر التطورات العالمية في مجالات التلقين و التعلم و التكنولوجيا المعاصرة كما نوجه دعوة لمعشر اللسانيين المغاربة خصوصا و العرب عموما لتبسيط القواعد اللغوية و عمليات تلقين الدرس النحوي في كل المراحل التعليمية بهدف تحديث النحو والتخفيف من حمولته فالزمن زمن المجهود الاقل في كل شيء و لا بد ان تتاقلم مجتمعاتنا مع هاته الاوضاع دون ان يعني ذلك التنكر لتاريخ امتنا و عطاءات علمائنا عبر التاريخ ، و بذلك نكون امام قضايا النظر في النحو المتعدد ، والمتن المتعدد ، واللسانيات المتعددة.

ويدعونا هذا الأمر إلى ضرورة التفكير و تحصين و تنمية التعاون مع هيئات وطنية وجهوية وإقليمية بغاية تنويع المقاربات وتبادلها وتوسيع مجال إدراكها. ولأن الجامعة موطن لإنتاج الأفكار وتجديدها وتحديثها ، فهي ، بذات الوقت ، بحاجة إلى خبرات المعنيين بالأمر من مختلف القطاعات والمواقع سعيا إلى الإحاطة بالمشاكل و ايجاد الحلول المناسبة لها. فمنظومة التربية و التكوين و المجالات الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية و الثقافية ، مجالات تدخل في صلب اهتمام الاكاديميين ، و بخلق الجسور مع الفاعلين فيها و تبادل المعطيات و الاراء يمكن ايجاد الحلول المناسبة لكل قضية من قضاياها .

إننا نتطلع إلى مقاربة جديدة نناقش فيها القضايا المطروحة من منظور جديد ؛ بين تخصصي ومنفتح على فعاليات مختلفة ، في زمن صارت فيه اللغة محورية واستراتيجية في الممارسات المختلفة للإنسان  وفي وقت صارت فيه اللغة العربية مطالبة بتحرير نفسها مما يعرقل تعليمها وتعلمها.

و لا بد في هذا السياق من التذكير بالضعف الذي نسجله في عمليات التلقي و التلقين لقواعد النحو العربي من خلال مناهجنا التعليمية المعتمدة و صعوبات ذلك  و لا بد كذلك من اثارة الانتباه الى التصنيف الذي لا نرضاه لمجموعة من جامعاتنا في الدول العربية و الاسلامية و الافريقية لعدة اسباب للغة الانجليزية نصيبها اضافة الى المناهج و البرامج المعتمدة و بيداغوجية التدريس و التواصل في مؤسساتنا التربوية  و ما يسبب هذا الوضع من تعثر في التواصل بين خريجي مدارسنا و جامعاتنا عموما و مواطناتنا و مواطنينا خصوصا  مع  المؤسسات الاقتصادية و الترابية و الادارية و غيرها .

لكل تلك الاسباب و اخرى قررنا تنظيم هذا اللقاء الدولي الهام لمناقشة و دراسة الدرس اللغوي والنظر في امكان تجديده و تطوير بيداغوجية تلقينه بهدف تقوية التواصل و التمكن من اللغات و انشاء جسور بين الاكاديمي و السياسي و الفاعل الترابي و غيره .

لكل ذلك و وعيا منا بادوار المجالس الترابية خدمة للمواطنين و المواطنات  ؛ و بالنظر لتنوع و تعدد مهامها و ما يتطلبه ذلك من تفكير و اعداد الدراسات و الابحاث في شتى المجالات  ، انخرطت  مؤسسة فكر للتنمية و الثقافة و العلوم  في علاقة متميزة مع جمعية جهات المغرب ؛ في تفاعل تام و جاد بين مؤسسات المجتمع المدني و الجماعات المنتخبة و بينها و بين الفعاليات الجامعية  ؛  كل

من موقعه و بأسلوبه و اليات اشتغاله خدمة للمجتمع و مساهمة في المشروع التنموي الذي يستهدف العنصر البشري على المدى القريب و المتوسط و البعيد حتى يتمكن من حياة كريمة و بعدالة اجتماعية بمنطق يشمل كافة القطاعات و المجالات في تفاعل تام مع المتغيرات الداخلية و الخارجية و الذي تعد اللغات مفتاحا من مفاتيحه الاساس .

السيدات والسادة الافاضل.

في ختام هاته الكلمة أود باسم مؤسسة فكر للتنمية والثقافة والعلوم أن أوجه الشكر الخاص إلى وزارة الشباب و الثقافة و التواصل و وزارة التعليم العالي و البحث العلمي و الابتكار  و جمعية جهات المغرب رئيستها السيدة امباركة بوعيدة و ادارة الجمعية وكل رؤساء و اعضاء مجالس الجهات كما اوجه شكرا خاصا للسيد رشيد العبدي رئيس جهة الرباط سلا القنيطرة و ادارتها ، وشكرنا المشفوع بكل تقدير واحترام للسيد خالد سفير الوالي المدير العام للجماعات الترابية  والسيد عميد كلية الاداب والعلوم الانسانية الدكتور جمال الدين الهاني و نائبيه  الدكتور محمد السيدي و الدكتورة ايجو والسادة الزملاء السيدات والسادة الأساتذة الباحثين الذين لبوا دعوتنا اعدادا وحضوراً ومساهمة علمية جدية مسؤولة، كما لا يفوتني أن أوجه الشكر باسمكم جميعا إلى اللجنة التنظيمية اعضائها و في مقدمتهم الاستاذ الصديق و الاخ حفيظ اسماعيلي علوي الذي ابان عن قدرات هائلة في التحمل و الصبر و الاشتغال بتفان و جدية الى جانب الزملاء و الطلبة اعضاء هاته اللجنة اذكر منهم الاستاذ عثمان احياني و نزيهة جابري و حكيمة الخمار و سعاد اليوسفي …اعدادا للندوة الدولية هاته و شكرنا ممدود لكل موظفي وموظفات و مستخدمي كلية الاداب و العلوم الانسانية بالرباط و في مقدمتهم السيد الكاتب العام و السيدة دنيا قوسيح و مريم زنيبر على مساعداتهم وتوفيرهم الشروط الموضوعية الكفيلة بإنجاح ندوة دولية من هذا الحجم؛ وشكرنا موصول لكل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة على متابعتها للأشغال وإذاعتها للخبر وحضورها دون أن اغفل توجيه التحية والتقدير للزملاء أعضاء مؤسسة فكر.

والتحية والاحترام لكل الحاضرين بدءاً وختاماً.

الرباط ، في 21 يونيو 2022

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *