رسالة بوح من رجل تعليم الى زوجته
الى زوجتي العزيزة.
ابعث لك هذا الخطاب لأؤكد لك مدى تعلقي بك، اعلمي سيدتي ،ان مكانتك ضمن انشغالاتي اليومية التي اوزعها بين الزمن المدرسي والزمن النضالي النقابي وزمن قراءة المذكرات الإقليمية والمركزية ،التي تتهاطل علينا بعواصفها ورعودها ،وانا صامد امام عنفها ،كما اخصص جزءا من الليل لتحضير الدروس وتصحيح أوراق الفروض ،الشيء الذي يحرمنا من حديث الليل ،لا شك انك سعيدة كونك زوجة رجل تعليم ، فبالرغم من ان الوزارة الوصية على القطاع الذي انتمي اليه ، لم تكرمك بل تحرمك من حقوقك المالية ،فإنني البديل اتقاسم معك ذلك الاجر الهزيل.
منذ وثقنا العقد الاجتماعي بيننا، فإنني صرحت للوزارة برزمة من الوثائق الثبوتية للزواج غير انها لم تعر أي اهتمام لزواجنا، فقط اضافت الى راتبي بعض الدراهم تعويضا لك لا تكفي لأداء فاتورة الماء والكهرباء، بالرغم انها اضافت اسمك ورقم بطاقتك في سجل احياء الوظيفة العمومية، تعتبرك الحكومة زوجة رجل مهم يشتغل بوزارة، تعتبر غير منتجة ومرهقة لميزانية الدولة، ومع ذلك اهتمي بي وافتخري انني أعيش وأياك بين البؤس والفرح، واؤكد نيابة عن زملائي ان رجال التعليم من أخلص الأزواج على الاطلاق.
زوجتي العزيزة.
كلما أهميتي به بالابتسامة وطبخ العدس والفاصوليا، سأكون مطواعا لك، فاستغلي كرمي في بداية كل شهر. فإنني محاسب ماهر، ولا يعني ذلك بخل مني، وانما هي سياسة اقتصادية املوها علينا في تدبير ذلك الاجر الهزيل، وحريص كل الحرص على سلامة وضعيتي الإدارية، كما تلاحظين أرتب ملفاتي الإدارية من شواهد وتقارير السادة المفتشون التي اضعها بعناية في رف مكتبتي، خوفا ان يصيبها التلف لقدر الله من هجوم جيوش الحشرات.
لا تنزعجي، عندما تجيدينني امضي ساعات امام جهاز الكومبيوتر ،فإنني منغمس في البحث عن مذكرات الترقية وزمن الوقفات الاحتجاجية مع زملائي في النقابة ،واحيانا البحث عن المعلومات لإضافتها الى تحاضر الدروس، خاصة ان مادتي التاريخ والجغرافية تستدعي مني ان اجدد المعلومات ، لان المقررات متقادمة و بها أخطاء في محتوياتها ، لذلك ،لكي تكتمل مواطنتي يجب ان اضحي بزمنك معي ،لكي أكون عند حسن رضى تلامذتي وضميري المهني ،كما ترين انني مواظب على ادخال النقط في لوائح التلاميذ ، خاصة اذا كانت منظومة مسار لا تفتح الا في الزمن الليلي ،وقد اطلب منك إطفاء هاتفك لاستغل صبيب الانترنيت ،مع العلم انها خدمة إدارية وليست تعليمية، فان الإدارة تجبرنا على ذلك، فكل تهاون يعرض راتبنا الى الاقتطاع في نهاية الشهر، الشيء الذي يمكن ان يزيد من معاناتنا المعيشية ،فعندما ادخل الى البيت متعبا واطلب منك مساعدتي في ادخال النقط في لوائح المسار المعطل ،فان ذلك فضلا منك ،بدون علم من وزارة التربية الوطنية التي تعتبرك زوجة رجل مهم في المجتمع .حينما احدثك عن المذكرات والترقية وتأخر تعويضات ملفات المرض لشهور، واناقش معك برنامج النقابة ومؤسسة الاعمال الاجتماعية وغيرها من المؤسسات ،فإنني ابغي من ذلك مشاركتك همومي ليس الا.
زوجتي العزيزة.
فاذا ادخلتك في منظومة همومي المهنية، فما ذلك، الا انني اعتبرك وعاء لتفريغ بعض من مشاكلي المتمثلة في الاقتطاعات وتأخر تعويض ملفات المرض ونضالي النقابي في الدفاع عن حقوقي وحقوقك.
تعلمين انني حريص كل الحرص على الزمن المدرسي احتراما لوظيفتي، فانا مواطن صالح اؤدي الفواتير وواجب الكراء واحترم قانون السير وعدم الترترة في المقهى، واقاطع المنتجات الغالية الثمن، واحتج على تسعيرة البنزين التي اعتبرها جزءا من نضالاتي اليومية، تعلمين انني مواطن حضاري، لكن غضبي مرتبط بهضم حقوقنا.