كلمة رئيس مؤسسة فكر للتنمية و الثقافة و العلوم في افتتاح ندوة القنب الهندي
− أيها الحضور الكريم ؛
أنعمتم صباحا وشكراً لكم بدءاً على حضوركم أشغال هاته الندوة الوطنية تلبية لدعوتنا .
أما بعد، أتناول الكلمة أمامكم باسم مؤسسة فكر للتنمية و الثقافة و العلوم في جلسة افتتاح أشغال هاته الندوة المباركة بحضوركم ودعمكم واهتمامكم والمنظمة في موضوع :
» تقنين الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي رؤى متقاطعة «
و التي ننظمها بشراكة مع جمعية جهات المغرب و تعاون مع مؤسسات وطنية وقطاعات حكومية و فاعلين اكاديميين وخبراء و باحثين من المغرب وخارجه في فضاء مؤسسة جامعية من مهامها التفكير والتأطير والبحث والتكوين ؛ انخراطا في المقتضيات الدستورية التي تربط الفعل المدني بالفعل الترابي و الحكومي و الاكاديمي .
انها ندوة علمية، مُتعددة الاطراف والرؤى والمعالجات والتحاليل ، يتدارس السيدات والسادة الاكاديميون والخبراء الباحثون الموضوع من زوايا اقتصادية و مالية و اجتماعية و طبية و صيدلية و بيولوجية وكيميائية وهي مجالات تشكل محورا مجتمعا يرتبط اوله بآخره. و وزعة على محاور كبرى نجملها في ما يلي /
– القنب الهندي في الدراسات التاريخية؛
– قراءات مُتقاطعة في القانون 13.21 ؛
– القنب الهندي في الدراسات العلمية والطبية؛
– تقنين استعمالات القنب الهندي والتأثيرات السوسيو- اقتصادية؛
– الصناعة والإنتاج والرهانات التجارية
– التأثيرات البيئية والغابوية والفلاحية
ايتها السيدات ايها السادة
لن نعود بكم لتاريخ النبتة اجتماعيا و اقتصاديا و سياسيا و تشريعا بدءا بظهير 1917 و ظهير 1934 و ظهير 1974 و كيف انتقلت زراعه هاته النبتة من كتامة الى تاونات و الشاون و الحسيمة و العرائش و كيف سجل المغرب أقصى إنتاج للقنب الهندي سنة 2003 بما يبلغ 130 ألف هكتار (47 ألف طن) ، كما أن المساحة المزروعة حاليا تقارب 50 ألف هكتار في أقاليم الحسيمة ، شفشاون ، تاونات …، معني بها ما يقارب 60 ألف عائلة ، أي أن هناك 400 ألف شخص ترتبط حياتهم بهاته المادة و هي القضايا التي قد تثار من قبل الاكاديميين خلال هاته الندوة التي ننظمها سنة و زيادة على مصادقة البرلمان المغربي على القانون 13.21 المتعلق بتقنين الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي و الذي صدر بالجريدة الرسمية بتاريخ 14 يوليوز 2021 و قرارات ستة حددت كيفيات تسليم رخص ممارسة الانشطة المتعلقة بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي و نماذج عقد بيع محاصيله و محضر التسليم و محاضر الاتلاف الخاصة بفائض الانتاج و كذلك البذور و الشتائل و النباتات و محاصيلها و شروط و كيفيات اعتماد بذور القنب الهندي و شتائله و نماذج السجلات و كيفيات مسكها من قبل الوكالة و اصحاب رخص الممارسة و كذا نسب مادة رباعي الهيدرو كانا بينول المنصوص عليه في المادتين 6 و 17 من القانون 13.21 كيفيات التصريح بالأضرار و الخسائر الممكن حصولها لمحاصيل القنب الهندي و الموكول للسيد وزير الداخلية و هو القرار السادس . كما ان القانون حدد الاقاليم المعنية بذلك في ثلاث الحسيمة و الشاون وتاونات مع تركه الباب مفتوحا لإضافة اقاليم اخرى بالنظر للطلب واقبال الاستثمار المحلي والدولي على هاته الانشطة بتلكم المناطق …
وبذلك تكون الحكومة المغربية قد سلكت مسار الاطار التشريعي للاستعمالات المشروعة للقنب الهندي بالمصادقة على القانون و اصدار المراسيم و توج كل ذلك بموافقة جلالة الملك محمد السادس على تعيين مديرها السيد محمد الكروج والذي باشر مهامه بدراسة وموافقة الوكالة على عشر تراخيص ولا يفوتنا في هذا المقام تهنئته باسم المؤسسة واسمكم على الثقة المولوية التي حظي بها متمنين له و لأعضاء المجلس الاداري التوفيق و النجاح في المهام المنوطة بالوكالة توفيرا لكل ظروف وشروط تفعيل مقتضيات هذا القانون من الانتاج و الاستيراد والتسويق والاستعمال الطبي وتجميع وتخزين المعلومات والمعطيات العلمية والتقنية اللازمة لإدماج القنب الهندي في النسيج السوسيو- اقتصادي ، والتثمين العلمي لاستعمالاته العلاجية والتجميلية والصناعية من خلال مختلف المراحل : التشريع ، الثقافة ، البذور، الإشهاد ، التحويل ، الجودة ، التتبع ، التعاون ، التسويق ، تأهيل الكفاءات ، والتأثير البيئي والغابوي و غيرها .
