مشهد صباحي

مشهد صباحي
شارك

من إبداعات شيخ القاصين عبد الحميد الغرباوي

.

نحلة و قط..

أية علاقة بين نحلة تطير وقط عادي، قط شوارع..

النحلة لا تحط في بقعة ما، إلا لتبحث لها عن نقطة ماء أو شيء تمتص منه حلاوة ..

أما القط فيظل طوال النهار وقسما من الليل يجوب الأمكنة التي ولد فيها وكبر.. يعرفها شبرا شبرا  وفيها يبحث عن طعامه وشرابه و يأكل من خَشَاشِ الأرض..

أية علاقة بينهما؟

لا علاقة..

كائنان لا يلتقيان..

كل ما هو لافت في المشهد أنه يجلس على شرفة المقهى، و بعد ثوان قليلة يظهران، كما لو أنهما على موعد معه..

لا يظهران في نفس الوقت..

أحيانا تظهر النحلة قبل القط. تحوم حوله. تدنو منه حتى يظنها سترتطم بوجهه، فيبعد وجهه في حركة متوترة. تحط على المائدة، تدور دورة في حيز ضيق جدا ثم لا تلبث أن تطير..

و أحيانا يظهر القط قبلها، من خلف الحاجز الزجاجي الذي يرسم حدا فاصلا بين الشرفة والرصيف، وهو يلعق فراءه..

لو لم يتكرر مشهدهما أكثر من مرة وهو يأخذ له مكانه الأثير على الشرفة لما أثارا انتباهه..

تأخرا هذا الصباح..

دوت عطسة اهتز لها في مجلسه. التفت، كان زبون جلس توا محييا رواد المقهى بهذه الطريقة المقلقة والمستفزة. عيناه دامعتان وأنفه محمر من شدة الرشح. ابتسم العاطس ملتفتا يمينا وشمالا، أشاح بنظره عنه..

أطلق قنبلة رذاذ وفوق ذلك يبتسم !..

كم هائل من الفيروسات هي اللحظة تحلق في الهواء..

و أخيرا يظهر القط..

شعر فرائه أشهب خفيف تظهر من خلاله جلدة الفراء، غير أنه طويل.

يمر على الرصيف طفل يسير جنب امرأة.

يرتدي الطفل تي شورت أبيض يتوسطه قط سبق  أن تعرف عليه في أحد المواقع، إنه من النوع الشيرازي، جميل للغاية، شعره طويل وكثيف، أنفه صغير وعيناه زرقاوان.

و ها هي ذي النحلة بدورها تظهر تقدم عرضا في الطيران السريع الملتوي المنخفض والعالي. كما لو أنها تقدم عرضا في الطيران البهلواني.

من الصعب تحديد نوع القط الأشهب المنشغل اللحظة بلعق أطرافه..

يلعقها بشدة. كما لو يهم بعضها..

وينتبه إلى أن لعقه لفرائه ولأطرافه يدوم طويلا، وما أن يتوقف ثانية حتى يعود إلى لعقها. وفي حركة، وهو يرفع قائمته اليمنى الخلفية ظهرت قروح كبيرة..

لاشك في أنها هي التي تتسبب له في حكة شديدة..

سأل النادل فأخبره أن القط الأشهب مصاب بداء الجرب، و القطط الأخرى كما لو أنها على معرفة بمرضه، تتجنب الاحتكاك به..

تحط النحلة على المائدة المجاورة الفارغة وتقترب من بقعة ماء..

دوت عطسة أخرى أقوى من الأولى.. طارت النحلة، في الوقت الذي كان القط من خلف الحاجز الزجاجي يواصل لعق أطرافه..

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *