الحرب وتكالب الصعالك
د. سعيد ألعنزي تاشفين
الحرب العالمية الثالثة ذلك الخيار الذى يجسد منتهى القسوة و الدمار بعلة التنافس لاحتكار المجال الحيوي بين الصعالك الكبار، وهو أقرب السيناريوهات للنهايات الطبيعية لنظام عالمي قائم على التكتلات الجبرية وسياسة المصلحة الجامحة. فالولايات المتحدة الأمريكية من جهة تريد تدمير أوكرانيا لأنها منافس شرس للقوة الفلاحية الأمريكية التي نجحت بفضل » الأكروبيزنس » الذي يشكل عصب الابتزاز لأنظمة العالم من مدخل التحكم في المعدة من لدن نظام رأسمالي متوحش أنتج تكتلات تحركها المخاوف وليست الحقوق، الأطماع وليست الاحتياجات، الغصب وليس التفاوض. وفي الجهة الأخرى روسيا التي تنتقم، من وجهة نظر علم النفس التاريخي، من توريط الحلفاء للاتحاد السوفياتي ضد نازية هتلر و فاشية موسولوني إبان الحرب العالمية الثانية، ثم الانقلاب عليه خلال الحرب الباردة بمنطق الجحود الذي عبر عنه الحلفاء المتنطعين لقيادة العالم . منطق القوة لا يصنع الحق ولا يحميه، بل يستعبد البشر خدمة لرهانات الرأسمال ويطمح إلى ضبط كل التفاصيل بما يضمن سيادة الرأسمال الحر .
إن حربا كهذه بين بنات الاتحاد السوفياتي ، أقصد روسيا وأوكرانيا ، هى أعظم انتكاسة قد تمر بها البشرية كلها، ونأمل أن لا تندلع أبدا نووية، لأن بلوغ الرأسمالية مرحلة التوحش بمؤشرات خمس بالمئة من أثرياء الكون يحتكرون خمس و تسعين بالمئة من ثروات الأرض، وخمس وتسعين من ساكنة الأرض يعيشون فقط بخمس بالمئة من خيراتها، ولدرجة أن ثمن طائرة واحدة من نوع أباتشي يكفي لتلقيح جميع أطفال إفريقيا من كل الأمراض، وعلى نقيض هذا نجد تلك الأنظمة التوتاليتارية التي تنتج الرعب يوميا و دون خوف كما هو الحال بكوريا الشمالية المحتكرة للخطر النووي و بالصين التي تستهدف النظام الغذائي للبشرية بتحويل البلاستيك إلى غذاء ، كفيل بصناعة الرعب و تحويل ملايير من مستضعفي الكون إلى رماد خدمة لأجندات الصعالك الكبار الذين يبحثون عن منافذ نحو مخططات مالتوس صاحب المعادلة الديموغرافية الحسابية والمتتالية الاقتصادية الهندسية بما يؤكد إطالة عمر التحكم في الأفواه بشروط النيو – ليبرالية بنفحة الكازينو .
إن الولايات المتحدة تقود، بسياساتها القائمة على الجحود والبراغماتية، هذا العالم إلى الفناء ويتبعها الذئاب حول العالم من الشركات العابرة القارات و العميلة لصالح الرأسمال بأدوات الإخضاع وابتزاز الأنظمة ومراهنة الشعوب بين مخالب التكالب الذي يولد من العلب المغلقة خدمة لنهم المانيفاكتورات ولجشع الباطرونا الدولية. وروسيا بموقعها ينبغي أن تعلم أن الأمجاد اليساراوية و النعرات التاريخية وروح التحدي القائم على الباناروا كما قعّد له البلاشفة منذ فلاديمير إيليتش أوليانوف أشياء جنونية يمكنها أن تعود بروسيا المهيبة إلى الوراء مائة عام بفعل الدهاء الاستراتيجي لدى الغرب المتعدد الجبهات، فالضحايا لا تقتلهم الحرب بالرصاص فقط، بل إن تكلفة الحروب النفسية والاقتصادية تكون غالبا أفدح و أخطر على مفاصل الدول و قواها كاملة .
وصفوة القول أعتقد إنه لا يكون شجاعا في الدعوة إلى الحرب أو إعلان انطلاقها إلا الجبان، لأن الشجاعة تكمن في كيف يمكن إنهاء الحرب، و هذه تخص الصناديد ، لا في إعلانها ، و هذه تخص الرعاديد، وبين الاثنين شعرة معاوية لا يضبطها لا بايدن ولا بوتين .