فمن المؤكد ان التأطير القانوني لزراعة و انتاج و تسويق هاته المادة يجنب المنطقة الانعكاسات السلبية على صحة المواطن و على الفرشة المائية و على الحياة المستقرة لأبناء المنطقة عموما و لأزيد من 30 الف منهم ممن يعيش على ايقاع المطلوب للعدالة جنائيا بسبب زراعة مادة ممنوعة .
ايها الحضور الكرام
لقد شكل صدور القانون رقم 13.21 قطيعة مع مرحلة غامضة وطويلة ارتبطت بتاريخ مأزوم في التعامل مع واقع مناطق زراعة القنب الهندي ، مرحلة سادها نقاش عمومي غير منظم و غير مؤطر و غير هادف . لذلك نعد صدور التشريع الخاص بهذا الملف جرأة غير مسبوقة من قبل البرلمان عموما الحكومة خصوصا و وزارة الداخلية على وجه اخص مما ساهم في تراكم دخول المغرب مرحلة جديدة سمتها العقلانية والوضوح في التعامل مع موضوع طالما وضعنا في إحراج بلبوس متنوع و متعدد مع دول ومنظمات دولية حكومية وغير حكومية
ن بلادنا ، وهي تعتمد هاته المنهجية الجديدة في التعامل مع الملفات الكبرى ، قد قدمت الدليل – مرة أخرى – على أن مقاربات العهد الجديد ، المستندة إلى النقاش العلني ، والأسلوب التشاركي ، تُؤدي حتما لنتائج إيجابية .
فقد كان لهذه الطريقة نتائجها في طي صفحة الماضي من خلال تجربة الإنصاف والمصالحة ، وفي وضع ملف الأمازيغية على سكته الصحيحة ، وفي تمكين البلاد من دستور مُتقدم ، ونظام جهوي متطور، ونموذج تنموي جديد …
لذا كان من الطبيعي جدا أن تربح البلاد مرة أخرى ملف التعامل مع « القنب الهندي
ومما شجع بلادنا على ولوج هذا الورش ، الظروف الدولية العامة ، حيث إنه خلال السنوات الأخيرة ، عملت حركة سوسيو- اقتصادية عالمية على شرعنة القنب الهندي ، وهو ما سمح للباحثين اكتشاف مختلف الاستعمالات الممكنة لهاته النبتة على صعيد السوق المحلي و العالمي ، وفي هذا الاتجاه فإن استعمال القنب الهندي لأغراض طبية ، وجمالية ، وصناعية تمت شرعنته في أكثر من 50 دولة من بينها المغرب سنة 2021. فبتاريخ 2 دجنبر 2021 ، قررت لجنة المخدرات التابعة للأمم المتحدة سحب القنب الهندي من الجدول الرابع من الاتفاقية الوحيدة حول المخدرات لسنة 1961 ، حيث كانت توجد الى جانب المخدرات الصلبة .
إن اللجنة المعنية قد فتحت المجال للاعتراف بالإمكانيات العلاجية لهذا المخدر ، حيث تم إنشاء شركات مختلفة للإنتاج ، والتوزيع ، والتسويق لمشتقات القنب الهندي على الصعيد العالمي ، حيث ستبلغ قيمة سوق القنب الهندي ومشتقاته 166 مليار دولار لغاية 2025 ، و230 مليار دولار لغاية 2028 . وبهذا فإن تثمين القنب الهندي من خلال استعمالاته المشروعة ينبغي أن يأخذ هاته المعطيات بعين الاعتبار ، و يوضع في إطاره القانوني بدءًا بزراعته و مرورا بسلسلة عمليات الانتاج و التسويق و التصنيع في شتى المجالات محليًا و جهويا و وطنيًا و دوليًا .
السيدات و السادة
وليس لنا ادنى شك في كون هذا المشروع يعد مجالا خصبا للاستثمار الداخلي و الخارجي في سوق وطنية و دولية متحركة في المجال الطبي والصناعي والفلاحي مما يتطلب من الحكومة المغربية توفير كل ظروف هذا النوع من الاستثمارات التي تستلزم امكانات مادية و موارد بشرية مؤهلة هامة بل مطلوب منها كذلك وضع تحفيزات بشروط تفضيلية وبالتزامات واضحة تضمن الاستفادة الانية لمزارعي هاته النبتة في المنطقة و اهاليهم بمنطق رابح رابح و هو ما اتى على لسان السيد وزير الداخلية و هو يقدم هذا المشروع في البرلمان و امام لجنه .
