تعيين عبد الحق نجيب سفيراً للاتحاد العربي للثقافة
علال بنور.
في نهاية عام 2025، عُيّن عبد الحق نجيب، الكاتب والصحفي والمفكر المغربي، سفيراً للاتحاد العربي للثقافة، أحد أبرز المنظمات الثقافية والفنية في العالم العربي. ويأتي هذا التعيين تقديراً لجهوده الفكرية والتزامه بحقوق الإنسان.
يأتي هذا التكريم، إلى جانب جائزة التميز التي نالها من اتحاد الكتاب العرب، ويكرم إسهاماته الجليلة في الفكر والثقافة الإنسانية، والتزامه بالسلام والحوار بين الثقافات. وتحتفي هذه الجائزة بمسيرة أدبية غزيرة ومتعددة الجوانب. فقد كرّس عبد الحق نجيب أكثر من ثلاثة عقود للثقافة والفنون والتأمل الفكري. ألّف أكثر من مئة عمل فلسفي، وعشرات الروايات، ومجموعات شعرية، ومقالات في الفنون والأدب والعلوم السياسية، متجاوزًا بذلك الحدود الثقافية لبناء جسور التواصل بين الشعوب. وتتناول أعماله، التي تتسم بسعي دؤوب نحو الارتقاء بالروح الإنسانية، مواضيع متنوعة كأزمة القيم، والديمقراطية، والسلام، ودور الفنون كأداة للتنمية: « أشعر بالامتنان والفخر لتحمّل هذه المسؤولية، لا سيما في هذا الوقت من تاريخنا المشترك الذي نحتاج فيه بشدة إلى تعزيز القيم الإنسانية التي ترتقي بنا وتحمينا من الرداءة المستشرية التي تتغلغل بعنف وبلا هوادة في المجتمعات الحديثة، مُلحقةً الضرر بكل شيء ».
يُعدّ الكاتب شخصية بارزة في الصحافة المغربية، حيث يقدّم برنامجًا ثقافيًا على التلفزيون الوطني على مدى السنوات الاثنتي عشرة الماضية، إلى جانب إلقاء العديد من المحاضرات والمشاركة في فعاليات حوارية حول الأحداث الجارية بالمغرب والقطر العربي. ويعمل حاليًا على فيلم ثانٍ وكتاب تحليلي حول سقوط الإمبراطورية العربية والإسلامية، مُجسّدًا بذلك فكره النقدي ورؤيته الشاملة.
بالنسبة لعبد الحق نجيب، يُمثل هذا التكريم مسؤولية عظيمة: عمل المفكر هو الحضور والملاحظة والتحليل والتساؤل، وقبل كل شيء، عدم الاكتفاء باليقينيات »، مُحافظًا على سعيه الدؤوب للمعرفة المُثرية بالشك والتأمل.
بعد أن حاز على جائزة الأكاديمية الإلهية للفنون والآداب في باريس عام 2018، ثم عُيّن سفيرًا كبيرًا للأكاديمية نفسها عام 2019، نال عبد الحق نجيب لقب رجل الثقافة العربية عام 2020، ثم مرة أخرى عام 2023، وذلك بعد النجاح الذي حققته رواياته: « أراضي الله »، و »ربيع الأوراق المتساقطة »، و »متاهة رئيس الملائكة »، و »الموت ليس شمسًا جديدة »، و »الحرب الأخيرة للجندي المجهول »، وأحدثها « ما يدين به الزمن للأماكن ».
بفضل مسيرته المهنية المتميزة والتزامه الفكري الراسخ، أصبح عبد الحق نجيب صوتًا رائدًا في الفكر المعاصر، مُكرسًا نفسه لخدمة الإنسانية. وقد تُوّج هذا الجهد في عام 2024، عندما صنع التاريخ بإخراجه أول فيلم روائي طويل له، « الهاربون من تندوف »، وهو بمثابة نداء سينمائي ضد الظلم الواقع في مخيمات تندوف. هذا الفيلم، الذي بدأ جولته الأفريقية في يناير 2026، يُسلط الضوء على صراع دبره النظام الجزائري، ويُجسد التزام مخرجه بالحق والعدل. علاوة على ذلك، يتزامن هذا الفيلم مع قرار مجلس الأمن بشأن الحكم الذاتي للصحراء المغربية والخطاب التاريخي لجلالة الملك محمد السادس، الذي وضع تندوف في صميم أولويات الأمة، داعيًا جميع المغاربة إلى التوحد دفاعًا عن إخوانهم المحتجزين في سجون جبهة البوليساريو.
اليوم، اختارت مؤسسة دولية مرموقة المفكر المغربي عبد الحق نجيب ليكون متحدثًا رسميًا باسمها، بهدف تعزيز قيم الحوار والتواصل والتبادل بين شعوب العالم وثقافاته. وقد كان نجيب بالفعل مناصرًا للفنون والأدب والثقافة عمومًا لأكثر من 35 عامًا، حيث صرّح قائلًا: « إن هذا التعيين شرفٌ عظيمٌ لي، ولكنه قبل كل شيء مسؤوليةٌ جسيمة. فخدمة الفنون والثقافة شغفٌ دائمٌ بالنسبة لي. وعلينا أن نبذل قصارى جهدنا، بلا كلل، لضمان أن تجد الثقافة مكانتها اللائقة في المغرب، وألا تبقى مهمشة. يجب علينا الآن أن نعتبر الفنون والثقافة محركًا حقيقيًا للتنمية البشرية ».
