الحكم الذاتي .. خيار ما بعده اختيار
بقلم : بوشعيب حمراوي
يبدو أن مقترح الحكم الذاتي المغربي، أصبح مطلبا دوليا، بعد أن أذاب بجديته و واقعيته جليد المقترحات الوهمية التي تفرزها جبهة البوليساريو ومن خلفها النظام الجزائري. مقترح الحكم الذاتي فوق تراب الأراضي الصحراوية المغربية. الذي قبله المغاربة على مضض، أملا في إنهاء مهزلة ما يسمى بالبوليساريو. بات الخيار الوحيد للم شمل المغاربة وإنهاء معاناة ومأساة الأسر الصحراوية المفككة. وطرد قطاع الطرق والعصابات المرتزقة التي اغتنت من المساعدات المالية والغذائية الموجهة للمغاربة الصحراويين المحتجزين. خيار ما بعده أي اختيار آخر. ولو أن الكل يعلم، أن الصحراويين الأحرار، لن يقبلوا بنظام حكم يعزلهم ويصنفهم عن باقي أشقائهم المغاربة. حتى ولو كان الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية. كل المغاربة مع مطلب الجهوية الموسعة، ومع اللامركزية.. وكلهم ماضون من أجل تحقيقها بعقول وأيادي مغربية خالصة. لكن المغاربة لن يقبلوا بالفئوية والتصنيف. وإن زكوا مقترح الحكم الذاتي، فإنهم يعتبرونه أبغض الحلال.
الأكيد أنه بمجرد إنهاء الصراع المفبرك. وعودة الصحراويين إلى وطنهم المغرب، سيمزقون وثائق الحكم الذاتي، وسيطالبون بهويتهم المغربية الكاملة والصرفة. سيلتفون حول عرش المملكة المجيد. ويعيدون رص بنيانهم التاريخي والتراثي والإنساني. لأنهم يدركون، والأهم من كل هذا يؤمنون بمغربيتهم. وأحقيتهم بامتلاك كل ما يجسد ويرسخ لوطنيتهم الحقة.
إنها النهاية الحتمية لملف عمر طويلا، والملاذ الأخير الآمن للصحراويين المغاربة. الملاذ الذي يقلق راحة ونوم البوليساريو والجزائر ومعها كل خصوم الوطن. ويقض مضاجعه، ويجعلهم يصرون على إبقاء ملف الصحراء المغربية عالقا. باعتبار أنه وضع يمكن عصابة البوليساريو من الاستمرار في الاغتناء ، ويمكن قادة الجزائر من شغل الشعب والتلاعب بثرواته. هم يدركون حق الإدراك أنهم يحتجزون بالقوة ما يسمونه بالشعب الصحراوي. والذين هم صحراويون مغاربة أرغموا على العيش داخل الأكواخ والخيام. بعد أن امتدت الأيادي الآثمة إلى أسرهم. وقامت باختطاف أطفالهم ونقلهم إلى دول أخرى. لتجنيدهم وترسيخ مفاهيم فاسدة و خاطئة في عقولهم. كما احتفظت بأسر أخرى من أجل ابتزاز أرباب تلك الأسر العاملين بالمهجر. وإرغامهم على إرسال الإتاوات والتسويق لأطروحتهم المرفوضة.
هم يدركون أكثر أن الإفراج عن تلك الأسر، يعني نهاية خرافة (البوليساريو). وأن تلك الأسر لن تكتفي بالتنكر لقادة الجبن والعار وصنيعتها الجزائر. ولكنها ستكشف بالأدلة والقرائن فضائح ومهازل الكيان الوهمي وجرائمه المتعددة.
نحن نعلم و أنظمة العالم كلها تعلم أنه لا بديل عن مقترح الحكم الذاتي للتخلص من فيروس (البوليساريو). وتنقية تلك المناطق التي باتت بؤرا للعصابات والإرهابيين. كما أن الدول التي تعبر عن رفضها للمقترح المغربي. هي دول تحكمها أنظمة، إما معادية للمغرب أو رافضة لمخططاته التنموية وانفتاحه المتعدد إفريقيا وأوربيا وأمريكيا.. أو مدمنة على النفط والغاز الذي تجود به الجزائر و(ليبيا سابقا). دول مهمتها عرقلة مسار التسوية الشرعية، و (وضع العصا وسط العجلة). وانتظار التعليمات عن بعد من أولياء نعمها.
الحقيقة المرة التي ينبغي للمغاربة وغيرهم معرفتها. أن لا دولة في العالم تقبل بأن يهنأ المغرب بصحرائه. ويباشر التنمية والاستثمار في برها وبحرها وجوها. وخصوصا نظام الجزائر (الجار.. الجائر). الذي لا يتردد في تجويع شعبه وتبذير ثرواته في سبيل تسليح البوليساريو واحتضانه، وحمل شعار (الغاز والنفط بالمجان مقابل العداء للمغرب )، في محاولات يائسة لكسب الدعم العالمي.
