ميكروفون العاهرة
بالقاسم امنزو دكتور في التواصل السياسي
كثر القيل والقال، وتعددت الروايات، وتناسلت التأويلات حول ظاهرة اجتاحت بعض الدواوير في الأعالي، لم يسلم منها أغلب الشباب سواء الذين لازالوا يتابعون دراستهم، أو الذين يشتغلون في مختلف القطاعات، أو الذين يبحثون عن شغل.
انتبه حكماء القبيلة إلى هذه الظاهرة، وفطنوا إلى أن أغلب شبان قبيلتهم صاروا لا يستطيعون الاستيقاظ من النوم في رمضان وغير رمضان إلا بعد آذان العصر، فتمّ إخبار السلطات المختصة التي أرسلت أطباء وممرضين إلى عين المكان، لكن الفحوصات والتحليلات التي تم القيام بها لم تأت بجديد، ليتم تفسير الظاهرة بالتغيرات المناخية في المنطقة.
ذكاء حكماء القبيلة قادهم إلى فتح تحقيق معمق حول أسباب هذه الظاهرة، وهو ما أفضى إلى اكتشاف السر الشيطاني الذي غيّر أحوال شباب القبيلة، وخرّب عاداتهم وسلوكهم.
إنها أشرس عاهرات الدوار وأقدمهن في ميدان « بيع الهوى » التي عملت على استدراج هؤلاء الشباب في جو « التنكيت » والتسلية وسرد القصص، وقذفت بهم في رهان الإغراء؛ تُمَنّي الشاب الذي لن يستسلم للنعاس بأن يفوز بالنوم في أحضانها، ويحظى منفردا بها، تغدق عليه ما يغرقه في لجّة غوايتها، وذلك بعد أن يستسلم الآخرون ويغادروا.
هكذا يكون هذا « الرهان » وهذا الطعم، منشطا ومحفزا على السهر كل ليلة، حيث يظن كل شاب أنه سيفوز ب »الوزيعة »، بعد أن ينال التعب من الآخرين وينصرفوا ليبقى وحيدا سيد الميدان.
لكن هيهات، فلا أحد يفوز؛ حيث يبقى الجميع متأهبا حتى آذان الفجر، لتقول لهم: « كاملين ترجلتوا الليلة، أعانكم الله »؛
وتتوالى الأيام والأسابيع والشهور…وهي تضرب لهم الموعد تلو الموعد في كل غد يتجدد مع طليعة كل مساء، بنفس الطقوس ونفس الرهان، فلا شيء يتغيّر، وهكذا دواليك، حيث ميكروفون العاهرة يمارس طقوس الغواية، وشباب القبيلة ينساق خلف إغراءاته، ويتخبط في وحل غوايته.