واستحضارا لمقتضيات البرنامج الحكومي في تنفيذ برنامج النموذج التنموي الشامل حتى يتمكن المغرب من تجويد حياة المواطنات و المواطنين و توفير الخدمات الاجتماعية و الثقافية و غيرها بما يلائم حاجياتهم المتطورة و المتجددة ؛ رغبة نتمنى ألا تقوم على أساس اختزال التنمية في النمو الاقتصادي ، نتوقع كما وعدت الحكومة المغربية بذلك و هي تترافع امام نواب الامة ان تحصل انعكاسات ايجابية على سكان المنطقة فتغيير بذلك مجموعة من مظاهر الفقر و الهشاشة والخوف والهروب ليل نهار الى واقع افضل. وبذلك يكون التأطير القانوني لزراعة و انتاج و تسويق هاته المادة يجنب المنطقة الانعكاسات السلبية على صحة المواطن و على الفرشة المائية و الجماعة الحيوانية والتربة الزراعية وعلى حياة ابناء المنطقة عموما و لأزيد من 30 الف منهم ممن يعيش على ايقاع المطلوب للعدالة جنائيا بسبب زراعة مادة ممنوعة .
أيتها السيدات، أيها السادة ؛
لن اجعل من كلمة الافتتاح هاته محاضرة في الموضوع لكننا اردنا بالتذكير ببعض قضاياه اثارة الانتباه الى المزايا المتعددة للاستعمالات المشروعة للقنب الهندي والتأكيد على اهمية النقاش العلمي الاكاديمي للموضوع بكل تجلياته و تمظهراته و انعكاساته .
ايها الحضور الكرام
و قبل انهاء الكلمة هاته نود ان /
أولا / ننوه بانخراط السيدات و السادة الاساتذة الباحثين بالتعليم العالي في مجموعة من مشاريع البحث منذ ما يقارب العشرين سنة انتهت مجموعة منها بمناقشة رسائل دكتوراه في الموضوع ارتباطا بجوانبه المذكورة و ننوه كذلك بكل مؤسسات و مركز البحث الوطنية التي تسعى الى تطوير نتائج البحث العلمي في الموضوع
ثانيا / و حتى نضمن حياة تتسم بالاستقرار النفسي و الاجتماعي و الاقتصادي لأبناء المنطقة وهذا املنا جميعا و رغبة من الفاعل المدني و الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي .في تصفية الاجواء في المناطق المعنية مباشرة بمقتضيات هذا القانون و انسجاما مع مسار طي صفحات الماضي الاليمة و انخراطا في مقتضيات العهد الجديد بقيادة جلالة الملك محمد السادس نوجه نداء الى السلطة التنفيذية قصد التفكير في اعداد و تقديم مشروع قانون بخصوص مسطرة العفو التشريعي يهدف الى الغاء المتابعات القضائية ليأخذ مساره الدستوري لإلغاء المتابعات القضائية في حق المتابعين المطلوبين للعدالة بسبب زراعة مادة ممنوعة قبلا.
ثالثا / في ختام هاته الكلمة أود باسم مؤسسة فكر للتنمية و الثقافة و العلوم أن أوجه الشكر الخاص المشفوع بكل تقدير واحترام إلى جمعية جهات المغرب و من خلالها لكل رؤساء الجهات و اعضائها و للسيد وزير التعليم العالي و البحث العلمي و الابتكار و الى السادة رؤساء الجامعات على مشاركتهم و تعاونهم و السيد عميد الكلية على ترحابه و استقباله لأشغال الندوة في فضاء هاته الكلية العريقة و التاريخية ذات الرمزية الوطنية بامتياز و شكرنا ممدود للسادة العمداء و المدراء ، و للزملاء السيدات والسادة الأساتذة الباحثين الذين لبوا دعوتنا اعدادا و حضوراً ومساهمة علمية جدية مسؤولة ، كما لا يفوتني أن أوجه الشكر إلى كل موظفي ومستخدمي الكلية على مساعداتهم وتوفيرهم الشروط الموضوعية الكفيلة بإنجاح ندوة دولية من هذا الحجم ؛ وشكرنا موصول لكل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة على متابعتها للأشغال وإذاعتها للخبر وحضورها دون أن اغفل توجيه التحية و التقدير للزملاء أعضاء مؤسسة فكر.
والتحية والاحترام لكل الحاضرين و الغائبين المعتذرين بدءاً وختاماً.