ذاكرة الدبلوماسية فريدة الجعيدي

ذاكرة الدبلوماسية فريدة الجعيدي
شارك

المنظار

من النساء المغربيات اللواتي تركن بصماتهن على مستوى العمل الدبلوماسي السيدة فريدة الجعيدي، والتي ظلت طيلة مسارها المهني معنية ومنشغلة بالقضايا الحيوية للمجتمعات المعاصرة، وكانت منخرطة على أكثر من جبهة في حضور متميز، ظل يؤكد على أن عطاء النساء المغربيات يتمتع بالحيوية والخوض في قضايا العصر بروح من الانفتاح المسؤول على حضارات الشعوب في أبعادها الإنسانية، كرئيسة في منظمة نسائية دولية لقضايا البيئة Environmental Women Association  وهنا نسترد جزءا من ذاكرة هذه المرأة الرباطية سليلة أسرة آل الجعيدي التي كانت لها إضاءات ومشاركات ومساهمات في الثقافة المغربية الدبلوماسية من أمثال ادريس الجعيدي السلاوي والذي ألف في رحلته « إتحاف الأخيار بغرائب الأخبار »، حيث كان يشغل منصب كاتب مرافق للسفير الحاج محمد الزبيدي في سفارته إلى فرنسا وبلجيكا واٍنجلترا وايطاليا في صيف سنة1876م، و قام بتدوين تفاصيل الرحلة السفارية إلى أوربا وهو المؤلف الذي ظل مغمورا في ثقافتنا المغربية.

هذه العائلة التي ظل لها حضور على الصعيد الدبلوماسي في أكثر من شخص من أفرادها بفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية.هنا نعمل على استعادة هذه الذاكرة عبر نقل  ما ذهب إليه الأستاذ صلاح مهداوي على جدار صفحته بالفايس بوك لتقديم الأستاذة فريدة الجعيدي من خلال الحوار الذي أجراه معها حاورها عبدالفتاح الصادقي:

تقديم أهداف والتزامات ومحاور العمل الدبلوماسي:

  • ضروة النهوض بمغاربة العالم لأنهم يمثلون قوة هائلة لفائدة الدبلوماسية المغربية اقتصاديا وسياسيا.
  • تقوية القنصليات بالموارد البشرية والمالية واللوجستيكية يعتبر المدخل الأساس للنهوض بأوضاع مغاربة العالم.

 تنجز الدراسات والتقارير وتقدم التوصيات والمقتراحات من أجل الاستفادة منها والعمل بها وليس وضعها في الرفوف.

  • البعثة الدبلوماسية في حاجة إلى مختلف المستندات التاريخية والقانونية والأشرطة الوثائقية المركزة بمختلف اللغات الحية من أجل تقوية أدوات الترافع.
  • الرفع من فعالية الدبلوماسية الثقافية يقتضي إشراك المثقفين والفنانين والإعلاميين  باعتبارهم  فاعلين غير الرسميين.

تتمتع الدبلوماسية في الوقت الراهن، بأهمية محورية في تدبير العلاقات الدولية في جميع المجالات، ويعتبر العمل الدبلوماسي أداة حاسمة في تنفيذ السياسة الخارجية لكل دولة، ويقوم بأدوار بارزة في معالجة الخلافات وتسوية النزاعات، وتدعيم السلم وتجنب الحروب وإشاعة روح التفاهم والتعاون بين الدول، وتسعى كل دولة إلى توظيف الدبلوماسية من أجل توطيد مركزها الدولي وتعزيز مكانتها ونفوذها في مواجهة الدول الأخرى…

وتتحكم في العمل الدبلوماسي وتتفاعل معه، سلبا وإيجابا، مجموعة من العوامل المتداخلة محليا وإقليميا وقاريا، تشمل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، إلى جانب العوامل المتعلقة بالفاعل الدبلوماسي نفسه، من حيث تكونيه وخبراته ومهاراته وطبيعة علاقته بمحيطه المهني والاجتماعي والأسري، بشكل يجعله يتكيف، باستمرار، مع الأحداث والتحولات التي يعرفها العالم، ويتفاعل مع مراكز القرار والقوى المتحكمة في تدبير مختلف الملفات الإقليمية والدولية …

