افتتاح أشغال الدورة الرابعة من برنامج تعزيز قدرات القضاة في مجال حقوق الإنسان لفائدة المسؤولين القضائيين.
المنظار
كلمة السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض؛ رئيس النيابة العام
افتتاح أشغال الدورة الرابعة ،من برنامج تعزيز قدرات القضاة في مجال حقوق الإنسان لفائدة المسؤولين القضائيين. المنظمة بالجديدة ما بين 18 و20 ماي 2022.
السيدة رئيسة مكتب مجلس أوربا بالمغرب؛
السيدات والسادة المسؤولون القضائيون؛
السيدات والسادة الخبراء المشاركون في هذا البرنامج؛
الحضور الكريم؛
يشرفني الحضور معكم اليوم في الدورة التكوينية الرابعة الخاصة بالمسؤولين القضائيين تنفيذا لبرنامج تعزيز قدرات القضاة في مجال حقوق الإنسان في مرحلته الثانية، والتي تنظمها رئاسة النيابة العامة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية بدعم من مجلس أوربا خلال ثلاثة أيام بحول الله، وسيشارك فيها 52 مسؤولاً قضائياً عن الدوائر الاستئنافية الدار البيضاء وسطات والجديدة وخريبكة وبني ملال.
ويجدر التذكير أن 154 مسؤولا قضائيا آخرين سبق لهم الاستفادة خلال ثلاث دورات تكوينية أخرى حيث نظمت الدورة الأولى بمدينة مراكش أيام 13 و14 و15 دجنبر 2021 واستفاد منها 57 مسؤولاً قضائياً عن الدوائر الاستئنافية مراكش وورززات وأكادير والعيون وكلميم وآسفي، بينما نظمت الدورة الثانية بمدينة طنجة واستفاد منها 44 مسؤولا قضائيا عن الدوائر الاستئنافية الرباط وطنجة والقنيطرة والحسيمة وتطوان، واحتضنت مدينة فاس الدورة الثالثة والتي استفاد منها 53 مسؤولا قضائيا عن الدوائر الاستئنافية فاس ومكناس ووجدة وتازة والراشيدية والناضور.
وإذ أقتسم معكم اليوم شرف إطلاق هذه الدورة، أود التأكيد مرة أخرى أن اعتماد هذا البرنامج النوعي من طرف رئاسة النيابة العامة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية يأتي انطلاقا من الوعي بضرورة مواكبة انخراط المملكة المغربية في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان بالمصادقة أو الانضمام إلى تسع اتفاقيات أساسية اعتمدتها الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان، إضافة إلى عدد من البرتوكولات الاختيارية، مع استحضار ما يفرضه ذلك من التزامات على الدول الأطراف مما يستلزم انخراط مختلف الفاعلين والمؤسسات المعنية على الصعيد الوطني في الوفاء بتلك الالتزامات. هذا فضلا عن باقي الآليات الأخرى التي طورتها الأمم المتحدة لتعزيز النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها وعلى رأسها هيئات المعاهدات وآليات الإجراءات الخاصة وآلية الاستعراض الدوري الشامل.
وفي هذا الإطار، يحتل القضاء مكانة متميزة ضمن الفاعلين المعنيين بإعمال المعايير الدولية المترتبة عن اتفاقيات حقوق الإنسان ويقوم بالتالي بدور أساسي وحاسم في حماية الحقوق والحريات المحمية بموجب تلك الاتفاقيات طبقا لأحكام الدستور المغربي الذي أولى مكانة متميزة لحقوق الإنسان وعزز ضمانات حمايتها والنهوض بها. ولذلك يمكن القول إن القضاء يأتي في طليعة الفاعلين المعنيين بالتفاعل مع مختلف آليات الأمم المتحدة من خلال الحضور بشكل مباشر أو غير مباشر في مجريات فحص أوضاع حقوق الإنسان في مختلف دول العالم وفيما يتمخض عن ذلك من نتائج وتوصيات.
حضرات السيدات والسادة؛
لا بد من التذكير أنه إلى حدود اليوم، وأخذا بعين الاعتبار عدد المستفيدين من الدورة التي نطلقها الآن، يبلغ عدد المستفيدين من برنامج تعزيز قدرات القضاة في مجال حقوق الإنسان 925 قاض وقاضية، من بينهم 206 مسؤولين قضائيين و719 من بين قضاة الحكم وقضاة النيابة الذين استفادوا من المرحلة الأولى من هذا البرنامج. هذا فضلا عن استفادة 123 من أطر ومسؤولي رئاسة النيابة العامة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية و108 مستفيدة ومستفيد آخرين يمثلون مؤسسات وطنية أخرى من بينها المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمديرية العامة للأمن الوطني وقيادة الدرك الملكي والمندوبية العامة لإدارة السجون.