كما أنه لا دولة في العالم، تريد إحداث دولة جديدة لا أصل ولا فصل لها. بقيادات لقيطة وشعب مختطف. وأول الرافضين طبعا النظام الجزائري. الذي يسعى إلى استغلال ثروات الصحراء المغربية. كما سبق واقتص من التراب المغربي، منطقتي تندوف والشارة. بعدما علم بمناجم الحديد المتواجدة في باطنها. وقد سجل التاريخ بأقلام مملوءة بسيول بشرية (دماء ودموع وعرق)، جرائم حرب الرمال المفتعلة. والتي أبرزت بسالة المغاربة وأخلاقهم السامية. وكذا جريمة طرد وتشريد 350 مغربية ومغربي من منازلهم الجزائر يوم عيد الأضحى، ولهم علاقات الدم والقرابة مع أشقائهم الجزائريين. والاستحواذ على ممتلكاتهم . و تفكيك آلاف الأسر المغربية والمختلطة (تزاوج وتناسل مغاربة وجزائريين). هي رسالة إذن حتى يكون كل مغربي جنديا و سفيرا لوحدته الترابية. مؤمنا بمقولة وحكمة الإمام الشافعي الذي قال: ما حك جلدك مثل ظفرك فتول أنت جميع أمرك.
أفلست كل مخططات النظام العسكري الجزائري الانفصالية والعدائية اتجاه المغرب، وانكشفت كل أحقاده و نواياه أمام الرأي العام الدولي. وسقط محبطا ويائسا في مستنقع العزلة. وبدأ اليوم يطلق أخر ما تبقى له من رصاص مطاطي. ثارة بقرصنة تراث المغرب الأصيل، وثارة باستعراض عضلات الشيخوخة والوهن. والضغط على بعض الدول والأنظمة التي يغدق عليها بالنفط والغاز وأموال الجزائريين. كما فعل مؤخرا مع قيس السعيد الرئيس غير الشرعي لتونس، ومع محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية، وإسماعيل هنية قائد حركة حماس الذي يحاول البحث عن مظلات أخرى، بعد فقدانه مظلة تركيا. هؤلاء الذين لم يخجلوا وهم يجالسون علنا في منصة رسمية رئيس دولة وهمية صنعتها الجزائر، لا يستطيع حتى السفر خارج الجزائر بهويته الحقيقية. نظام جزائري يعمل جاهدا من أجل زرع الفتنة والكراهية بين المغاربة والجزائريين. ولا يتردد حتى في ملء المدرجات الملاعب بجماهير مزيفة (جنود بالزي المدني) من أجل إفراز كره النظام اتجاه الرياضيين المغاربة. بالتعنيف اللفظي، ورفع أعلام دولة لا توجد إلا في مخيلاتهم.
فليعلم المغاربة أن المملكة المغربية هي من اقترحت استفتاء تقرير المصير في الصحراء، مباشرة بعد تحريرها من المستعمر الاسباني. إلا أن الجزائر وليبيا وجنوب افريقيا وروسيا وغيرها من الدول الحاضنة حينها للبوليساريو. زوروا لوائح الصحراويين المعنيين بالتصويت. وأدخلوا أسماء كانئات بشرية تم جلبها من عدة دول أخرى. وتم تدريبها على النطق بالحسانية. مما جعل المغرب يرفض خوض انتخابات مزورة. وليعلم المغاربة أن مخيمات العار، تأوي الآن صحراويين مغاربة مرغمين على المكوث هناك. وأن عصابة الكابرانات عمدت منذ 46 سنة إلى اختطاف أطفالهم. وبعثها إلى مخيمات التدريب والمسح العرقي والقبلي. من أجل تشكيل شعب هجين يتم ترويضه على هواهم. كما أن للعديد من الصحراويين المغاربة المهاجرين بعدة دول في العالم. أقارب وأسر محتجزين بسجون مخيمات العار بتندوف. ويرغمون على دفع الأموال وتقديم الولاءات لعصابة البوليساريو. والتسويق لأكاذيبهم.
فليعلم المغاربة أنه عليهم أن يكونوا كلهم مدافعين شرسين وحدتهم الترابية. وسفراء بحقائب ثقيلة تجهض كل ادعاءات الخصوم. وتؤكد شرعية المغرب في صحراءه. فقد حان الوقت لتفعيل الدبلوماسية الموازية، من أجل الدفاع عن وحدتنا الترابية، والترافع خارج أرض الوطن. علينا التأثيث لدبلوماسيات حزبية وسياسية ونقابية وحقوقية وإعلامية. وإحداث مرصد وطني لكل دبلوماسية مهمته تحصين البلد من الدخلاء والمندسين والانفصاليين. وحماية سمعة وشرف و تراث المغرب المادي والمعنوي. لنحارب الفساد الداخلي ونخصص جهدا من نضالاتنا للدفاع عن من يسعون إلى إفساد وطننا ووقف نهضتنا.