من المؤكد أن الفاعلين الدبلوماسيين من السفراء والقناصلة والممثلين الدائمين، يساهمون في التأثير في العوامل والمتغيرات  الدولية، حيث تمكنهم مؤهلاتهم وخبراتهم من الانخراط بفعالية في الممارسة الدبلوماسية المؤثرة على السياسة الخارجية والعلاقات الدولية، بشكل يضمن الإشعاع الدولي لبلدانهم، وتقوية مكانهم الدولية، أو يحصل العكس تماما، عندما  يفتقد هؤلاء الدبلوماسيين للكفاءة والخبرة المطلوبتين، فيعجزون على القيام بأدوارهم كما يجب…

والواقع أن العمل الدبلوماسي مليء بالوقائع والطرائف الغريبة التي تسجلها ذاكرة العلاقات الدولية، وتواجهه الكثير من الإكراهات والصعوبات والتحديات ذات الطبيعة الإنسانية واللوجيستكية والسياسية، التي تجعل الفاعلين الدبلوماسيين وفرق عملهم وأسرهم، مضطرين إلى الانخراط في فضاءات مختلفة، والتكيف مع بيئات جديدة وظروف مغايرة، والتفاعل مع مواقف  وتوجهات متناقضة، في كثير من الأحيان. والعمل الدبلوماسي مليء أيضا، بالألغاز وبالخبايا والأسرار، التي قد تتجاوز، في بعض الأحيان، حدود الخيال، ومن أجل اكتشاف بعض العوالم الخفية للعمل الدبلوماسي، اختارت العلم ركوب سفينة المغامرة، عبر لقاءات مفتوحة مع مجموعة من الدبلوماسيين المغاربة الذين راكموا تجارب غنية بعملهم الدؤوب خدمة لمصالح وقضايا بلدهم، والذي غالبا ما يتم في هدوء بعيدا عن الأضواء …

وتتوفر المملكة المغربية على شبكة دبلوماسية مهمة التي تشمل تدبير العلاقات الثنائية من خلال السفارات والقنصليات، وتدبير العلاقات المتعددة الأطراف من خلال الممثلين أو المندوبين الدائمين…

 من المهام الرئيسية للعمل الدبلوماسي تمثيل  المملكة المغربية  والدفاع عن مصالحها والعمل على تعزيزها في جميع المجالات  التي تحظى بالاهتمام على الصعيد الدولي، والعمل في إطار المجتمع الدولي على تحقيق السلام والأمن وحماية حقوق الإنسان والمساهمة في تنظيم العولمة من أجل التنمية المستدامة والمتوازنة وتدبير العلاقة مع المواطنين المغاربة الذين  يقيمون في الخارج…

 ويتوزع العمل الدبلوماسي على  مجالين كبيرين، يهم الأول  الدبلوماسية السياسية، عبر الدفاع عن مصالح ومواقف  المملكة في ميادين الدفاع والأمن، وحقوق الإنسان، والدبلوماسية الاقتصادية والتنمية ، والدبلوماسية الثقافية، والأمن الروحي  وغيرها، والمشاركة في بلورة  وتدبير  السياسة الخارجية للمملكة  وتمثيلها  في المنظمات الدولية…

أما المجال الثاني فيهم الدبلوماسية الاقتصادية، من خلال الدفاع عن مصالح المملكة والمقاولات الوطنية ومنتوجاتها في الفضاءات الدولية، والمساهمة في العمل على  تطوير  القواعد الدولية المتعلقة بتدبير الأنشطة الاقتصادية بما يخدم مصالح المملكة، وتعزيز جاذبية المغرب أمام الاستثمارات الخارجية والشركات الأجنبية …

ونستهل هذه اللقاءات بحوار مع الأستاذة فريدة الجعيدي التي يعتبرها زملاؤها من الدبلوماسيين القدامى، واحدة من الدبلوماسيات المغربيات، التي عرفت بالجدية والتفاني في العمل، وكانت ثاني مغربية تتولى منصب سفيرة بعد الأميرة لالة عائشة، التي أوكلت لها هذه المهمة الاستراتيجية، حيث مثلت نموذجا نوعيا  للمرأة المغربية الطموحة، القادرة على مواجهة جميع الإكراهات والتحديات، واستطاعت تمثيل بلدها خير تمثيل على الصعيد الدولي، والقيام بمهامها في مختلف المحطات على أفضل وجه، وبذلك نالت الاحترام والتقدير في الداخل والخارج…

وهذا نص الحوار:

