ملف الطلبة المغاربة بأوكرانيا: التدبير المؤسساتي الفاشل والمصير المجهول للمسار الدراسي ل 12000 طالبة وطالب
محمد خوخشاني.
اثنى عشر يوما قبل اندلاع الحرب في أوكرانيا أوصت سفارة المغرب بكييف المواطنين المتواجدين بأوكرانيا ومن بينهم المغاربة الذين يتابعون دراستهم العليا بأوكرانيا بالمغادرة جوا وفورا بلاد الأوكران. قلة قليلة استجابت لدعوة السفارة المغربية بكييف.
بعد أقل من أسبوعين وبالضبط يوم 24 فبراير 2022 أصبح الجميع مضطرا للهروب من الحرب في ظروف جد صعبة نحو الدول المجاورة لأوكرانيا.
الفارون من جحيم الحرب منهم عدد قليل اضطروا للبقاء في أوكرانيا لأسباب متعددة
وبفضل التعليمات السامية لصاحب الجلالة العاهل محمد السادس نصره الله في شأن التنقل عبر طائرات الخطوط الملكية المغربية بثمن رمزي، العديد من هؤلاء الطلبة اختاروا الالتحاق بأرض الوطن يحدوهم الأمل بأن الوطن الذي كان غفورا رحيما حتى بمن ارتكبوا أفظع الجرائم في حق الوحدة الترابية للمغرب سيكون قاسيا في حق من عادوا قسرا إلى أرض الوطن حيث لم ترحمهم لا وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ومن خلالها حكومة عزيز أخنوش إضافة لكونهم لم يحظوا حتى بالتضامن فبالأحرى الترحاب من طرف زملائهم الطلبة الذين يتابعون دراستهم العليا بالمؤسسات الجامعية الوطنية، العمومية منها أو الخصوصية.
ومنهم من فضل التوجه إلى دول الاتحاد الأوروبي بغية الحصول على الحق في الحماية المؤقتة على غرار المواطنات والمواطنين الأوكران الذين استفادوا بالحق في اللجوء مع إمكانية متابعة دراستهم ببلدان الاستقبال بالنسبة للتلاميذ والطلبة وإمكانية العمل بالنسبة لللاجئين.
أن يعاني الطلبة المغاربة وهم عالقون بأوكرانيا أو بإحدى الدول الأوروبية المستقبلة قد يبدو أمرا مقبولا، إن لم يكن بالأحرى طبيعيا لكونهم مواطنين أجانب أرغمتهم ظروف الحرب على النزوح إلى البلدان المجاورة لأوكرانيا. لكن ليس من المعقول قطعا أن تستمر معاناة هؤلاء الطلاب وهم في وطنهم بين ظهران مواطنيهم.
منذ وصول من اختاروا الالتحاق بأرض الوطن، وهم وآباءهم يعانون أشد المعاناة من غلق الأبواب في وجوههم على كل المستويات في بلدهم، سواء من جراء السلوك اللاوطني لزملائهم الطلبة الذين كان من المفروض أن يرحبوا بهم بدل رفض التواجد معهم في نفس المؤسسات التي يدرسون بها أو من طرف أغلب القوى السياسية والنقابية والمنظمات غير الحكومية بالمغرب بمختلف تلاوينها وإيديلوجياتها ناهيك عن تجاهل ولا مبالاة ذوي القرار وعلى رأسهم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار التي رغم العديد من المراسلات ورغم أزيد من عشرة وقفة احتجاجية نظمتها الجمعية الوطنية لأمهات وأباء طلبة المغرب بأوكرانيا أمام مقر الوزارة الوصية والمتوجة بالوقفة الاحتجاجية التي نظمت أمام مقر البرلمان بمعية هيئات تمثيلية أخرى للطلبةالمغاربة العائدين من أوكرانيا. علما أن الجمعية الوطنية لأمهات وآباء طلبة المغرب بأوكرانيا في الوقت الذي حظيت فيه بثلاث جلسات عمل مع السفارة الأوكرانية بالرباط، لم يتم، للأسف، سوى لقاء وحيد وأوحد مع الوزارة الوصية يوم 29 غشت 2022 بعد ستة أشهر من إلحاح الجمعية على مقابلة السيد الوزير الوصي على قطاع التعليم العالي وذلك بعد التصريح بما اعتبرته في حينه الجمعية حلا جزئيا واقصائيا. هذا الحل الذي يفتقر لأدنى الشروط الأساسية لاجتياز مباريات ولوج المعاهد والجامعات ما هو إلا مناورة من طرف وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار والذي أبدعته بصفة انفرادية والقاضي بإحالة طلبة علوم الصحة على القطاع الخصوصي بعد اجتياز 13 مباراة إقصائية بلغة غير لغات التدريس الأكرانية والروسية والإنجليزية التي يتقنونها نظرا لتلقينهم العلوم والمعرفة بها حين تواجدهم بأوكرانيا. مما يفسر أن الأغلبية الساحقة من الطلبة المعنيين بهذه المباريات التي قد تمكنها من ولوج كليات الطب العام والصيدلة وطب الأسنان الخصوصية عزفوا عن اجتيازها. علما أنهم إضافة لهذا العائق اللغوي طُلب منهم تسليم وثائق ما زالت في حوزة المؤسسات الجامعية الأوكرانية. وكذلك الشأن بالنسبة للطلبة المهندسين بمختلف التخصصات وطلبة الطب البيطري، الحل السحري الذي أدلى به السيد الوزير للصحافة يوم 26 غشت 2022 مباشرة بعد انعقاد المجلس الحكومي الأسبوعي.
هذا وأخيرا وليس آخرا من المؤسف أن يتم صدور بلاغات من طرف بدءا بجمعية طلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان بالمؤسسات العمومية المغربية ومرورا بتنسيقية الطلبة المهندسين وتلاميذ الأقسام التحضيرية وانتهاء بجمعية المهندسين الممارسين أنفسهم والتي يرفض أصحابها إدماج الطلبة العائدين قسرا من أوكرانيا في المؤسسات العمومية التي تمول بالمال العام، من المؤسف أن لا الوزارة الوصية ولا الحكومة نفسها لم يحركا ساكنا للدفاع على الطلبة المغاربة بأوكرانيا. مما يعطي الانطباع بأن الوزارة الوصية بإيعاز من بعض اللوبيات المعروفة هي التي حرضت على صدور هذه البلاغات النارية التي تستصغر من مستوى الطلبة المغاربة بأوكرانيا والقيمة العلمية للدراسة بالمؤسسات الجامعية الأكرانية التي تخرج منها مئات بل آلاف الأطر المغربية بمختلف التخصصات.
يتضح من كل ما ورد من سلوك للطلبة المسجلين بالمؤسسات الجامعية المغربية ومن تصرفات جميع المسؤولين الذين لهم صلة بملف طلبة المغرب بأوكرانيا وعلى رأسهم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار أن ما يميز قضية الطلبة العائدين قسرا من أوكرانيا هو سوء تدبير هذا الملف على كل المستويات.