الخوف بين التفريق والهيمنة: من الأسرة الى السياسية
ذ/ المختار عنقا الادريسي.
أولا: الخوف أداة للهيمنة الاجتماعية والسياسية من الطفولة الى جيل Z
منذ أن وجد الإنسان على هذه الأرض ، كان. الخوف رفيقا غامضا مصاحبا له ، فهو تاريخ طويل من الهمس والوصايا ، من القصص التي تربينا عليها ،من التهديدات التي تلقيناها ، من الخطوط الحمراء التي رسختها فينا مختلف المؤسسات المجتمعية فاتخذ ألوانا عدة ، فصار خوفا من المجهول من العقاب ، من التهميش ،من الضياع . وغدا وجها آخر للسيطرة بمختلف أصنافها ، حيث تتلاشى الثقة فتحول قناعا نرتديه وترتديه
معنا السلطة المجتمعية كلما خافت من ضوء وحرقة السؤال .
غير أن المجتمعات عبر مختلف مؤسساتها لم تكتف بتوريثنا ذاك الشعور الفطري ، فحولته الى أداة للضبط والتوجيه ، وأحايين أخرى الى وسيلة للهيمنة والحد من فورة الفعل . واليوم ونحن نعيش تقلبات القرن الواحد والعشرين ، لم يعد الخوف مجرد احساس داخلي ، بل صار ثقافة عابرة للمؤسسات : يبدأ في البيت ،يترسخ في المؤسسة التربوية – بمختلف فروعها وتصنيفاتها – ، ويتضخم في الإعلام ، ويستمر سياسيا. إنه شبكة خفية تصوغ علاقة المواطن بالسلطة، بغية اعادة إنتاج » الطاعة » و » الصمت » ، جيلا بعد جيل .
ومع بروز الجيل الجديد – عبر كل العالم – الجيل الذي وجد في المعلوميات والانترنيت ومختلف وسائل الإتصال الحديثة، وسيلة للتعبير عن ذاته، رغباته، تطلعاته … متجاوزا كل الوسائط التقليدية ، وصار يستهلك المعلومة ويروجها بسهولة وبسرعة فائقة
ويقارن أوضاعه مباشرة مع أقرانه عبر امتداد رقعة العالم. هذا الجيل المتأرجح بين دوامة الخوف الموروث من الأسرة والمدرسة والمجتمع، وبين الرغبة القصوى في التحرر والجرأة في التعبير عن حاجياته، متطلباته والذي لم يعد سؤال الخوف عنده متجسدا بنفس الطريقة التي كان عليها ذات زمن قد ولى ، وصار يتفتت متوزعا بين أروق الأسرة والمدرسة والإعلام وحتى السياسة ، كصوت متعب يحاول أن يُرهب جيلا لم يعد يصدق بسهولة . جيلا يتنفس الحرية صباح مساء، عبر كل الشاشات، مكسرا لجدار الصمت المفروض عليه، ويتحدى الرقابة في مختلف تفاصيل حياته اليومية.
يتبع …
