أنا ابن الطين الملطخ بوحل الذاكرة

أنا ابن الطين الملطخ بوحل الذاكرة
شارك

د. سعيدي ألعنزي تاشفين

    الذي بعدي بظنين، ومقهى رثّ المقاعد يلقى التحيات على كل الشوارع ببلدة الظن ، و لا أحد يرد عليه التحيات . الطوب القديم يتذكر كل يوم سواعد الرجال الذين بنوا هذا القصر العتيد الذي يظهر صلابة عناقه لبعضه بمقربة من حكايات الزور، ولعله طوب يضاهي الطين في براعة التكوين . الطين هنا نبيّ جديد يدعو البيوت الي توحيد قدرتها في احتواء البكاء آخر الليل  بالأدعيات ، وما جفّ من الخيزران ومن جثامين النخل يسيج الدّيار كلها بهمّة عالية ، والعمارات الطينية لا تجيد العناق مع المنحرفين على هامش الهوية الكافرين برونق الذاكرة التي تظهر أنوارها الفاتنة في الليل وتغوي الأعناق بالالتفات إلى ما حلّ بالأسوار المتبقية من أوجاع تحكي ما يحدث في رقصات الأحيدوس البارعة في إغواء القلوب بالالتحام . الأسوار هنا تشتم رائحة الخوف و ترمز نكاية جراح الأحاديث الهامسة، وتلتقط من ثغر الأمهات ألف ابتسامة و بضع دمعات لطيفة تسرد على مسامع الليل بضع حكايات تائهة وبضع قصائد شاردة؛ ولحكايات أبطال يبكون .

     ترى من يحدّث الرمل على طرف الطريق عن الخطى الغارقة في التيه، ومن يذكّر هذه الأسوار البالغة مبلغ الصمود هنا منذ العصور الجوارسية وهي تبحث عن من يلائم حمضها النووي هروبا من كذب المفترين ؟

      ترى من يحمي أقداح الأتاي من تداعيات الزّيف في زمن الزور ، و نوبات الشك هنا تخرّب شجن الديار ؟ .

       لقد عادت الديار القديمة ملطخة بالحروب البئيسة و بالمناوشات الملطخة بالدسائس ، و ما بقي فطنة من شرف الأهالي ضاع في أحضان القادرات على اكتساح ظلمة الليل بإظهار النجوم على أردافهن على قميص الحقل المبلّل حيث تتلصص بعض سنابل خُفية في رسم الفراشات بين الربيع المتشامخ و الخريف الكئيب على أمجاد كانت هنا ثم ها هي تصحو مثل زقزقة  العصافير الحزينة على شرف الدّجى لترمّم رأسها ثم تعود للنوم على حلم الوسادة في صدر الاغتراب ؛ ولا علة في القلب آخر الليل غير مواويل الأتاي شقية و مغرية جدا .

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *