القلاع والقصبات بالمدن التاريخية من العهد المرابطي الى العهد العلوي.

القلاع والقصبات بالمدن التاريخية من العهد المرابطي الى العهد العلوي.
شارك

علال بنور.

عموما يمكن القول، ان العمارة المغربية تتميز بخصوصيات وفي الخصوصية الاختلاف والتشابه، فهي تختلف من منطقة جغرافية الى أخرى، فيها التعايش اليومي بين السكان، تحكمها ثقافة المنطقة مع بعض الاختلاف بين المدن والبوادي، فيها المادي والرمزي يحصل التفاعل داخل الاختلاف في هندسة البناء، التي تعبر عن حضارة مغربية والتي استقت اشكالها من حضارات أخرى، مرت من جغرافية المغرب من الامازيغ والفينيقيين والرومان والعرب والاندلس.

وهناك بعض المؤرخين الذين سياتي الكلام على ذكرهم، أكدوا ان المعمار السائد بالمغرب هو المعمار الامازيغي الضارب في القدم، فتأكد مع الدراسات التاريخية الحديثة والمعاصرة، ان العمارة الامازيغية، عرفت العديد من التأثيرات مع القرطاجيين والرومان والبرتغاليين والطابع الاندلسي، برز ذلك غالبا بالمدن المغربية خلال العصر الوسيط والعصر الحديث.

اعتمد البناء في اغلبه على الطابية خصوصا الاسوار والابراج، ومن المؤرخين الذين تحدثوا عن هندسة القلاع والقصبات، نذكر البكري وابن خلدون والحسن الوزان والقلقشندي وابن ابي زرع في كتابه روض القرطاس، كما عرف تاريخ المغرب الأقصى، عبر تاريخ الدول الامازيغية والدول العربية المعروفة تاريخيا بالدول الشريفة، المعمار العسكري الذي يتمثل في القلاع والقصبات والاسوار والابراج، التي لعبت دورا امنيا، سواء في وجه الهجمات القبلية او في وجه التهديدات الأجنبية من الضفة الشمالية لحوض البحر الأبيض المتوسط.

هناك من المؤرخين من يفصلون في الفرق بين القلعة والقصبة، مع العلم ان لهما وظيفة امنية عسكرية وتوحدهما. ومن هنا نطرح السؤال ما هو الفرق بين القلعة والقصبة؟

يعتبر القلقشندي ،ان القصبة هي القلعة ،شيدت في منطقة استراتيجية كحامية عسكرية يستقر بها الجنود والخيول الحربية ،تمون من القبائل المجاورة لها ،يتزعمها قائد عسكري .اما عبد العزيز بنعبد الله ،يرى   العكس ان القلعة ليست هي القصبة، فالقلاع بناء خاص بجهاز المخزن العسكري لمراقبة العدو، في حين ان القصبة ،هي تجمع سكاني في اغلبيتهم خدام المخزن ،وهناك من المؤرخين من يعتبرون ان القلاع والقصبات  بنيت قرب القبائل الثائرة على المخزن ،من اجل ردعها وجعل حضور المخزن قريبا منها .كما تعتبر القصبة النواة الأولى لتوسع المدينة ،فهي مسورة، وفي زواياها الأربع أبراج ، كما يوجد بها  مسكن وإدارة القائد ومسجد ومخازن المؤن والأسلحة واسطبلات الخيول العسكرية ،كذلك بها احياء سكنية اما القلعة بها فندق وحامية عسكرية .

القلاع والأبراج:

 وهي الأخرى تتوافر بالعديد من المناطق الجغرافية المغربية ،ليست بمعزل عن القصبة ، نذكر منها ، قلعة ادخسان قريبة من خنيفرة ،تقع وسط قبائل زيان ،بنيت في عهد يوسف بن تاشفين وقلعة كوراي جنوب مكناس بنيت في العهد الإسماعيلي وقلعة بولعوان وقلعة مديونة من العهد الإسماعيلي بقرب من الدار البيضاء ،وقلعة السراغنة وقلعة مكونة شرق ورززات  وقلعة عين غبولة بنيت في العهد الموحدي نسبة الى عين ماء، كانت تزود قصبة لوداية بالماء و قلعة ابن احمد قرب فاس  وقلعة لقصابي في العهد الإسماعيلي ،لحراسة الطريق الرابطة بين فاس وتافيلالت، وقلعة سلاس على نهر ورغة وقلعة بني مطير في العهد الإسماعيلي ،للحد من ثورات منطقة ملوية ،وقلعة زاكورة على نهر درعة  شيدت على العهد  المرابطي ،وقلعة اصيلة وقلعة ازمور وقلعة مزكان بنيت على انقاض برج لبريجة ، وقلعة حجر النسر قريبة من العرائش وقلعة فزاز بين مكناس وفاس .وقد ذكر ابن ابي زرع صاحب كتاب روض القرطاس العديد من القلاع .

اما بالنسبة للأبراج، نذكر البرج الإسماعيلي بمكناس وبرج امسا ومارتيل على الساحل المتوسطي، وبرج الخنزيرة بالرباط، وبرج الذهب بفاس، وبرج سينار بالقصر الصغير بين طنجة وسبتة، وبرج تارغة بالشاون، الذي بني في عهد علي بن راشد، وبرج الناضور قريبا من تازة، واخر يحمل نفس الاسم بأحواز اسفي، وبرج سيدي ميمون وبرج اليهودي الموجودان بالعرائش، وبرج تيط على ساحل المحيط الاطلس بغرب الجديدة، حيث ضريح المولى عبد الله امغار. الى غيرها من الأبراج لا يسع المجال لذكرها.

القصبات:

يرى ابن منظور في كتابه لسان العرب ،ان القصبة تعني القرية، كما هناك من المؤرخين من يعتبرون ، ان القصبة هي عمارة امازيغية بامتياز، وتعرف في اللغة الامازيغية باغرم ، تضم مخازن الحبوب ومسجدا – الذي لعب  وظائف  منها وظيفة العبادة و وظيفة تعليمية – ومركزا سكنيا للاعيان  من التجار والفلاحين ،لقد احصى ،المؤرخ أبو بكر الصنهاجي المعروف بالبيدق 23 قصبة بناها المرابطون لمواجهة الموحدين ،كما ان الموحدون بنوا العديد من القصبات ،بل رمموا بعضها ، ويؤكد البيدق ، ان اغلب  القصبات بنيت في العهد السعدي  او رممت بمناطق من سوس ، غير ان المؤرخون احجموا عن الكلام في أسباب تزايد القصبات في العهد السعدي .هل  يرجع ذلك الى تزايد الحركات الثورية الداخلية  وتحسبا للإمارات الناشئة ؟. ام التخوف من المد الايبيري بالسواحل البحرية المغربية؟. وهل كثرة بناء القصبات، تعبر عن غياب الامن والاستقرار السياسي؟ اما في العهد العلوي، وصل عدد القصبات الى 76 قصبة، خصوصا في مرحلة حكم المولى إسماعيل، على شكل سلسلة، امتدت الأولى من بني يزناسن الى تادلة، والمجموعة الثانية على الطريق السلطانية من تازة الى وجدة، ومن مكناس الى فاس ومن فاس الى مراكش الى تافيلالت، والمجموعة الثالثة من مكناس الى مراكش الى تارودانت واحوازها.

وهكذا، مثلت القلاع والابراج والقصبات والاسوار، هندسة معمارية لها وظيفة عسكرية لحماية السلطة من أي هجوم خارجي، كما تعتبر رمزا للقوة والحضور المخزني، خصوصا في المناطق الثائرة على السلطة المركزية.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *