مكتب التكوين المهني والاجازات السنوية
فؤاد الجعيدي
أصدر مدير مديرية الموارد البشرية، بمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، مذكرته السنوية ينهي فيها لعلم السادة المديرين الجهويين أن العطلة السنوية برسم الموسم التكويني 2020/2021 بالنسبة للمكونين ستبتدئ من 02 إلى غاية 31 غشت 2021، على أن يتم استئناف العمل بتاريخ 01 شتنبر 2021، هذه المذكرة مؤرخة ب 27 يونيو من السنة الجارية .
ما يثير في هذه المذكرة، أنها لا تتعامل على أساس الإجازة السنوية، فالقانون يتحدث عن إجازة مؤدى عنها، في حين يتعاطى معها مدير الموارد البشرية على أساس أنها عطلة، وتفيد المعاجم اللغوية أن اسم عطلة وجمعها عطلات وعطل، وهي بقاء العامل بدون عمل، وهناك العطلة لمدة يوم أو أكثر، يتعطل فيها العمل ويوم عطلة هو يوم بطالة، وهناك العطلة الرسمية التي يتوقف فيها العمل في الدوائر الرسمية للدولة. والمصطلح في جميع السياقات يعني البقاء بلا عمل.
أما الإجازة السنوية، فهي إحدى الحقوق الذي أثبتها المشرع لفائدة المستخدم والموظف، من أجل التمتع بالراحة والترفيه، ومن أجل تجديد قوة العمل بعد جهد سنوي من الأداء البيداغوجي المتعب، وتدبير التكوينات لفائدة زبناء المؤسسات التكوينية من متدربين وعمال لتوفير الكفاءات المهنية والمعرفية والتقنية والمهارات التي تتطلبها المواصفات في سوق العمل.
إذن صاحبنا الذي قلنا عليه في سياق سابق بأنه يدير الموارد البشرية بأساليب لا تنهل من ثمار التعاطي مع الموارد البشرية وفق المناهج المعاصرة، بات أمره مؤكد لا تأخذه أيه شبهة، من حيث أنه ينظر للإجازة على أساس أنها عطلة أي توقف على العمل.
ومن هذه الخلفية بات يعد الأيام، ولم يتساهل أن تكون هذه العطلة في بداية غشت بل صاغ قراره على أساس أن تبتدئ يوم الثاني من غشت.
بعد وقوفنا على هذا الفهم الذي هو اليوم مشترك بين العديد رؤساء بالمكتب، ومن أشاعه هو مدير الموارد البشرية، الذي لا يدرك أن من أصعب المهن اليوم هي المهن المرتبطة بتلقين الناس العلوم والمعارف والمهارات والارتقاء بقدراتهم البشرية وانفعالاتهم، لتتوافق وأساليب العمل الحديثة وأن التكوين والتلقين للمهن والحرف، يزداد تعقدا في علاقاته بين المكونين والمتدربين لأسباب لا يحتمل سياق موضوعنا العمل على تحليلها، بل نكتفي بالتأكيد على هذا الطابع المعقد للعمليات التعلمية، والتي لا يدركها مدير الموارد البشرية لأنه لم يسبق له أن جرب واختبر حصة من التدريس والتلقين وما تحتاجه من أدوات بيداغوجية ومناهج في التلقين والتواصل، ومن نتائجها يأخذ الإداريون المؤشرات لعرضها في اللقاءات ويتحدثون حديث الواثق على أمر لم يعملوا على إنتاجه كفعل بيداغوجي مباشر يعود فيه الفضل كل الفضل للذين يوجدون في الخطوط الأمامية وفي المواجهة اليومية مع المتدربين.
لو وقع الإحساس بحجم هذه المسؤوليات الجسام، التي ينهض بها المكونات والمكونون، لما نظر مدير الموارد البشرية أن خاتمة السنة هي عطلة بل إجازة لتجديد قوة العمل، وفترة يستغلها العديد من المكونين لمراجعة الذات فيما ينبغي أن تكون عليه وظائفهم وأداؤهم المهني.
وآثار هذا التخلف في إدارك ماهية الإجازة، جعل من بعض المسؤولين الإداريين ينازعون مستخدمين في حق إجازتهم ويتلكؤون في عدم الموافقة عليها، ولنا من الشواهد ما يدل على أن هناك حالات، تعيش مشاكل اجتماعية خاصة للحصول على الإجازة السنوية، حيث يظل بعض المسؤولين يمانعون ويراكمون لدى المستخدمين إجازات ويعرضونهم بالتدبير السيء إلى حرمانهم من حقوق مثبتة، لأن المشرع لا يبيح مراكمة أكثر من إجازتين وإلا سقط حق الانتفاع بها، إذا لم تؤجل وبقرار إداري.
وبكل بساطة نستنتج خلاصة واحدة بأنه داخل هذا القطاع الاجتماعي، لا زال الطريق طويلا أمام المسؤولين ليراكموا الخبرات، وليتم تأهيلهم اجتماعيا للقدرة على تدبير القطاع بما يستدعيه من تعاطي إنساني رفيع، لأنه قطاع فيه يتم تربية الناشئة من المتدربين على ما ينبغي أن تكون عليه العلاقات الإنسانية في علاقات العمل وعلاقاتها بالمردودية.