حكمة المبدع أو مونولوغ بمناسبة تخليد اليوم العالمي للفلسفة
مصطفى المنوزي
قد يراجع الفرد منا ، بين الفينة والأخرى ، بعض تدويناته ومقالاته أو خربشاته وقفشاته القديمة أو يعيد قراءتها من باب التسلية والتذكر ؛ والتي يكون قد حررها في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات ، أي خلال العشرية اللاحقة على العشرية ( 1989/1979) ، أي ما يسمى بزمن النضج والعطاء الشبابي ، وقد يحاول التوقف عند بعض المصطلحات التي استعملها أو أبدعها أو تفاعل معها والتي تحولت إلى مفاهيم إجرائية وتطورت بتعاون وشراكة مع المقربين منه فكريا وسياسيا حتى ، أي ما يسمى بالحلفاء ، رغم أن البعض ( الشاذ عن السياق ) كان يتعامل مع المجهود الإبداعي في عملية إنتاج المصطلحات بتبخيس وتنقيص أو استهتار ، فمثلا كان هم الغيورين والأوفياء التحذير من غلو النزعة الإثنوغرافية و التي قد تتمخض عن الحوار العشوائي بين دعاة دسترة الأمازيغية والمناوئين لهذا المطلب ، بنفس القدر الذي كانوا يسخرون من المقترح المتعلق بإدراج مهمة تدبير الاختلاف ضمن أهداف العمل الجمعوي المسطرة في القوانين الأساسية للجمعيات ذات الصلة بالمواطنة والتنمية والثقافة ، والذي تطور تلقائيا في الفضاء العمومي ، قبل وبعد ميلاد التواصل الافتراضي ، وهذا تحصيل حاصل بالحوار والتعاون بأن إرتقى إلى غاية تدبير المشترك أولا كحد أدنى ، وكمدخل لتجويد تدبير المختلف حوله . وهناك كثير من المصطلحات والمفاهيم التي تحولت مع الفعل والتفعيل اليومي إلى مقاربات يتم بها تأطير الفعل السياسي والحقوقي والثقافي القانوني ، وهنا وجب التذكير بما فعله مصطلح التداول والتوافق والتراضي والنتيجة تسطير خرائط ذات وقع بين على التعاقدات السياسية ، وكما هو الحال بالنسبة لمصطلح » الحقيقة القضائية » والتي عوض بها الحقوقيون والإصلاحيون مصطلح العدالة غير المكتملة ، وذلك بالنظر إلى قصور مسلسل الأمن القضائي في العلاقة مع النزاهة والحياد والاستقلالية وإشكالية إرساء مبدأ عدم الإفلات من العقاب ؛ ولربما الذاكرة لا تسعف لبسط كثير من المصطلحات الإجرائية التي تم إبداعها داخل الحاضنات التي أسسناها شراكة وكونتنا ، كمن يبني الطريق والطريق تبنيه ؛ ولعل ما نطمح إلى تنمية ملامحه في نفس السياق ، وتجويد معانيه وأبعاده هو المفهوم الجديد للعدل وهو أرقى تجليات المفهوم الديمقراطي للسلطة ، والذي حاولنا تأطيره معرفيا ضمن فلسفة القانون / الحق في سياق التعايش مع دينامية العدالة الانتقالية من أجل طي صفحة الماضي مع الوعي بأن النظام يتكيف دون ان يتحول ، طبعا لا طي لصفحة الماضي الذي لا يريد أن يمضي سوى بحسن قراءة الصفحة ، و حيث لا يمكن قراءة تاريخ وقائعنا ومواقعنا المغربية سوى ضمن تمثلنا الواعي لتاريخ الوطن وفق سياق ثنائية العنف / التسوية ، أي ضمن السرديات الأمنية والتي تعتبر من حيث التشخيص والتقييم منتوجا أثمر كافة أنواع السرديات بعد ان كانت تعتبر وتتصور على أنها مخاضا لبعضها البعض يوهم بقرب تحقيق المصالحة الوطنية ، مع أن المصالحة مسلسل وصيرورة لها تعقيداتها وكلفتها ، وكان للدولة عظيم المسؤولية في عدم استكماله حلقاته لأن وعي مهندسي العقل الأمني سقط في العدم فتعثر الانتقال الأمني ؛ والذي بدونه ( أي التحول في العقيدة الأمنية للنظام السياسي ) يستحيل أي انتقال دستوري وبالأحرى الانتقال الديمقراطي ، فهل يعقل أن نبرر التطبيع مع التناقضات التناحرية بشرعنة إعدام التحالفات التاريخية أو الاستراتيجية ؟