وإذا كانت مكونات هذا البرنامج في مرحلته الأولى قد ركزت على التعريف بالإطار الدولي لحماية حقوق الإنسان ولا سيما الشرعة الدولية وغيرها من الاتفاقيات الأساسية، والهيئات المكلفة بتتبع تنفيذ مقتضيات تلك الاتفاقيات، وعلى التذكير ببعض الأنظمة الإقليمية لحماية حقوق الإنسان وكذا الإطار التشريعي والمؤسساتي الوطني المعني بحماية حقوق الإنسان، فإن مكونات المرحلة الثانية تستهدف تعميق المعرفة في العديد من المواضيع التي ترتبط بالضمانات الأساسية لحماية حقوق الأفراد وحرياتهم من منظور القانون الدولي لحقوق الإنسان والمعايير الدولية المنبثقة عن اتفاقيات حقوق الإنسان التي صادقت عليها بلادنا.
ولذلك تم الحرص على ربط المواضيع المقترحة في البرنامج بممارسة قضاة النيابة العامة وقضاة الحكم من خلال تناول بعض الحقوق والتطرق لمفهومها ونطاقها في القانون الدولي لحقوق الإنسان، ومن بينها على الخصوص المعايير الدولية بشأن الحق في محاكمة عادلة، والمعايير الدولية بشأن الحماية من التعذيب وسوء المعاملة، فضلا عن المعايير الدولية ذات الصلة بإجراء الخبرة الطبية في مجال التعذيب، والحق في الأمان الشخصي وفي الحماية من الاعتقال التعسفي وضمان حقوق الأشخاص المحرومين من الحرية، مع عرض الاجتهاد القضائي في المجال وكذا الشبه القضائي لهيئات الأمم المتحدة المعنية.
وإذا كنا جميعاً، كقضاة النيابة العامة وقضاة الحكم، مدعوون إلى الانخراط في تنفيذ التزامات المملكة المغربية بموجب اتفاقيات حقوق الإنسان التي صادقت عليها وإعمال المعايير الدولية ذات الصلة، فإن المسؤولين القضائيين بما يتحملونه من مسؤولية الإشراف على عمل زملائهم القضاة الذين يعملون تحت مسؤوليتهم، لهم دور أهم في هذا الصدد.
وكما تلاحظون في البرنامج الذي هو بين أيديكم، فإن مجريات هذه الدورة سيتم تأطيرها من طرف ثلة من الخبراء المغاربة والأجانب من بين من لديهم تجربة ومعرفة عميقة بالمواضيع المدرجة ضمن محتويات هذا البرنامج ولذلك نأمل أن تكون الاستفادة من مجريات هذه الدورة في أعلى مستوى ممكن.
وفي ختام هذه الكلمة، أود أن أتقدم بخالص الشكر والامتنان والتحية والتقدير للسيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية على دعمه لهذا البرنامج، وكذا دعمه المتواصل لمختلف المبادرات التي تقوم بها رئاسة النيابة العالمة والتي تهدف إلى تكوين السادة القضاة والمسؤولين القضائيين في مختلف مجالات مهامهم، وبعبارات التحية والتقدير لجميع السيدات والسادة المسؤولين القضائيين، وبالشكر الجزيل لكل لمن ساهم في إعداد هذا البرنامج وتنفيذه من مسؤولي وأطر رئاسة النيابة العامة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية آملا أن يحقق الأهداف المرجوة منه وأن يساهم في تقوية دور القضاء في حماية حقوق الإنسان والنهوض بها في بلادنا.
كما أتقدم كذلك بالشكر والامتنان للاتحاد الأوربي ومجلس أوربا على دعمهما لهذا البرنامج، وللسيدة كارمن مورتي جوميز رئيسة مكتب مجلس أوروبا بالمغرب على مواكبتها وحضورها المتواصل في كل الملتقيات التي تكون الهيئة التي تمثلها شريكة لرئاسة النيابة العامة في الأنشطة والدورات التكوينية التي تنظمها. سائلا الله القدير أن يوفقنا جميعا لما فيه خير بلادنا تحت القيادة الرشيدة لمولانا المنصور بالله صاحب الجلالة الملك محمد السادس ادام الله تعالى نصره وعزه وحفظه بما حفظ به الذكر الحكيم، وأقر عينه بولي عهده الأمير الجليل مولاي الحسن وشد أزره بسمو الأمير مولاي الرشيد وكافة أسرته الشريفة إنه سميع مجيب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.