لا وجود لحق التوبة في السياسة

النقيب عمر الخيراوي

كان ليونيل جوسبان، الكاتب الأول السابق للحزب الاشتراكي الفرنسي والوزير الأول السابق أيضا، مرشحا من طرف حزبه للانتخابات الرئاسية لعام 2002 لمنافسة كل من جاك شيراك، الرئيس المنتهية ولايته، والعنصري جون ماري لوبين، مرشح الجبهة الوطنية. وقد تم إقصاء جوسبان في الجولة الأولى من الانتخابات، وهي حالة غير مسبوقة من قبل، وإن كانت نفس الحالة قد تكررت 15 سنة بعد ذلك في انتخابات سنة 2017 بين إيمانويل ماكرون ومارين لوبين. وكرد فعل على نتيجة الجولة الأولى من انتخابات 2002 أعلن ليونيل جوسبان، ومباشرة بعد ظهور نتائج الدور الأول، استقالته من منصبه كرئيس للحكومة، وانسحابه نهائيا من السياسة، حتى وإن حاول فيما بعد، في الانتخابات الرئاسية لعام 2007، تقديم نفسه كمرشح محتمل إلا أن مناضلي الحزب أبعدوه مطلقا ورفضوا هذا الترشيح، رغم ما هو معروف عن الرجل من الكفاءة والنزاهة والقدرة على العمل.

إن الفرق بين المواطن العادي ورجل السياسة هو أنه من المفروض على هذا الأخير أن يمتلك رؤيا شاملة ويقينية لوضعية البلد، بسلبياتها قبل إيجابياتها، بخيراتها وإمكاناتها، الثابتة منها والتي يمكن توفيرها، أو تلك التي ينبغي الحفر بالأظافر على الحجر لإبرازها للعيان، وقدح زناد التفكير مليا ومعمقا لتقديم الحلول الناجعة لخلق الثروات بالطرق المشروعة، وما ينجم عنها من تأثير إيجابي داخل المجتمع.

إن السياسي إما أن ينجح في تجسيد التصورات والتوقعات التي وعد بها فتتم مجازاته بتجديد الثقة، وإلا وفي حالة الفشل، فعليه أن ينزوي ويتوارى عن الأنظار ويترك المجال لغيره، إذ لا توبة في السياسة مهما كانت العلل والأسباب.

و الله أعلم.