دروس وعبر من تاريخ ثورة الملك والشعب
بقلم : عبدالحق الفكاك
عندما أقدم الاحتلال الفرنسي على فعلته الشنيعة، وقام باعتقال ملك البلاد في يوم وقوف الحجاج بجبل عرفة.. يوم العيد الأكبر.. كان يعتقد بجريمته النكراء أنه سيؤكد للعالم بأنه ما يزال يسيطر على الوضع في بلاد المغرب، وأنه بدلك يحاول إهانة المسلمين وتكدير صفوة عيد الأضحى ..
لكن النتيجة كانت عكس ما كان يتوقعه الاحتلال الغاشم، فهو بذلك أعطى انطلاقة الشرارة الكبرى، والانتفاضة الشعبية العارمة في 20 غشت 1953 للمطالبة بالاستقلال والإفراج الفوري عن أب الامة المغربية محمد الخامس طيب الله ثراه ..
ولعل الفرنسيين يومئذ لم يكونوا يقدرون عاقبة الأمور، بل حاولوا تنصيب » ابن عرفة » ملكا على المغرب ضدا على الإرادة الشعبية التي لم تكن تقبل بغير عودة الملك محمد الخامس ..
لذلك سرعان ما خرج من رحم المقاومة علال بن عبدالله .. ذلك الشاب الوطني الغيور الذي باغت موكب المدعو » بن عرفة » فأرداه قتيلا .
من لحظتها تلك لم يخفت لهيب الثورة، فاستشهد من المغاربة من استشهد و اعتقل منهم من اعتقل، وعذب واختطف منهم الكثيرون.. لكن كل ذلك القمع لم يزد المغاربة الا قوة و تباتا ..
بحيث استمرت المظاهرات والمواجهات مع القوات الفرنسية حتى عاد جلالة الملك محمد الخامس مرفوع الهامة ومخاطبا شعبه الوفي: مؤكدا أنه كان يعيش محنة مثل التي يعيشها المغاربة .. إلى أن ختم خطابه التاريخي بقوله رحمه الله » الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ «
تلك بعض المشاهد التي حضرتني بمناسبة حلول ذكرى ثورة الملك والشعب وقد أحببت أن أشاركها مع شباب اليوم لعلهم بذلك يعيدون تقليب صفحات مغربنا المجيدة .
والحقيقة أنه عندما نحيي مثل هاته المناسبات الوطنية فإننا نربط الحاضر بالماضي ونضرب موعدا مع التاريخ حيث تلك الصفحات الخالدة التي سطرها الأجداد بدمائهم الزكية الطاهرة عندما بدلوا الغالي و النفيس في سبيل الحرية و الاستقلال ..
وإذا أراد هذا الجيل أن يقدر قيمة هذا الاستقلال فعليه أن ينظر إلى الشعب الفلسطيني الذي يعاني من سطوة الاحتلال الغاشم ..
و إن على المجتمع المدني الذي انتصر له الدستور الجديد وخوله مكانة متقدمة في المجتمع أن يحافظ على هذا الاستقلال وأن يدعم الاستقرار الذي تنعم به مملكتنا السعيدة من خلال اعتزازه بوطنيته واستعداده اللامشروط للدفاع عن الشعار الخالد : الله – الوطن – الملك .. و كل عام و المغاربة أحرار « …