 س ـ كيف كان التعاطي مع ملفات مغاربة العالم سواء في بلدان الاستقبال، أوحين عودتهم إلى  الوطن الأم ؟

ج: إنه سؤال جوهري، حاولت الإجابة عليه بعض الدراسات والتقارير التي أنجزتها مؤسسات ذات مصداقية، كما هو الشأن بالنسبة لتلك التي أعدها المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية ،ومجلس الجاليسة المغربية بالخارج، والبرلمان من خلال المهمة الاستطلاعية البرلمانية بخصوص بعض القنصليات المغربية ببعض الدول، بالإضافة إلى التقارير التي يعدها مغاربة العالم ومنظمات المجتمع المدني بالمعنية بالموضوع، والواقع أن هناك نوعا من التقاطع والتكامل بين هذه الدراسات، التي تؤكد خلاصاتها على ضروة النهوض بمغاربة العالم لأنهم يمثلون قوة هائلة لفائدة الدبلوماسية المغربية اقتصاديا وسياسيا…

لا شك أن بلادنا أولت أهمية كبرى لهذه الفئة من المواطنين المغاربة ، حيث سعت دائما إلى توفير السبل الكفيلة بحمايتهم والنهوض بأوضاعهم قانونيا ومؤسساتيا وتنظيميا، وفي هذا الإطار لابد من الإشادة بالدور الذي تلعبه مؤسسة محمد السادس للمغاربة المقيمين بالخارج، وأيضا مؤسسة محمد الخامس  التي تسهر على توفير أفضل الظروف من اجل استقبال المغاربة المقيمين في الخارج في إطار عمليات « مرحبا « ، والتي تهم مختلف باحات الاستراحة ومراكز الاستقبال المتواجدة بالمواني والمعابر  والمطارات  بالداخل، ومراكز الاستقبال  بأوروبا…

 س ـ لا شك أنكم اطلعتم على نتائج تقرير المهمة الاستطلاعية البرلمانية بخصوص بعض القنصليات المغربية ببعض الدول،  ماهي  ملاحظاتكم بهذا الخصوص ؟

ج: سأحاول أن أكون موضوعية قدر المستطاع في جوابي على هذا السؤال. إن الوقوف عند المشاكل التي تواجه المواطنين المغاربة القاطنين بالخارج، والعمل على معالجتها أمر ضروري وملح، فما هو دور القنصليات إذا لم تهتم بهذا الجانب؟ ولكن ذلك لا يستقيم دون الوقوف عند الإكراهات الحقيقية التي تعانيها القنصليات المغربية ، والإسراع بإيجاد الحلول الملائمة لها.  لقد لاحظت أن التعاطي الإعلامي والمناقشات داخل البرلمان بخصوص تقرير المهمة الاستطلاعية المؤقتة إلى بعض قنصليات المملكة المغربية بالخارج، ركز بشكل كبير على مشاكل أفراد الجالية المغربية، في حين كانت المناقشات حول أوضاع القنصليات ومتطلبات تدبيرها محتشمة، ودون المستوى المطلوب، كان من المفروض أن يكون هناك نوع من التوازن في مناقشة الموضوعين، ومن خلال تجربتي المتواضعة، أوكد أن النهوض بأوضاع القنصليات وتقويتها بالموارد البشرية واللوجستيكية ، وتوفير الموارد المالية الضرورية ، يعتبر المدخل الأساس للنهوض بأوضاع أفراد الجالية المغربية، والتجاوب مع انشغالاتهم وتلبية  انتظاراتهم … والواقع أن التقرير المذكور قدم مجموعة من التوصيات التي تسعى إلى تحسين أداء القنصليات بما يتوافق من انتظارات المرتفقين، ومنها  تعزيز القنصليات العامة بالموارد البشرية الكافية لتقديم الخدمات القنصلية للمرتفقين في أحسن الظروف، والنظر في إمكانية تعيين قاض بكل قنصلية عامة، ووضع نظام هيكلي موحد لكل المراكز القنصلية يتضمن الحد الأدنى من المصالح الإدارية، وتعيين محاسب واحد لكل قنصلية مع مساعد له، وتعزيز خدمات مراكز الاستماع بالقنصليات، والوقوف عند حسن تشغيل الرقم الأخضر لتلقي الطلبات والاستفسارات، وتثمين سياسة الوزارة في عقلنة الموارد البشرية وتعزيز البنيات التحتية من خلال إعادة تهيئة القنصليات الحالية وشراء مقرات جديدة… بطبيعة الحال إلى جانب التوصيات التي تهم المرتفقين ، كالدعوة إلى تمكين الأم المطلقة الحاضنة من الولاية الشرعية على الأطفال المحضنين، واعتماد الطلاق الاتفاقي الأجنبي بالدول المعتمدة له، والرفع من مدة صلاحية عقود الازدياد إلى سنة عوض ستة أشهر بالنسبة لمغاربة العالم، وإعادة النظر في صلاحية جواز السفر لتصل إلى عشر سنوات بدل 5 سنوات، وتشجيع الانخراط في التأمين على الوفاة لأفراد الجالية من خلال تحفيزات جديدة…

