رسالة مفتوحة إلى السيد محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية.

رسالة مفتوحة إلى السيد محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية.
شارك

 محمد خوخشاني

عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية سابقا.

 مكناس في 13 أكتوبر 2025.

السيد الأمين العام،

بصفتي عضواً سابقاً في المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، وكمواطن غيور ومُناضل مخلص لقيم الحزب ومبادئه الأصيلة، التي استمدها من الحركة الوطنية ومن تراث النضال من أجل العدالة الاجتماعية والديمقراطية والتقدم، أجد نفسي اليوم أمام واجب أخلاقي وسياسي يدفعني إلى مخاطبتكم بهذه الرسالة المفتوحة.

ليست هذه الرسالة تصفية حسابات شخصية، ولا تعبيراً عن مرارة ذاتية، بل هي صرخةُ تنبيهٍ ونداءُ ضمير في وقتٍ يمر فيه حزبنا بأزمةٍ غير مسبوقة من حيث المعنى والدور والتمثيلية داخل المجتمع.

  1. خمسةَ عشر عاماً من التسيير الفردي والسلطوي.

منذ توليكم قيادة الحزب سنة 2010، تحوّل حزب التقدم والاشتراكية من فضاءٍ جماعي للنقاش والتداول إلى بنيةٍ هرمية يتحكم فيها القرار الفردي.

لقد غابت روح العمل الجماعي التي ميّزت الحزب خلال فترات الراحل علي يعته وإسماعيل العلوي أطال الله عمره، وتقلّصت آليات التشاور داخل المؤسسات الحزبية، بل أصبحت القرارات الجوهرية تُتخذ في غياب النقاش الحقيقي، أو بعد مشاورات شكلية لا أثر فعلي لها.

  1. الإقصاء التعسفي للمناضلين وتجاهل الأحكام القضائية.

عرف الحزب خلال ولايتكم سلسلة من قرارات الطرد والإبعاد التي طالت عدداً من المناضلين المخلصين، لمجرد أنهم عبّروا عن آراءٍ مخالفة.

والأخطر من ذلك، تم تجاهل أحكام قضائية نهائية أمرت بإعادة هؤلاء المناضلين إلى صفوف الحزب، في تجاوزٍ واضح للقانون وللأعراف الديمقراطية التي لطالما دافع عنها الحزب نفسه.

  1. الإنهاك الإيديولوجي وفقدان الهوية.

لم يعد حزب التقدم والاشتراكية اليوم يتحدث بلغة الاشتراكية الديمقراطية.

فقد تراجع الخط الفكري الواضح الذي كان يميّزه، وغابت المشاريع المجتمعية الكبرى التي كانت تعطيه مصداقيته وسط الساحة السياسية.

لقد حلّت الانتهازية السياسية محل الالتزام الفكري، وانحرف الحزب عن مساره التاريخي القائم على النضال من أجل العدالة الاجتماعية والمساواة.

  1. العزلة السياسية وتراجع انخراط الشباب.

أدّت سياساتكم إلى إضعاف تدريجي للحزب على المستويين التنظيمي والانتخابي.

ففي الاستحقاقات الأخيرة، تبيّن بوضوح حجم التراجع في الحضور السياسي والتنظيمي، نتيجة غياب رؤية واضحة، وغياب تجديد حقيقي للنخب السياسية، وانقطاع الجسور مع فئة الشباب التي كانت تمثل عماد الحزب ومستقبله.

  1. من أجل نهضة ديمقراطية وأخلاقية.

ما زال الأمل قائماً لتصحيح المسار، شرطَ أن يتم الاعتراف بأخطاء الماضي بكل شجاعة.

إن الحزب في حاجة إلى قيادة جماعية حقيقية، تقوم على الشفافية والإصغاء والحوار الداخلي الصادق.

فالتاريخ لا يرحم، وسيسجل من كانت له الجرأة على إفساح المجال لجيلٍ جديدٍ من المناضلين، مخلصين لفكر التقدم والاشتراكية وللقيم الوطنية الديمقراطية الأصيلة.

وفي الختام، أدعوكم، السيد الأمين العام، إلى التأمل بعمق في المسؤولية التاريخية التي تتحملونها:

ألا وهي إنقاذ الحزب من الاختناق الداخلي وتمكينه من استعادة مكانته الطبيعية كقوة فكرية وسياسية مستقلة وفاعلة.

لقد آن الأوان لترك لغة التبرير والاكتفاء الذاتي، والتحلي بقدر من التواضع السياسي والانفتاح الديمقراطي.

وتفضلوا، السيد الأمين العام، بقبول أسمى عبارات التقدير والنقد الصادق.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *