خطورة التدين المغشوش على الإسلام والمسلمين..

الصادق العثماني – البرازيل
التدين سمة عظيمة تعكس التزام الإنسان بتعاليم دينه، وسعيه للارتقاء الروحي والسلوكي، غير أن ما نراه في بعض المجتمعات المسلمة من مظاهر دينية زائفة، لا تعكس حقيقة الإيمان والتقوى الذي يأمرنا بها الإسلام، ونقصد ب « التدين المغشوش » أي، الالتزام الشكلي بالمظاهر الدينية من صلاة ولباس وألفاظ، مع غياب السلوك الإسلامي الحقيقي من صدق، وأمانة، ورحمة، وعدل ومحبة وتضامن..
فتبدو على الشخص علامات التقوى، لكنه في الخفاء أو في المعاملات مع الناس يخالف مبادئ الإسلام الجوهرية، وقد يكون ذلك رياءً، أو جهلًا، أو سعيًا لاكتساب مكانة اجتماعية من خلال استغلال الدين؛ كحصوله على وظيفة ما أو منصب حكومي، أو مقعد في البرلمان الخ.
وسبب انتشار هذا التدين المغشوش في دولنا الإسلامية والعربية يعود لعدة أسباب منها:
– الجهل بالدين: ضعف الفهم العميق للشريعة يؤدي إلى التركيز على القشور دون الجوهر.
– الرياء الاجتماعي: البعض يستخدم الدين ليحظى بالقبول أو الاحترام، دون التزام حقيقي.
– غياب القدوة: حين يغيب العلماء والمربون الحقيقيون، تملأ الساحة بشخصيات سطحية تدّعي التديُّن زورا وبهتانا..
– الانفصال بين العبادات والمعاملات: حين يُنظر إلى الدين كمجموعة من العبادات المفصولة عن الأخلاق والعمل والسلوك.
ومن مظاهر التدين المغشوش في المجتمعات المسلمة تجد:
* كثرة الحديث عن الدين، مع قلة التطبيق العملي.
* التشدُّد في مسائل خلافية ظاهرية بسيطة، والتساهل في القيم الأخلاقية الكبرى.
* استغلال الدين لتحقيق مكاسب سياسية أو مالية.
* التعامل بازدواجية: شخص « متدين » في المسجد، وكذاب انتهازي، ظالم أو فاسد في بيته أو عمله.
فنوع هذا التدين الذي عمت به البلوى للأسف، تنعكس آثاره سلبا على الدين نفسه أولا، وعلى المجتمعات المسلمة ثانية.
على الدين: عندما يرتبط الدين بسلوك سيء، ينفر الناس من الدين نفسه.
على المجتمع: عندما يفقد الناس الثقة بالمُتدينين يصبح الناس أكثر تشككًا في نوايا من يظهر عليهم التدين. هنا يبدأ تمزيق المجتمع وتفككه إذ ينتشر النفاق، وتُستغل المشاعر الدينية لزرع الفرقة بدل الوحدة، وتعيش المجتمعات حياة ظاهرها الالتزام، وباطنها التناقض والصراع والنفاق والخداع والغش والنميمة والزور والكذب والبهتان…!
ختاما، في الحقيقة ظاهرة التدين المغشوش تمثل تحديًا حقيقيًا أمام المجتمعات الإسلامية، وهي لا تعني فقط تراجعًا دينيًا، بل أيضًا أزمة في الأخلاق والوعي.
الإصلاح يبدأ بالفهم، ويُبنى على القدوة، ويتجسد في السلوك. فالدين، كما قال النبي ﷺ: « إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ». وفي حديث آخر: » المسلم من سلم الناس من لسانه ويده ». أي أن المسلم الحقيقي لا يتكلم إلا بخير، ولا يؤذي الناس بالقول، فلا يغتابهم، ولا يسبهم، ولا يكذب عليهم، ولا ينقل النميمة بينهم، ولا يتهمهم بالباطل..