رهانات الأحزاب السياسية وانتظارات المواطنين
بقلم : عبدالحق الفكاك
من حق البعض أن يسائل الأحزاب السياسية، حول الطريقة التي تمت بها عملية بناء التحالفات وتشكيل مكاتب الجهات، والجماعات المحلية، لا سيما أن الحديث يدور حول عملية تدوير كبرى للأساليب القديمة، والتي على ما يبدو تم اعتمادها في استقطاب الاعضاء او حتهم على التصويت لفائدة فلان أو علان .
إذ كان الاعتقاد السائد قبل اجراء انتخابات 8 شتنبر، هو أن هذه المحطة ستشكل بداية حقيقية لإرساء ثقافة سياسية جديدة، تقطع مع الممارسات الانتخابية القديمة التي كانت تعتمد على استمالة الناخبين بالمال الحرام، والتحدث بلغة الخشب والتسويف، لأنها كانت تتسم بالتركيز على الوصول إلى النتيجة ولا تهمها الوسيلة بغض النظر عن القيم و الاخلاق .
وإلى أن يتحقق القضاء من صحة المزاعم التي شاعت بأن الأمور قد تجاوزت في بعض الجهات حد الترهيب والترغيب، الى الحجز والاختطاف وربما القتل أو الانتحار، فلا بأس أن نذكر بأن مناصب المسؤولية مهما عظُمَت، لم تكن أبدا هدفا بقدر ما هي وسيلة لتنفيذ الإصلاحات والوعود الانتخابية.
ما من شك أن الانتخابات السابقة كانت تشهد حوادث متفرقة، وربما عنيفة ، لكنها قد لا تستأثر باهتمام الرأي العام الشعبي كما هو الحال اليوم، لان وقتها لم تكن وسائل التواصل الاجتماعي موجودة قط ، لدلك فان الناس أصبحوا اكثر تتبعا لهذه الأحداث ،بفضل انتشار الفيس بوك والواتساب .
حقيقة لا أحد يرغب في استمرار متل كذا أحداث المهينة والتي تضر كثيرا بالمسار الديمقراطي، بل على العكس تماما هناك رغبة قوية تحدو الشباب والنخبة السياسية في إيجاد بيئة سياسية نظيفة يمكن أن تورث للأجيال القادمة .
خاصة أن التجارب السابقة فشلت في ابتكار حلول واقعية للمشاكل المعقدة التي تعاني منها البلاد على مدى السنوات الماضية .
وها هي ذي النتائج الأخيرة قد أفرزت مشهدا سياسيا مخالفا لما كان عليه الحال بالأمس القريب.
فخلال العشرية السوداء كان المشهد السياسي غامضا إلى درجة يصعب معها معرفة من كان يحكم و من كان يعارض .
فاليوم صناديق الاقتراع قد وضعت اليمين اللبيرالي في دفة الحكم، بينما جعلت اليسار الاشتراكي في موقع المعارضة ، بحيث أمكن الحديث عن حكومة بأغلبية مريحة مقابل معارضة قوية يمكنها أن تنتقد وتقدم مشاريع القوانين ..
من الحكمة أن يتلقَف اليسار المغربي حول هذه الفرصة التاريخية، التي اتاحتها نتائج الانتخابات الأخيرة وعلى كل مكوناته الحزبية أن تكون على استعداد تام للعودة إلى المعارضة البناءة، دونما اللجوء إلى تجييش الشارع أو الإخلال بالسلم الاجتماعي.
فالمواطن المغربي لا يرغب في تنفيذ أجندات فوضوية تهدد الاستقرار أو تكون سببا في فتح السجون من جديد، إذ كل ما يرجى تحقيقه لا يتجاوز حفظ الكرامة والتوزيع العادل للثروات، مع ضمان عيش كريم لكل فئات المجتمع.
هي فرصة حقيقية أمام الجميع – حكومة وأحزابا – للتعامل الأفضل مع المواطنين وحل القضايا الراهنة، بل والانتقال بالمغرب إلى مصاف الدول الأكثر ديمقراطية، حيث الأولوية لبناء المواطن وتقوية الجبهة الداخلية لأجل تماسك وطني قادر على مواجهة التحديات والاطماع الخارجية.
يتبع ./ .