التكوين المهني بالمغرب وتعثر جهود الإقلاع الحقيقي بالمنظومة
علال بنور
لا نشك، في أن بمراكز التكوين المهني أهمية أساسية في المنظومة التعليمية المغربية، باعتبار أن بدايتها لم تكن منعزلة في مراكز خاصة بها، بل كانت بأقسامها وداخليتها متواجدة مع التعليم العام، تجمعهم أسوار مدرسة واحدة.
اليوم، أصبح لمراكز التكوين المهني، مؤسسات خاصة بها، في جغرافيتها وتخصصاتها، مرتبطة بسوق الشغل ومتطلبات وحدات الإنتاج، ولها خصوصية بعيدا عما تتميز به بدول الشمال، حيث ركز مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل بالمغرب، في السنوات الأخيرة على تحديث التخصصات وفق رؤية تتماشى وسوق الشغل، في إطار متطلبات المقاولات لليد العاملة التقنية والتقنية المتخصصة المسايرة للتحولات الاقتصادية الدولية.
فأدى فشل الخطط والمناهج المتبعة في قطاع التكوين المهني، إلى بروز مشاكل ضخمة منها:
– عدم قدرة قطاع التكوين على مد متطلبات السوق بالكفاءات والمهارات المهنية الكافية.
– تعتبر مراكز التكوين المهني ملاجئ لامتصاص العطالة المقنعة الناتجة عن الهدر المدرسي والناتج بدوره عن فشل السياسة التعليمية، لذلك لم تكن هذه المراكز المهنية تهتم بالجودة والكفاءة وخلق الابتكار، بقدر ما هي تلعب دورا اقتصاديا لإعادة الإنتاج.
– حسب نشرات المندوبية السامية للتخطيط وهي مؤسسة رسمية، أعطت احصائيات أن نسبة 23% من نسبة البطالة العامة توجد في صفوف خريجي مراكز التكوين المهني.
– التركيز على التكوين النظري، مع تخلي الإدارة عن دورها الأساسي في التكوين والمتمثل في توفير مؤسسات التدريب الميداني، الشيء الذي يترك المتدربين بين البحث الذاتي عن وحدات الإنتاج والبيع، للتدريب والبحث عن تقارير واشهاد موقع بدون تداريب فعلية، بمعنى غير المحظوظين يلجؤون إلى طرق غير قانونية، وبالتالي يسقطون في التحايل والغش.
– غياب التوجيه الذي يعد ركيزة أساسية في تكوين المتدربين، هذا الغياب يشمل جميع الشعب والتخصصات، خصوصا في مرحلة التداريب الميدانية، يترك الطلبة أمام مصيرهم المغلق الأفق، الشيء الذي يدفع العديد منهم لعملية التزوير، أي البحث عن مؤسسات إنتاجية أو تجارية لوضع خاتم وتوقيع مؤسسة على أساس أنه قام بتدريب.
– ظهور مراكز بمدن صغرى تفتقد لمؤسسات الإنتاج، الشيء الذي يحرم المتدربين من أخذ تداريب استجابة لمتطلبات سوق العمل، وبالتالي عدم تكافؤ الفرص بين متدربي المدن الكبرى والمدن الصغرى. كما تتفاوت المدن في توزيع التخصصات.
– تعدد في الوضعية الإدارية للمكونين – وهم أساتذة ترفض الادرة تسميتهم كذلك – لا تشجع على التكوين. هناك المكونين المؤقتين والمكونين غير الرسميين والمكونين الرسميين مع ضعف التحفيز في الأجور.
– تفتقر مراكز التكوين إلى مكتبات ومقاصف وقاعات للأساتذة.
– غياب مراكز للتوجيه والإرشاد للمتدربين، على الأقل في مستوى التداريب في وحدات الإنتاج خارج أسوار المراكز.
ومن غرائب قطاع التكوين المهني توجد ادارتان عموميتان تشرفان عليه، من جهة وزارة وصية منتدبة تابعة لوزارة التربية الوطنية، مع العلم ان أطر هذا القطاع المهني غير تابعين لمؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية، إذ لا يستفيدون من خدماتها، ومن جهة أخرى تابعين لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل.
فاذا كان المشرفون الرئيسيون على القطاع يطالبون بالجودة والانفتاح على التكنولوجيا الجديدة، لن يتم ذلك الا بالتخفيف من العبء المنزل على كاهل المكون، الذي يشتغل 26 ساعة عمل أسبوعيا، مقارنة مع زميله في التعليم الثانوي الذي يشتغل 21 ساعة عمل في الأسبوع.
ما هي تكلفة تسجيل وإعادة تسجيل الطالب في مراكز التكوين المهني؟ وأين وفي ماذا تصرف المداخيل؟ واجبات التسجيل، يختلف بين المتدرب الحاصل على الباكالوريا حيث يؤدي 900 درهم إضافة إلى 50 درهم واجب الملف، أما االمتدرب بمستوى الباكالوريا، يؤدي 800 درهم إضافة إلى 50 درهم كواجب للملف، فوصل عدد المسجلين للموسم الدراسي 2020 / 2021 الى 400.000 متدربة ومتدربا، إذن كم هي الأموال المحصلة لهذه السنة الدراسية؟
مقال جميل وجد مقتضب
شكرا لك سيد علال على هدة الاستنارة الطيبة وفقك الله