برشيد ما الذي لم يستوعبه من أدار مجلسها البلدي
عبد العزيز شبراط
تدبير الشأن العام محليا، جهويا أو وطنيا، يتطلب كفاءات تتمتع بنظرة ثاقبة للمستقبل، وقدرات استباقية لما يتطلبه المستقبل القريب والبعيد، من أدوات وأساسيات، والتي على أساسها تتم المعالجة والتحضيرات وتوفير الشروط الموضوعية لإنجاح هذا التدبير، وبديهي أن من لا يمتلك مثل هذه المهارات لن يستطيع فهم ما يجري ولا ما يقع، وبالتالي لن يكون في استطاعته إنتاج الخطاطات والتفكير في الخبراء ليقوموا بالدراسات وتجهيز المطلوب، وإذا كان وزير الداخلية قد فضح المستور وكشف في تقرير مفصل أصدرته وزارته عن مجالس الجماعات والمقاطعات والجهات، أن 1579 منتخبا بدون مهنة، و4977 أميون… فماذا إذن ننتظر من أمي لا يستطيع التعبير عن أفكاره، بل غير قادر على انتاج هذه الأفكار، كيف له إذن أن يفهم معنى الدراسة أو مكتب البحوث والخبرات، كيف سيستطيع ادراك المفهوم المجالي ؟! ومفهوم المدين النظيفة، المجال البيئي… وغير هذا كثير.
ثم ماذا ننتظر من أحزاب تقدم أشخاصا بدون مهن، لتتحمل مسؤولية التدبير والتسيير، وهم غير قادرين حتى على تمكين أنفسهم من الخبز اليومي؟! كيف بهذه النماذج سنعيد الثقة للمواطن من أجل الانخراط في العملية الانتخابية بروح المسؤولية وحسن الاختيار؟ من سيختار؟ أيختار أميا يسير شؤون مدينته وهو دكتورا أو أستاذا أو طبيبا أو… هذا غير منطقي ولا يقبله عقل عاقل!
مدينة برشيد مثلا وضعت بها 18 لائحة أي 18 حزبا، أغلبية هذه الأحزاب وجدت بالمدينة فقط بمناسبة الاستحقاقات، معظم وكلاء هذه اللوائح رجال أعمال، بل هناك لوائح وكيل اللائحة طالب، لا أفهم ولم أستطيع فهم كيف سمح هذا الحزب لتمكين طالب من التزكية؟ تدبير الشأن العام يتطلب الخبرة والتجربة والعلم والثقافة!
نسوق هنا مثالا واحدا فقط لتوضيح ما نقول، فالمجلس الذي شارفت ولايته على النهاية، مباشرة بعد توليه تسيير شؤون هذه المدينة رفع شعارا أكبر منه، بينما هو شعار لا يتطلب سوى قليل من الصرامة، وكان هذا الشعار: » من أجل مدينة نظيفة » وها هي ولايته ولت وما زالت المدينة تعرف أوساخا في كل مكان، لماذا يحدث هذا فقط؟ لأن المسؤول الأول على هذا المجلس، ليس بمقدوره فهم معنى مدينة نظيفة، نظافة المدينة لا تنحصر في جمع الأزبال وتنظيم جمع النفايات، ( وبالمناسبة نحن لا نعرف أين تذهب نفايات المستشفيات الخصوصية والعمومية، ولا حتى كيف يتم تدبيرها؟)، بل مركز ذلك هو من يخلف النفايات والأزبال ؟ لقد أصبحت المدينة بكاملها سوقا، في كل حي في كل زنقة في كل ساحة، هناك باعة جائلون، وبديهي أن هؤلاء يخلفون وراءهم نفايات وأزبال، من المسؤول إذن على كل ذلك هو المجلس والسلطات العمومية التي عجزت على منع هؤلاء، وهذا الأمر لا يمكن أن يفهمه غير المثقفين، هناك نفايات أخرى أكثر ضررا من الازبال، وهي النفايات التي تضر صحة المواطن أكثر من الازبال، كيف يسمح رئيس المجلس والسلطات العمومية أيضا بفتح محل للمطالة أو النجارة أو » البوبيناج » بين الدور السكنية، ومعلوم أن مثل هذه الحرف تخلف نفايات خطيرة جدا على صحة المواطن، تضر بصحته أكثر ضررا، مثلا إذا وجد محل للبوبيناج بزنقة ما، فإنه يضر المواطن في صحته التنفسية كما يضر أذنيه وراحته بالصداع الذي تحدثه أصوات المطارق، وحتى لا يظل كلامنا مجرد كلام ندعو السلطات العمومية والمجلس البلدي زيارة زنقة واد مزار بحي برحال للوقوف على معاناة سكان هذه الزنقة مع الإزعاج الكبير والمضر بصحتهم وصحة أطفالهم، الذي تخلفه إحدى الشركات هناك، وإذا كان المجلس البلدي لا يعطي اهتماما لمثل هذه الأمور فإنه لا يفهم معنى النظافة، ولا يستطيع معالجتها.
غدا سنعود إلى أمور أخرى تضر الساكنة وليس للمجلس علما بها، أنه لا يفهمها، وحتى المرشحون المنتظرون لا يعيرونها أي اهتمام.