ذكرى اغتيال عمر بنجلون والواقع المشؤوم..
البدالي صافي الدين رئيس الفرع الجهوي للجمعية المغربية لحماية المال العام جهة مراكش الجنوب
تحل ذكرى اغتيال الشهيد عمر بنجلون يوم 18 دجنبر 2025 في سياق وطني ودولي تطغى عليه طبول الحرب التي لم ترى هدوء و لا هدنة في أوكرانيا ، حيث القتل و الدمار مستمران و الإنسانية لم يبق لها مكان هناك.
و في السودان يتقاتل الأشقاء السودانيون من أجل الزعامة حتى أصبح السودان نموذج الموت بالجملة و بدون رحمة، فالسلاح يحصد أرواح الأبرياء من نساء و أطفال و الفقر و المجاعة و الهروب من الموت هي صورة السودان اليوم ،صورة تدمي القلوب الحية؛ و تشير التقارير الأممية إلى أن عدد ضحايا الحرب السودانية ، منذ أبريل 2023 تقدر بعشرات الآلاف من القتلى والمصابين، مع أن الأرقام الرسمية من الأمم المتحدة ومنظمات أخرى تشير إلى أن عدد الضحايا تتراوح بين 15 ألفاً إلى 150 ألفاً، وغالباً ما تتجاوز الـ 20 ألف قتيل مدني. وارتفع عدد النازحين إلى نحو 14 مليون شخص.
وفي اليمن حيث الحرب التي بدأت ولم تنته وسوف لن تنتهي، لأن أمرها ليس بيد اليمنيين بل هي بأيدي طغاة العالم، تجار السياسة الاستعمارية والأسلحة المدمرة، والشعب اليمني يعيش الذعر والخوف والفقر والبؤس.
أما في غزة، يقتل الأطفال والنساء والشباب، في حرب غير متكافئة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني، أمام الصمت العربي المريب وتخاذل ما يسمى بالمنظمات الإسلامية والعربية.
تأتي ذكرى الشهيد عمر و طعم الصهيونية أصبح يتغذى به العالم العربي، إلا من رحم، بعد أن تمت تصفية كل القادة السياسيين الشرفاء في العالم العربي والإسلامي الذين كانوا مع القضية الفلسطينية و مع حق الشعب الفلسطيني في أرضه .لقد أفلحت الصهيونية، بدعم أمريكي- أروبي و بتعاون مع الأنظمة الرجعية العربية والإسلامية ، في القضاء على رموز التحرير و رموز قوى اليسار في العالم العربي والإسلامي ، في المغرب و في تونس و في مصر و في سوريا وفي لبنان وفي فلسطين وفي العراق لتصبح الشعوب تواجه موجة يمينية متطرفة تكره الحرية و حقوق الإنسان للغير و تبث الكراهية والعدوان بين الدول والشعوب لخلق الفتن حيث تنتعش تجارة المخدرات القاتلة و الأسلحة المدمرة.
وفي هذا السياق أصبح اليسار العربي يعيش أزمة تشرذم وتشتت في وسط أنظمة عربية تحارب الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وتكرس مبادئ الهيمنة والاستبداد والسلطة المطلقة وترعى الفساد وتسارع إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني و لو بدون شروط. تأتي ذكرى الشهيد عمر الذي امتدت إليه أيادي الغدر الرجعية الإسلاموية الظلامية مساء يوم 18 دجنبر 1975 بالدار البيضاء في إطار تصفية رموز التحرير الوطنية خدمة للصهيونية والامبريالية المتوحشة. تأتي هذه الذكرى المؤلمة، هذه السنة، والشعب المغربي يعيش تداعيات تلك الجريمة النكراء التاريخية. ومن بين تلك التداعيات الهيمنة المطلقة للأوليغارشية التي هيمنت على المشهد السياسي والاقتصادي وأصبحت شكلا من أشكال الحكم حيث السلطة السياسية محصورة في يد حكومة من فئة من الناس، متميزين بالإثراء غير المشروع وبتضارب المصالح والمحسوبية والزبونية وراعين للفساد السياسي والأخلاقي وزارعين بذور الفتنة والتفاهة والتخلف والأمية في صفوف الشعب المغربي وخاصة منه الشباب. فما كان يتخوف منه عمر قد وصل، أي صعود فلول الإقطاع الجديد الذي استطاع سلب الأراضي الخصبة من أهلها تحت ذريعة الاستثمار والدولة؛ تتنكر لذوي الحقوق ليتحولوا إلى مهاجرين نحو المدن بحثا عن شغل. لقد حذر عمر من تفكك الطبقة العاملة، وها هي قد تفككت وذهبت ريحها، ولم تعد قادرة على قيادة الصراع الطبقي، لأن النظام بطبيعته، قام بتفريخ عشرات النقابات من أجل تفكيك القوة العاملة التي هي عنصر من عناصر الصراع الطبقي من أجل التغيير والديمقراطية والعدالة الاجتماعية. إن اغتيال عمر لم يكن اعتباطيا بل كان قتله مدروسا ومؤطرا من طرف المخابرات وأعوانها من العناصر الظلامية حتى لا يظل هذا الصوت يدوي في ربوع الوطن رافعا شعار » التحرير والديمقراطية والاشتراكية » حتى ظل هذا الشعار عالقا في الأذهان وإلى الأبد. وظل فكر عمر خالدا وروحه الطاهرة تملأ سماء الوطن العربي والإسلامي.
