احتكار تدبير الشأن السياسي بالمغرب.
مصطفى فاكر
لم يعد مقبولا احتكار و تدبير الشأن السياسي من طرف نخب تقليدية، رغم كل التعثرات على الأقل في تصنيفاتنا لكل تحول اقتصادي أو اجتماعي يمكنه أن يزيل كوابح التنمية المعطوبة أصلا وفق قاموس علم الاجتماع الاقتصادي، فقد اعتبر محمد عابد الجابري في تحليلاته للظاهرة بأن اللاتجديد للنخب من معيقات التطور، بتصنيف الظاهرة من ميكانيزمات التخلف المعيق لكل محاولات التنمية، معتبرا اللاتجديد للنخب مرتبطا بالأساس على احتكار إنتاج الثروة و الحرص على إدراجها في قبضة مافيات السطو الموغلة في التخلف و الفساد باعتبارها المفتاح الوحيد لنمذجة الاحتكار و سد الأبواب في وجه حركات التحرر الاقتصادي و الاقتصاد الاجتماعي لفك الحصار عن النخب المحاصرة وبشكل الأشبه بالقانوني، حيث تمت السيطرة على مؤسسات صناعة القوانين و المراسيم و المذكرات الزاجرة لكل محاولات فك قيود لمضايقة النخب العجوزة المتمسكة بمواقع المسؤولية التي لم تنتج سوى مراكمة الديون و بيع الأوهام و التهريب دون أدنى حس مسؤولية للتفكير في حلول لمشاكل هيكلية اجتماعية أضحت تهدد السلم و الاستقرار.
إن الإقرار بأزمة تجديد النخب التي يرعاها الفساد بكل الوسائل الممكنة و يغامر بمستقبل الأجيال التي تحولت إلى فيالق من الغاضبين و الفارين من جحيم العطالة و الإقصاء و اللاحقوق و التفقير إلى وجهات و لو كانت نهايتها الموت في عرض البحار، هو عنوان للمرحلة الحالية رغم كل أصناف المساحيق للتغطية عن واقع أزمة حقيقية تزيد من تأزيم الوضع بسبب فشل كل مخططات التنمية.
إن خطاب الملك الأخير على الأقل أشار بشكل جوهري إلى أن من بين أسباب فشل النموذج التنموي المغربي هي بالأساس تعود إلى اللا تجديد النخب السياسية، و لا أظن أن الحكومة الحالية بإمكانها إزالة الفرملة القوية للأزمة الخانقة دون الرجوع لإصلاح جوهري سياسي و اقتصادي يفسح المجال بشكل واضح للنخب التي حكم عليها بالعيش في غرفة انتظار أبدي مع سبق الإصرار و الترصد على نار هادئة، في حين تمت تقوية النخب الفاسدة التي تفتظ بكارة العدالة الاجتماعية بشكل صارخ وتفتح المجال على مصراعيه للاحتكار و الربح غير المشروع، إلى جانب إدارة متخلفة ترعى الفساد و الاستبداد، عبر نخب تقليدية تخدم فئات هي ذاتها من تجد لها موطئا في المؤسسات التنفيذية و التشريعية.