س : من الملاحظ أن  المسؤولين في بلادنا  ينجزون الكثير من الدراسات والتقارير في مختلف المجالات وتصدر معها التوصيات والمقترحات، ومنها تلك التي تهم الموضوع الذي نحن بصدد مناقشته، ولكنها تظل حبيسة الرفوف ولا يتم تنفيذ  إلا  القليل منها، كيف السبيل إلى تجاوز هذا الإشكال؟

ج : من المفروض أنه يتم إنجاز  الدراسات والتقارير من أجل أن نستخلص منها الدروس، وبلورة خطط العمل المستقبلية بعد الوقوف عند الإكراهات ونقط الضعف وعناصر القوة. وتقدم التوصيات والمقترحات من أجل الأخذ بها وتنفيذها، ولذلك من  الواجب الاستفادة من مختلف الدراسات والتقارير التي أنجزت في هذا المجال، ومنها تلك التي أنجزها المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية تحت عنوان « الدبلوماسية الثقافية المغربية: مقترحات لنموذج متجدد »، وهي دراسة مقارنة لسبع دول من قارات مختلفة، ركزت على طبيعة المنتوج الثقافي المغربي الذي يجب تثمينه على الصعيد الخارجي، وعلى المداخل الكبرى التي يمكن أن يقدم بها المغرب في الخارج، وكذا على الفاعلين الذين يمكنهم القيام بهذه الأدوار…

 س : من هم هؤلاء الفاعلون ؟ وماهي طبيعة أدوارهم ؟

ج: هناك الكثير من الفاعلين الرسميين وغير الرسميين الذين قد يشاركون، من موقعهم في إطار من التنسيق وتكامل الأدوار، في تقوية دور الدبلوماسية الثقافية الهادفة إلى ضمان إشعاع قوي للمملكة المغربية على الصعيد الدولي، بما يخدم قضاياها الحيوية سياسيا واقتصاديا، وفي هذا المجال أشير، على سبيل المثال، إلى مجلس الجالية المغربية بالخارج، الذي راكم تجربة يجب الاستفادة منها، حيث أعد العديد من الدراسات والإصدارات المتعلقة بالهجرة المغربية  والتي تهم التاريخ والرياضة والتعبيرات الفنية والأدبية وغيرها، إضافة إلى تنظيمه للعديد من  الندوات والمعارض  والمشاركة في أنشطة ولقاءات  داخل وخارج المغرب، وهي كلها أعمال، يمكن أن تحفز  الكفاءات المغربية بالخارج، وتضمن تعبئتهم من أجل  المساهمة في إنجاح دور الدبلوماسية الثقافية، وتحقيق التنمية الشاملة لبلدهم، وانطلاقا من ذلك أعتقد أن  الأطر والكفاءات المغربية بالخارج، يعتبرون من الفاعلين المحوريين في هذا المجال، وقد أكد المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية على الأهمية التي يجب أن يحظى مغاربة العالم  باعتبارهم عنصرا أساسيا في الرفع من فعالية الدبلوماسية الثقافية للمملكة، وهناك أيضا المثقفون والفنانون والإعلاميون الذين يعتبرون من الفاعلين غير الرسميين، حيث  تقتضي الضرورة مساندتهم ودعمهم  من أجل المساهمة في الورش المستقبلي الذي يهم النهوض بالدبلوماسية الثقافية وتحقيق أهدافها التنموية…ويمكن الاشتغال في مجال التكوين بالنسبة لمغاربة العالم، ولمختلف الفاعلين الآخرين من أجل اكتساب تقنيات وأدوات وخطط الترافع على القضايا الوطنية الكبرى، وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية …

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *